أضحت متحورة أوميكرون (الإثنين) وحشاً لا تمكن السيطرة عليه. فقد حصدت أمس الأول 1.44 مليون إصابة جديدة في أرجاء المعمورة. ووصل العدد الكلي لوفيات العالم بوباء فايروس كورونا الجديد (كوفيد-19) أمس إلى 5.42 مليون وفاة. وسجل العالم أمس 749185 حالة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، رافقتها 6494 وفاة إضافية. وجاءت الولايات المتحدة في صدارة البؤس الوبائي، إذ سجلت في اليوم التالي لعيد الميلاد (26 ديسمبر) 214499 حالة جديدة، و1328 وفاة إضافية؛ فيما سجلت أمس الأول 512553 إصابة جديدة، رافقتها 1205 وفيات إضافية. ومن المفارقات أن العالم سجل أمس (الثلاثاء) محطة مهمة في تاريخ المعركة ضد الفايروس؛ إذ ارتفع عدد جرع اللقاح المستخدمة في 184 بلداً ومنطقة إلى 9 مليارات من الجرع.
وقال خبراء صحيون إن هذا العدد المرتفع للإصابات بأوميكرون، التي غدت المهيمنة على إصابات معظم دول العالم، يعزى في جانب منه إلى التعقيدات البيروقراطية المتعلقة بنظام الإبلاغ عن العدد اليومي للحالات الجديدة، خلال أيام عطلة عيد الميلاد. وأشاروا إلى أن متوسط عدد الإصابات خلال الأيام السبعة الماضية بلغ 841 ألفاً يومياً، بارتفاع عن المتوسط اليومي لإصابات الشهر الماضي نسبته 49%. وعلى رغم ما قيل عن قدرة أوميكرون على التفشي السريع جداً، وعجزها عن إلحاق ضرر صحي كبير بمن تصيبهم؛ فإن التدفق المتزايد على المشافي حول العالم كفيل بإحداث ضغوط مكثفة على الطاقات الاستيعابية للمرافق الصحية. وتتمثل الحقيقة الوحيدة الباعثة للاطمئنان في النفوس في أن عدد الوفيات الناجمة عن السرعة الجنونية لتفشي أوميكرون لم يشهد ارتفاعاً كبيراً؛ إذ بقي بحدود 7 آلاف وفاة يومياً في أرجاء العالم، منذ منتصف أكتوبر الماضي.
وكانت بريطانيا أمّ البؤس الصحي في أوروبا. فقد أعلنت حكومتها أمس، أن عدد الإصابات الجديدة خلال يوم عيد الميلاد بلغ 113628 إصابة، تم تنويم 1281 شخصاً منهم، وهو العدد الأكبر للتنويم منذ منتصف فبراير الماضي. ومن مفارقات الأزمة الصحية أن عدد الإصابات الجديدة في بريطانيا عشية عيد الميلاد (24 ديسمبر) هبط للمرة الأولى خلال أسبوع إلى أقل من 100 ألف حالة جديدة (98515). وكان قد ارتفع قبل عيد الميلاد بيومين إلى 122 ألف إصابة جديدة. ولم يقتصر الشقاء الصحي على إنجلترا وحدها. فقد ارتفع عدد الحالات الجديدة في أسكتلندا في يوم عيد الميلاد إلى 8252 حالة، وإلى 11030 إصابة في اليوم التالي (بوكسينغ داى)، وإلى 10562 إصابة جديدة الإثنين. وقالت الحكومة البريطانية إن العدد الكلي للمنومين بمستشفيات إنجلترا بلغ في يوم عيد الميلاد 1281 شخصاً، مرتفعاً من 1020 شخصاً في اليوم السابق، ومن 735 شخصاً في 18 الجاري. وعلى رغم تمسك رئيس الحكومة بوريس جونسون ووزير صحته ساجد جاويد بأنهما لن يعلنا أي قيود احترازية قبيل حلول سنة 2022، فإن المسؤولين يقولون إن الحكومة ترقب بقلق متعاظم الأزمة الصحية في العاصمة البريطانية لندن، بحيث إذا تجاوز عدد من يتم تنويمهم في المشافي 400 شخص يومياً، فسيتعين في هذه الحال اتخاذ تدابير قد تكسر سلسلة تفشي أوميكرون. وطبقاً للأرقام الرسمية أمس، فإن عدد من تم تنويمهم في لندن في يوم عيد الميلاد وصل إلى 364 شخصاً، بانخفاض طفيف من 390 شخصاًَ تم تنويمهم في لندن عشية العيد. بيد أن عدد المحتجزين في مشافي العاصمة البريطانية ارتفع إلى 2640 شخصاً بحسب أرقام 27 ديسمبر.
جونسون..
يعيش على أعصابه!
على رغم تسجيل بريطانيا أكثر من 100 ألف إصابة خلال الأسبوع الماضي؛ وارتفاع عدد حالات التنويم في مشافي البلاد جراء التفشي الجنوني لسلالة أوميكرون، المتحورة من فايروس كورونا الجديد، فإن رئيس حكومة حزب المحافظين بوريس جونسون يحاول الضغط على أعصابه بأقصى قدر يسعه، قبل أن يتخذ قراراً يتضمن تدابير احترازية قد تسفر عن كبح التفشي الجنوني؛ خصوصاً في لندن، التي أضحت- من دون شك- مركز تفشي أوميكرون. ويأمل جونسون ووزير صحته ساجد جاويد، وهو وزير سابق للداخلية، أن يتمكن البريطانيون من الاحتفال بالصخب المعهود بمقدم سنة 2022، بلا قيود تذكر. على النقيض من مقاطعتي ويلز وأسكتلندا اللتين ألغتا خطط احتفالات رأس السنة. ويقول جونسون وجاويد إنهما يتابعان البيانات الصحية على مدار ساعات اليوم، وإذا أظهرت البيانات أي اتجاه مثير للخوف فإنهما لن يترددا في التدخل، واتخاذ القرار الملائم. وهو أسلوب يعتقد كثير من العلماء والخبراء الصحيين البريطانيين قد يكون مدمراً إذا عمد الفايروس إلى تسريع إفشاء عدواه خلال اليومين القادمين، بحيث سيكون أي تدخل حكومي متأخراً جداً. وفي حال تفاقم آخر في الأزمة الراهنة؛ ستكون الخدمة الصحية الوطنية مهددة بالانهيار تحت وطأة الدفق المتزايد للمنومين بأوميكرون. والمشكلة أن جونسون يخشى إغضاب نواب حزبه، الرافضين أي قيود وقائية، لزعمهم بأنها ستضر بالاقتصاد، وبالشركات التي تجمعهم بها مصالح. ويجمعون على أنه كان يتعين على جونسون أن يبذل جهداً أكبر لكبح التدهور الوبائي، بدل التفرج عليه، بانتظار حكم الأقدار.