غدت أوروبا أمام واقع جديد، بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا. فهذه هي المرة الأولى التي تندلع فيها حرب في قلب القارة الأوروبية، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وهو واقع وضع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) على حدِّ السكين؛ إذ إنها لا تريد حرباً. لكن أي عدوان روسي على أعضائها من الدول الواقعة شرق القارة لن يترك لها خياراً سوى الحرب. وهو احتمال يحمل في ثناياه كل صور الجحيم؛ خصوصاً إمكان أن يتحول النزاع إلى حرب نووية؛ وإن كان ذلك مستبعداً حتى الآن، على رغم لغة العقوبات القاسية التي تسود المشهد راهناً. وبالطبع ليست هناك حرب أشبه بالنزهة. فقد تصور الرئيس فلاديمير بوتين أنه في غضون يومين سيقهر أوكرانيا، ويحتل العاصمة كييف، ليفرض الحكومة الأوكرانية الموالية له. غير أن مقاومة الشعب الأوكراني للغزاة أخرجت خطط موسكو عن مسارها. وعلى رغم أن الغزو الروسي قضى على الاعتقاد الغالب عن بوتين باعتباره زعيماً براغماتياً؛ إلا أنه لا يزال ثمةَ هامش ضيق لوقف الحرب، ومنع قصف المدنيين بالصواريخ، وبدء مفاوضات سلام مع أوكرانيا لتحديد أُطر السلام المنشود، خصوصاً أن كييف تقول إنها لا تمانع في أن تكون «بلداً محايداً»، ما من شأنه القضاء على مخاوف الكرملين من انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.