منذ ولي الأمير الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ/1727 زمام الأمور في الدرعية أسس اللبنات الأولى لبناء الدولة السعودية الخالدة، وكان الإمام مشهوداً له بحسن السيرة والوفاء وصدق المعاملة وكان شجاعا حازما، ورجلاً كثير الخيرات والعبادة، إضافةً إلى الكرم والسخاء.
وفي عهده تم بناء سور للدرعية عام 1172هـ/ 1758، وكان عبارة عن سورين متوازيين من الطين وبينهما حجارة لتدعيمه، وطوله 7 أكيال وعليهما أبراج، وترأس الجيش وقيادته في الحروب ما بين عامي 1159هـ - 1162هـ/ 1746-1749، وإثر توسع رقعة الدولة السعودية الأولى وانشغاله بإدارة شؤونها عهد بالجيش إلى ابنه عبدالعزيز.
وتؤكد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة منال عوّاد المريطب أن يوم التأسيس من أمجاد هذا الوطن الشامخ إذ تأسست الدولة السعودية الأولى وعلت رايتها خفاقة على يد الامام محمد بن سعود، لتبدأ لبنات الحكم السعودي ترتسم معالمها، فنجحت في ضم معظم مناطق الجزيرة العربية في وحدة سياسية واحدة وعلى مراحل عدة.
وأوضحت أن مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود عُرف بسداد الرأي وحسن التدبير والتدين وكان يحب الخلوة والتأمل ما نمى لديه الحكمة والحنكة السياسية التي أثمرت تحقيق الوحدة والاستقرار لبلاده برؤية مستقبلية ثاقبة، ونجح خلال فترة تاريخية عصيبة في غرس ركائز الوطن بجهود متواصلة ومضنية في مجتمع لم يألف الوحدة ولم ينعم بالاستقرار، وعدّت أبلغ ما قيل في وصف أوضاع المنطقة قبل حكم الإمام محمد بن سعود «أن البلاد كانت تعيش في رعب دائم بين عدو يأخذها بالقهر، وحليف يأخذها بالغدر» فتمكن الإمام محمد بن سعود بخبرته وحنكته السياسية والعسكرية من جمع الشمل إثر الشتات، وبناء الوحدة، على أنقاض الفرقة فألف بين القبائل المتنافرة والمناطق المتناحرة، واستتب الأمن ونعمت البلاد بالاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي.
ولفتت المريطب إلى أن المتتبع لسيرة الإمام محمد بن سعود ومسيرته التاريخية، ومدة حكمه أربعين عاما حافلة بالعطاء والانجاز قضاها في الوحدة والتأسيس والبناء إلى وفاته في عام ١١٧٩هـ/ ١٧٦٥، فأصبحت الدولة السعودية الأولى موئلا وملاذا للقبائل والمهاجرين، وفي عهده قدم الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية واستقر بها لمكانتها السياسية والاقتصادية البارزة في نجد، فوجد الدعم والتأييد من الإمام محمد بن سعود.
وترى أن ملحمة تأسيس الدولة السعودية الأولى تسجل بمداد من الفخر، لما تحفل به من المآثر والبطولات والإنجازات، والعبر التاريخية ما يحتّم علينا أن نستذكرها وندونها ليتوارث عبقها الأجيال، وأكدت أن تأصيل واستحضار المناسبات الوطنية يزيدنا فخراً واعتزازاً بالجهود التي بذلها قادتنا منذ عهد الدولة السعودية الأولى لبناء منظومة وطنية وارفة الظلال، ما يعمّق لدينا الانتماء والمسؤولية الوطنية في الحفاظ على وطن تسمو وتزهو إنجازاته منذ ما يزيد على 300 عام.