الفنانة الأمريكية هنا ارنست نسقت معرض «وجوه كوفيد» في ذكرى ضحايا الوباء في واشنطن. (وكالات)
الفنانة الأمريكية هنا ارنست نسقت معرض «وجوه كوفيد» في ذكرى ضحايا الوباء في واشنطن. (وكالات)
-A +A
ياسين أحمد (لندن)، «عكاظ» (واشنطن) OKAZ_online@
يا لها من مفارقة. إنها تصاريف القدر، إرادة الخالق من دون شك، في الولايات المتحدة يبكي الشعب من ارتفاع عدد وفيات البلاد بفايروس كورونا الجديد إلى أكثر من مليون وفاة، تعد الأعلى من أي بلد آخر، خصوصاً البلدان الغنية. وفي جزيرة توفالو، في قلب المحيط الهادي، على بعد 4 آلاف كيلومتر من أستراليا، لم تُسجّل أية إصابة بمرض كوفيد-19 منذ اندلاع نازلة كورونا قبل أكثر من سنتين! صحيح أنها «حرية وخوف»، كما وصفتها صحيفة «الغارديان» البريطانية، لكنها أيضاً «حرية وخوف» في الولايات المتحدة، التي كشف الوباء العالمي عروات نظامها الصحي، والفوارق الجلية بين طبقات سكانها، والثمن الباهظ لعدم الاستعداد لاندلاع نازلة وبائية.

تختلف المواقع والهيئات المعنية بإحصاء عدد وفيات كوفيد في الطريقة التي تُقَيَّد بها الوفيات. ففيما يتمسك موقع «ويرلدأوميتر»، الذي يتم تحديث بياناته كل دقيقة، بأن عدد وفيات أمريكا يبلغ 1.026.646 وفاة؛ تتمسك قاعدة بيانات صحيفة «نيويورك تايمز» بأن العدد بلغ أمس (الأحد) 998310 وفيات؛ فيما تتمسك قاعدة بيانات صحيفة «واشنطن بوست» في عددها الصادر الأحد بأن عدد الوفيات الأمريكية يبلغ 999380 وفاة منذ 29 فبراير 2020. وتشير قاعدة بيانات جامعة جونز هوبكنز في آخر تحديث لها أمس إلى أن عدد وفيات أمريكا يبلغ 999570 وفاة. ويعني تجاوز مليون وفاة في أمريكا، التي يبلغ عدد سكانها 332.5 مليون نسمة، أن 291 شخصاً من كل 100 ألف أمريكي توفوا بكوفيد-19. وهو أسوأ معدلات الموت بالوباء العالمي. ولا تنافس أمريكا فيه سوى البرازيل وبولندا من حيث عدد الوفيات من بين كل 100 ألف من السكان.


ويرى الخبراء أن فداحة الوباء العالمي سمحت لأمراض أخرى قابلة للعلاج، وتقليص احتمالات الوفاة بها بسرقة عدد كبير من الأرواح، خصوصاً وسط العائلات الفقيرة، وغير البيض. وتشير البيانات الرسمية إلى أن الأمراض الجنسية المُعدية ارتفعت إلى أقصى مستوى عرفه التاريخ الأمريكي. كما أن الأمراض النفسية والعقلية ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة في أتون النازلة. وعلى رغم أن متوسط معدل العمر الذي يتوقع أن يعيشه الأمريكي ظل في انخفاض؛ فإن الوباء العالمي أدى إلى تقصيره بدرجة أكبر، فضلاً عن تأثيرات الوباء التي تشمل انقطاع الأطفال عن التطعيم ضد الأمراض الأخرى، وتوقف حصول الفقراء من الأطفال على الوجبات المدرسية، جراء إغلاق المدارس بسبب التفشي الفايروسي. وتأتي فوق ذلك انقسامات الأمريكيين بسبب السياسة؛ إذ إن أقل من ثلثي عدد الجمهوريين اكتفوا بالحصول على جرعة وحيدة من لقاحات كوفيد-19، مقارنة بـ 91% من الديموقراطيين. ونتيجة لتلك العوامل مجتمعة، إلى جانب عوامل أخرى، وبعد التخلي عن جميع الإجراءات والتدابير الوقائية، أضحى الأمريكيون مواجهين بكيفية التعايش مع مرض يمكن أن يكون مزمناً ومعيقاً، حتى لو لم يعد قاتلاً.

وعلى النقيض من تلك الهموم الأمريكية، ترقد في قلب المحيط الهادي جزيرة توفالو، التي لم تشهد حتى الآن أية إصابة بالفايروس، منذ اندلاع النازلة في 2020. وفيما بات معتاداً أن ترى الناس في كل دولة يرتدون الكمامات في كل مكان؛ بل إن بعضهم يرتدون زي الحماية الشخصية الكامل، في المطارات والأسواق؛ فإن الكمامة لا وجود لها في شوارع جزيرة توفالو، باستثناء شخص واحد هو بيتايا نومو الذي يضطر إلى ارتداء زي الحماية الشخصية، لأنه يشرف على تفريغ الشحنات القادمة على متن الطائرات. ولا يزيد عدد سكان الجزيرة - الدولة على 12 ألف شخص. وقال نومي لصحيفة «الغارديان» البريطانية إنه يحب عمله، لكنه بات خائفاً من الوباء العالمي، لأن الفايروس يمكن أن يصل في أية لحظة على متن طائرة شحن محملة بالمؤن الطبية والغذائية، أو مع مواطني الجزيرة القادمين من الخارج. وأضاف أنه حال قيامهم بتفريغ شحنة الطائرة يتم فحصهم، ولا يسمح لهم بالمغادرة إلا بعد التأكد من أن نتيجة الفحص سالبة. وطبقاً لأرقام منظمة الصحة العالمية فإن ثلاث جزر باسيفيكية خالية تماماً من فايروس كورونا الجديد، وهي توفالو، وناورو، وميكرونيزيا. وكانت كوريا الشمالية التي ظلت تزعم أن الفايروس لم يصل إليها قد انهارت منذ أواخر أبريل الماضي، بعدما أقر زعيمها كيم جونغ أون بأن البلاد تواجه أسوأ اضطراب بسبب الإصابات التي لحقت بمئات الآلاف من سكانها. كما أن جمهورية تركمانستان في آسيا الوسطى تزعم أنها لا تزال خالية من الفايروس، وهو زعم مشكوك فيه. وكانت جزيرة توفالو أغلقت حدودها البحرية والجوية منذ مطلع سنة 2020، ولم تفتحها حتى اليوم. ويعيش سكانها حياتهم العادية من دون إغلاق. وتقول الحكومة إن ذلك أتاح لها فرصة لتحصين 90% من السكان بلقاحات كوفيد-19، ونحو 85% من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً.

بريطانيا تؤجل حظر المشروبات «المُحلّاة»

أعلنت الحكومة البريطانية أنها قررت تأجيل حظر كان مقرراً سريانه في أكتوبر 2022 على العروض التي تتيح لزبائن السوبرماركت والمحلات التجارية شراء عبوة مقابل الحصول على عبوة مجانية من الأطعمة والمشروبات التي تحتوي كميات كبيرة من الدهن، والملح، والسكر. وبررت الحكومة قرار تأجيلها ذلك الحظر لمدة عام إلى أنها بحاجة إلى مزيد من الوقت لدرس القرار، خصوصاً أن البلاد تعاني من ارتفاع كبير في كلفة المعيشة. وأثار التأجيل غضب الجماعات المناهضة للبدانة في المجتمع البريطاني. وتعرف هذه العروض التجارية بـ BOGOF، أي اشتر واحدة واحصل على واحدة مجاناً، أو احصل على 3 وحدات بثمن اثنتين. وقالت وزيرة الصحة العامة ماغي ثروب، إن التأجيل سيتيح للحكومة الوقوف على مدى التأثير الحقيقي لتلك الممارسات التجارية على المستهلكين، خصوصاً في ظل التأثير السالب لارتفاع أسعار الوقود والطاقة والغذاء، من جراء الحرب في أوكرانيا. وانتقدت مستشارة شؤون البدانة في الكلية الملكية للأطباء البروفيسور راشيل بترهام القرار الحكومي. وأضافت منظمة الصحة العالمية أن مستوى البدانة في أوروبا لا يفوقه سوى البدانة في الولايات المتحدة.