-A +A
محمد الوسمي (مهد الذهب) alwasmi_mh@

لم يغلق شباك أو خوخة آل عمر، حسب شرط السيدة حفصة رضي الله عنها، وعندما أراد الفاروق عمر رضي الله عنه توسعة المسجد النبوي؛ لضيقه على المصلين، استأذن ابنته حفصة رضي الله عنها بهدم حجرتها الواقعة أمام المقصورة الجنوبية بالقرب من موقف الناس للسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام فأبت وأصرت على عدم مفارقتها ثم أذعنت لقول أبيها ورأيه بالتوسعة فوعدها بدار أخرى هي دار عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- الواقعة بمكان الرواق الجنوبي حالياً، فاشترطت عليهم فتح خوخة لها تبقى مفتوحة على الدوام، وتصل بين دارها والحجرة الشريفة لتستأنس بقربها من الحبيب عليه الصلاة والسلام.

ويؤكد الباحث في تاريخ المدينة المنورة الدكتور فؤاد ضيف الله المغامسي أن حجرات أو بيوت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقع في الجهة الشرقية من الروضة المطهرة، ومن هذه البيوت بيت أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تقع في الجهة القبلية أي جنوب المسجد النبوي وجنوب حجرة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وكان بين البيتين طريق ضيق لا يمر المار منه إلا منزوياً، وكانتا تتهاديان الكلام وهما في منزليهما من قرب ما بينهما، وأضاف المغامسي أن جانباً من بيت حفصة -رضي الله عنها- غدا داخل المقصورة والجزء الآخر هو موقف الزائرين بالمواجهة الشريفة، مشيراً إلى أن حجرة أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- مرت بمراحل عدة خلاف بيوت بعض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.

ولفت إلى أن عمر بن الخطاب مدّ جدار القبلة إلى الأساطين التي إليها المقصورة اليوم، ولما احتيج إلى بيت حفصة قالت: فكيف بطريقي إلى المسجد؟ فقال لها: نعطيك أوسع من بيتك، ونجعل لك طريقا مثل طريقك، فأعطاها دار عبيد الله بن عمر.

وأضاف المغامسي أنه وفي رواية؛ أنه لما أراد خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه- الزيادة في المسجد النبوي عام 29هـ قدّم جدار القبلة إلى موضوعه اليوم وأدخل بعض بيت حفصة رضي الله عنها وأعطاها داراً بدلها، مشيراً إلى أنه في زمن الوليد بن عبدالملك وكان أمير المدينة المنورة عمر بن عبدالعزيز عام 88هـ شملت التوسعة الأموية جميع حجرات أمهات المؤمنين عدا حجرة عائشة لوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فأراد عمر بن عبدالعزيز أن يدخل بقية بيت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها ضمن توسعة المسجد النبوي، فقال رجل من آل عمر: ما نبيعه بشيء هو من حق حفصة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسكنها، قال: إذن أدخله في المسجد قالوا: أنت وذاك، أما طريقنا فإنا لا نقطعهما. قال: أجعل لكم باباً تدخلون منه. وأعطيكم دار الرقيق مكان هذا الطريق ففعلوا، فهدم البيت وادخله في المسجد. موضحاً أنه في عام 165هـ منع المهدي العباسي بعض آل عمر من الدخول من بابهم وحصل بينهم وبين المهدي خلاف فسد الباب وأبدله بشباك من حديد، وحفر لهم من تحت الأرض طريق ينفذهم من وإلى المسجد النبوي وظل هذا هو طريق آل عمر.

وقال، مرّت قرون ولم يبق من آل عمر أحد، فأغلق ليفتح فقط أيام الحج للزيارة، وأمر السلطان المملوكي قايتباي بإغلاقه وسده شيخ الحرم بالبناء المحكم خارج المسجد النبوي ونزع باب طابقه وردمه بالأتربة حتى ساوى السرداب بالأرض، إلا أن الشباك المقابل للمواجهة الشريفة ظل علامة على موضع خوخة آل عمر إلى الآن.

وما زال الشباك الوحيد في الرواق القبلي من الجهة الشرقية من المحراب معلماً تاريخياً حافظ عليها كل من قام بالتوسعات للمسجد النبوي، كما حافظت عليه التوسعة السعودية منذ عهد المؤسس وإلى عهدنا الحالي.