ورد في فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - أن تأمل الأدلة الواردة في ليلة القدر، يتبيّن أنها تنتقل من ليلة إلى أخرى، وأنها لا تكون في ليلة معينة كل عام، فالنبي عليه الصلاة والسلام رأى ليلة القدر، أو أوري ليلة القدر في المنام، وأنه يسجد في صبيحتها ماء وطين، وكانت تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين، وقال عليه الصلاة والسلام: «التمسوها في ليالي متعددة من العشر»، وهذا يدل على أنها لا تنحصر في ليلة معينة، وبهذا تجتمع الأدلة ويكون الإنسان في كل ليلة من الليالي العشر يرجو أن يصادف ليلة القدر، وثبوت أجر ليلة القدر حاصل لمن قامها إيماناً واحتساباً، سواء علم بها أم لم يعلم، وأوضح الشيخ الراحل أن ما ورد فيها يؤكد أن ليلة القدر في رمضان؛ قال تعالى: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾، وبيّن الله تعالى في آية أخرى أن الله أنزل القرآن في رمضان، فقال عز وجل: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن﴾، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأول من رمضان؛ يرجو ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأواسط، ثم رأى صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان، ثم تواطأت الرؤيا على عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنها في السبع الأواخر من رمضان، فقال: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر من رمضان، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر». وهذا أقل ما قيل فيها، ولحفظها في زمن معين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». إذا علم أنه قامها، فلا يشترط في حصول ثواب ليلة القدر أن يكون العامل عالماً بها بأي حال، ولكن من قام العشر الأواخر من رمضان كلها فإننا نجزم بأنه قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً سواء في أول العشر، أم في وسطها، أم في آخرها.