ترسم الأقدار للبشرية مساراتها، ويقضي البعض حياته في البحث عن نفسه، متسخطاً وفاقداً القدرة على تحقيق بعض ما يصبو إليه، ويغفل عمّا للتوفيق من أسباب، وما للنجاح من مقدمات، يتبوأ ذروة سنامها الضمير الحي، والأدب الجمّ، والنوايا الحسنة، والخلق الراقي.
وأديب الدعاة، وداعية الأدب النفيس عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس -عليه رحمة الله- نموذج للكفاح الإنساني، وشخصية جديرة بالتأريخ لها، واستحضار منجزها، وتهجي سيرتها، المخضبة الحروف بالصبر والمجاهدة، (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا، وإن الله لمع المحسنين).
من بلدة (حرمة) في الوشم، كان ميلاد فجره الأول، والوشم بوابة شمالية للعاصمة السعودية الأولى (الدرعية) وذكرها الشعراء الأوائل، منهم طرفة بن العبد (لخولة أطلال ببرقة ثهمد، تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد) وأعاد جُغرافيون تسمية الوشم إلى المزارع المتناثرة والمتقاربة بشكل يشبه الوشم باليد.
في عام 1347هجرية - 1928م وُلد الأديب (عبدالله بن ادريس) لأب فلّاح وأمّ اشتهرت بالصلاح واستجابة الدعاء، وفي السادسة من عمره أدخله أبوه ما يُعرف بالكُتّاب، ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ويحفظ قصار السور، فبزّ أقرانه، ولفت انتباه أساتذته، فاحتفلت البلدة بنجاحه، وقرر والده السفر به إلى الرياض، ليستكمل طلب العلم بها. ولم تكد فرحة الطفل تكتمل بالإنجاز الأول، إلا وباغتته الصدمة الأولى بفراقه لأبيه، ليعود أديبنا لمسقط رأسه، ويشتغل بالفلاحة في النخل أعواماً، ليستسمح من والدته وإخوته مستأذناً للسفر إلى الرياض مجدداً، وطلب العلم على يد مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم.
ولإخلاصه في طلب العلم ونبوغه تم تعيينه مدرساً في المدرسة الفيصلية الابتدائية بالرياض، وآن سمع بافتتاح المعهد العلمي في الرياض بادره ليدرس فيه الثانوية، ويتلقى العلوم على أيدي أفذاذ منهم الشيخ عبدالرزاق عفيفي، وعلّامة الجزيرة حمد الجاسر (رحمهما الله)، وأسهم طموحه النوعي، ودعاء ورضا الوالدين المباركين الصالحين في الأخذ بيده ليدرس في كلية الشريعة بالرياض، ويحوز شهادة الليسانس في الشريعة واللغة العربية عام 1376 هـ، ضمن أول دفعة، ليتعين مفتشاً في المعاهد العلمية، و يسافر إلى معظم المناطق، ومن شغفه بالصحافة وثّق رحلاته كتابةً، ونشرها في الصحف، وانتقل للعمل مساعداً للمدير العام للتعليم الثانوي بوزارة المعارف، ثم مديراً لإدارة التعليم الفني.
افتتن الراحل بالشعر حفظاً وكتابة، وتعلّق بالصحافة باعتبارها آية ذاك الزمن، كما قال أمير الشعراء (لكل زمان مضى آيةٌ، وآية هذا الزمان الصحفْ)، فحضر بثقافة واطلاع واسعين، ونالت مقالاته قبولاً، وحازت قصائده الإعجاب، ثم أعيرت خدمات ابن إدريس إلى مؤسسة الدعوة الصحفية رئيساً لتحرير جريدة «الدعوة» الأسبوعية، ثم اُختير أميناً عاماً للمجلس الأعلى للعلوم والفنون والآداب، وأميناً عاماً لجامعة الإمام، ثم مديراً للدراسات العليا والبعثات، ومديراً عاماً للثقافة والنشر العلمي، ورأس مجلس إدارة نادي الرياض الأدبي قرابة رُبع قرن.
وفي أكتوبر الماضي 2021 اختاره الله لجواره، وأبقى فينا من سيرته (ذِكراً حسنا)، ومن أولاده لصلبه نماذج وعي وإبداع وتمدن، ومن بنات فكره وثمرات وجدانه (في زورقي، وإبحار بلا ماء، وشعراء نجد المعاصرون، وكلام في أحلى الكلام، وعزف أقلام، وقافية الحياة، وهي أمتي).
وأديب الدعاة، وداعية الأدب النفيس عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس -عليه رحمة الله- نموذج للكفاح الإنساني، وشخصية جديرة بالتأريخ لها، واستحضار منجزها، وتهجي سيرتها، المخضبة الحروف بالصبر والمجاهدة، (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا، وإن الله لمع المحسنين).
من بلدة (حرمة) في الوشم، كان ميلاد فجره الأول، والوشم بوابة شمالية للعاصمة السعودية الأولى (الدرعية) وذكرها الشعراء الأوائل، منهم طرفة بن العبد (لخولة أطلال ببرقة ثهمد، تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد) وأعاد جُغرافيون تسمية الوشم إلى المزارع المتناثرة والمتقاربة بشكل يشبه الوشم باليد.
في عام 1347هجرية - 1928م وُلد الأديب (عبدالله بن ادريس) لأب فلّاح وأمّ اشتهرت بالصلاح واستجابة الدعاء، وفي السادسة من عمره أدخله أبوه ما يُعرف بالكُتّاب، ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ويحفظ قصار السور، فبزّ أقرانه، ولفت انتباه أساتذته، فاحتفلت البلدة بنجاحه، وقرر والده السفر به إلى الرياض، ليستكمل طلب العلم بها. ولم تكد فرحة الطفل تكتمل بالإنجاز الأول، إلا وباغتته الصدمة الأولى بفراقه لأبيه، ليعود أديبنا لمسقط رأسه، ويشتغل بالفلاحة في النخل أعواماً، ليستسمح من والدته وإخوته مستأذناً للسفر إلى الرياض مجدداً، وطلب العلم على يد مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم.
ولإخلاصه في طلب العلم ونبوغه تم تعيينه مدرساً في المدرسة الفيصلية الابتدائية بالرياض، وآن سمع بافتتاح المعهد العلمي في الرياض بادره ليدرس فيه الثانوية، ويتلقى العلوم على أيدي أفذاذ منهم الشيخ عبدالرزاق عفيفي، وعلّامة الجزيرة حمد الجاسر (رحمهما الله)، وأسهم طموحه النوعي، ودعاء ورضا الوالدين المباركين الصالحين في الأخذ بيده ليدرس في كلية الشريعة بالرياض، ويحوز شهادة الليسانس في الشريعة واللغة العربية عام 1376 هـ، ضمن أول دفعة، ليتعين مفتشاً في المعاهد العلمية، و يسافر إلى معظم المناطق، ومن شغفه بالصحافة وثّق رحلاته كتابةً، ونشرها في الصحف، وانتقل للعمل مساعداً للمدير العام للتعليم الثانوي بوزارة المعارف، ثم مديراً لإدارة التعليم الفني.
افتتن الراحل بالشعر حفظاً وكتابة، وتعلّق بالصحافة باعتبارها آية ذاك الزمن، كما قال أمير الشعراء (لكل زمان مضى آيةٌ، وآية هذا الزمان الصحفْ)، فحضر بثقافة واطلاع واسعين، ونالت مقالاته قبولاً، وحازت قصائده الإعجاب، ثم أعيرت خدمات ابن إدريس إلى مؤسسة الدعوة الصحفية رئيساً لتحرير جريدة «الدعوة» الأسبوعية، ثم اُختير أميناً عاماً للمجلس الأعلى للعلوم والفنون والآداب، وأميناً عاماً لجامعة الإمام، ثم مديراً للدراسات العليا والبعثات، ومديراً عاماً للثقافة والنشر العلمي، ورأس مجلس إدارة نادي الرياض الأدبي قرابة رُبع قرن.
وفي أكتوبر الماضي 2021 اختاره الله لجواره، وأبقى فينا من سيرته (ذِكراً حسنا)، ومن أولاده لصلبه نماذج وعي وإبداع وتمدن، ومن بنات فكره وثمرات وجدانه (في زورقي، وإبحار بلا ماء، وشعراء نجد المعاصرون، وكلام في أحلى الكلام، وعزف أقلام، وقافية الحياة، وهي أمتي).