يضع الفقهاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم (ألا لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة) منطلقاً للاختلاف في فهم النص وتعدد المذاهب الفقهية، والحديث ينقل لنا صورة نفر من الصحابة، مكلفين بمهمة؛ فدخل وقت صلاة العصر وهم في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتي ديار بني قريظة، وقال الآخرون؛ بل نصلّي؛ لم يُرِدْ منا ذلك. فذُكِر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنّف أيّاً منهم، رواه البخاري.
اختلاف الصحابة في فهم التوجيه النبوي، في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وتحت نظره وعلمه، يعيدنا إلى أن نصوص الدين السماوي قابلة لنسبية الفهم، وتستوعب بكل رحابة تعددية الفهوم المحلحلة للوثوقية، والمهذّبة لحديّة القطعية، وحديث (ألا لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة)، فهم منه البعض أن المراد الاستعجال في السير؛ وفي ذات الوقت تخوَّف من فوات صلاة العصر، فأسرع بالسير وأدى صلاة العصر حين دخل وقتها قبل وصولهم إلى بني قريظة، وبعض الصحابة أخذ بظاهر كلامه صلى الله عليه وسلم فأسرع بالسير ولم يصلِّ العصر إلا في بني قريظة، والنتيجة أن رسول الهُدى لم يُخَّطئ أحداً منهم، ولم يُنكر على من امتثل لحرفيّة دليل أداء الصلاة في وقتها (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا)، ولا عاتب الذين خرجوا عن الحرفيّة، وأجلّوا الصلاة لما بعد خروج الوقت، اعتماداً على فهمهم (المعنى) أو الدلالة؛ فالمُكلّف بعمل دنيوي لا يقبل التأجيل، يسوغ له تأخير الصلاة لإنهاء واجب عملي، وأمانة وظيفية، وليس ذلك تعطيلاً للنص، وإنما من باب تحصيل مصلحتين في وقت واحد، دون مشاحة طالما وقت الأداء يحتمل التأجيل.
وعندما خلق الله -عزّ وجلّ- العقول جعلها بمثابة الرُسل في كل إنسان، كما يقول الإمام أبو حامد الغزالي، والعقل في القاعدة العامة للتشريع الإسلامي (مناط التكليف)، والتكليف يقتضي الوعي بمراد الشارع، والمراد إن لم ينص عليه صراحةً دخل في المسكوت عنه، لإتاحة مساحة عمل للعقل، وما يفهمه العقل بملكاته لا يكون عبثاً لأن النصوص خطاب للعقلاء، لتتحقق التفاعلية، بين فهم ومفهوم، ويترتب عليهما الاستجابة بالامتثال، إلا أن العاجز عن (الفهم) عاجز عن الاستجابة فيكون تكليفه عبثاً والشارع منزه عن العبث، فالعقل بمثابة تأشيرة الدخول لدائرة التكليف.
ومما قاله الكاتب السعودي عبدالله بن بجاد ضمن حواره، في برنامج الليوان (لو طبقنا النسبية على دلالة النصوص، لما وقع التطرف والعنف والارهاب تحت مظلة القطعية) أو قريب من هذا القول، وابن بجاد، شخصية معرفية؛ تجمع بين قدرات الباحث الشرعي، والخبرة بجماعات الدِّين السياسي، والاستيعاب للواقع ومتغيراته.
ومما أغرقنا فيه (الدِّين السياسي) بعلو درجة وثوقيته في الخطاب، استلابه سلطات مطلقة لنفسه، وادعاء القطعية حد العصمة، وعدم القبول بمراجعته، فكل من لا يؤمن ويسلّم بما يقول ويريد؛ يُدرج في خانة أعداء الأمة، وكل عدو للدِّين السياسي يجب الانتقام منه، بالإقصاء، والنبذ، والوأد المعنوي، لاحتمال إضراره بالمشروع من خلال تفريق الأتباع، وإعادتهم لرُشدهم، بالفهم النسبي للنص، دون قطعيات مورّطة في التكفير والتفسيق والتبديع.
اختلاف الصحابة في فهم التوجيه النبوي، في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وتحت نظره وعلمه، يعيدنا إلى أن نصوص الدين السماوي قابلة لنسبية الفهم، وتستوعب بكل رحابة تعددية الفهوم المحلحلة للوثوقية، والمهذّبة لحديّة القطعية، وحديث (ألا لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة)، فهم منه البعض أن المراد الاستعجال في السير؛ وفي ذات الوقت تخوَّف من فوات صلاة العصر، فأسرع بالسير وأدى صلاة العصر حين دخل وقتها قبل وصولهم إلى بني قريظة، وبعض الصحابة أخذ بظاهر كلامه صلى الله عليه وسلم فأسرع بالسير ولم يصلِّ العصر إلا في بني قريظة، والنتيجة أن رسول الهُدى لم يُخَّطئ أحداً منهم، ولم يُنكر على من امتثل لحرفيّة دليل أداء الصلاة في وقتها (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا)، ولا عاتب الذين خرجوا عن الحرفيّة، وأجلّوا الصلاة لما بعد خروج الوقت، اعتماداً على فهمهم (المعنى) أو الدلالة؛ فالمُكلّف بعمل دنيوي لا يقبل التأجيل، يسوغ له تأخير الصلاة لإنهاء واجب عملي، وأمانة وظيفية، وليس ذلك تعطيلاً للنص، وإنما من باب تحصيل مصلحتين في وقت واحد، دون مشاحة طالما وقت الأداء يحتمل التأجيل.
وعندما خلق الله -عزّ وجلّ- العقول جعلها بمثابة الرُسل في كل إنسان، كما يقول الإمام أبو حامد الغزالي، والعقل في القاعدة العامة للتشريع الإسلامي (مناط التكليف)، والتكليف يقتضي الوعي بمراد الشارع، والمراد إن لم ينص عليه صراحةً دخل في المسكوت عنه، لإتاحة مساحة عمل للعقل، وما يفهمه العقل بملكاته لا يكون عبثاً لأن النصوص خطاب للعقلاء، لتتحقق التفاعلية، بين فهم ومفهوم، ويترتب عليهما الاستجابة بالامتثال، إلا أن العاجز عن (الفهم) عاجز عن الاستجابة فيكون تكليفه عبثاً والشارع منزه عن العبث، فالعقل بمثابة تأشيرة الدخول لدائرة التكليف.
ومما قاله الكاتب السعودي عبدالله بن بجاد ضمن حواره، في برنامج الليوان (لو طبقنا النسبية على دلالة النصوص، لما وقع التطرف والعنف والارهاب تحت مظلة القطعية) أو قريب من هذا القول، وابن بجاد، شخصية معرفية؛ تجمع بين قدرات الباحث الشرعي، والخبرة بجماعات الدِّين السياسي، والاستيعاب للواقع ومتغيراته.
ومما أغرقنا فيه (الدِّين السياسي) بعلو درجة وثوقيته في الخطاب، استلابه سلطات مطلقة لنفسه، وادعاء القطعية حد العصمة، وعدم القبول بمراجعته، فكل من لا يؤمن ويسلّم بما يقول ويريد؛ يُدرج في خانة أعداء الأمة، وكل عدو للدِّين السياسي يجب الانتقام منه، بالإقصاء، والنبذ، والوأد المعنوي، لاحتمال إضراره بالمشروع من خلال تفريق الأتباع، وإعادتهم لرُشدهم، بالفهم النسبي للنص، دون قطعيات مورّطة في التكفير والتفسيق والتبديع.