يبدو أن التنمر الكلاسيكي قد مضى إلى ذمة التاريخ، وجاءت حقبة التنمر الإلكتروني وعمادها شاشة ذكية ولوحة مفاتيح أحالتا مفهوم التنمر المباشر إلى سلوك آخر. كان أبطال التنمر في عهده القديم مراهقين وطلاب مدارس في الاحياء والملاعب وفصول الدراسة، وأضحى اليوم في شكل «عصري» مغايراً، يمارس صاحبه مجموعة من السلوكيات العدوانية والمهينة ضد بعض الأشخاص للتخويف وتحقيق مراده في السيطرة وتحقيق أهدافه.
فالتنمر الإلكتروني، سلوك خفي مجهول وأبطاله مجهولون، والضحايا من كل جنس ولون، وتظل الفئة الأكثر تعرضا الفتيات والأطفال الذين يحيطهم الأذى النفسي فيكبر يوما بعد يوم ليصاب المتنمر عليه باكتئاب أو وسواس قهري قد يؤدي به إلى الانتحار.
في المقابل، يرفض المجتمع كل ممارسات التنمر ولا يقرها، فيما تعمل الجهات الرقابية على ردع ممارسيه. وكان بيان شرطة الرياض الذي صدر أخيراً بتحديد هوية فتاة أظهرها مقطع فيديو وهي تعتدي على فتاة أخرى في أحد الأماكن العامة بالعاصمة أحد مظاهر التنمر الناعم. وقال المتحدث باسم شرطة منطقة الرياض إن السلطات تمكنت من تحديد هوية الفتاة التي ظهرت في المقطع المتداول، وأنه جارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية بحقها، لتؤكد الأجهزة المختصة رفض الممارسات والسلوكيات غير السوية في المجتمع و محاسبة ممارسيها.
غالبية الضحايا .. بنات
استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد، أكد أن التنمر على منصات التواصل الاجتماعي هو الأكثر خطورة كونه يحدث في فضاء واسع لا يمكن حصره والحدّ منه، وينعكس أثره بشكل سلبي ومدمّر على الطفل الذي يتعرض له، ويعرف باسم التنمّر الإلكتروني، ويشير إلى سلوك عدواني غير مرغوب فيه يقوم به المتنمر إلكترونياً باستخدام التقنيات الحديثة ضد طرف آخر بغرض الإساءة إليه وإلحاق الضرر به، سواء مادياً أو معنوياً أو اجتماعياً أو نفسياً.
وأضاف الحامد، أن الإحصاءات عن التنمر الإلكتروني تظهر تعرض 48.7% من الطلاب في دول آسيا للتنمر الإلكتروني عبر نشر فيديوهات محرجة لهم، والعمر الأكثر تعرضاً للتنمر الإلكتروني بين 13 و15سنة، و38% فقط من الأطفال يخبرون ذويهم عن تعرضهم للتنمر على الإنترنت، والفتيات أكثر عرضة بواسطة الشائعات المسيئة من الفتيان.
وبيّن الحامد أن 21% من ضحايا التنمر الإلكتروني في الولايات المتحدة كن من الفتيات في المرحلة الثانوية وبلون بشرة مختلف، و66% من الفتيات اللواتي تعرضن للمضايقات والتنمر الإلكتروني يشعرن بالعجز والإحباط، واضطرابات النوم، وتدني احترام الذات، و25.38% من حالات التنمر الإلكتروني تتم عبر ألعاب الإنترنت.
وأوضح الحامد، أن الإحصاءات كشفت أيضاً أن 37% من الذين تعرضوا للتنمر الإلكتروني أصيبوا بالقلق الاجتماعي، و36% أصيبوا بدرجات متفاوتة من الاكتئاب، و64% من الضحايا الطلاب أفادوا أن التنمر الإلكتروني أثر على أدائهم المدرسي وعلى شعورهم بالأمان في المدرسة، و24% من الذين تعرضوا للتنمر الإلكتروني المستمر فكروا بالانتحار، و6% من مستخدمي الإنترنت حول العالم تعرضوا لاختراق حساباتهم الشخصية، و4% من مستخدمي الإنترنت حول العالم فقدوا القدرة على الوصول إلى حساباتهم الشخصية مرة أخرى، و70% من المراهقين يعتقدون أن حظر المتنمر هو الطريقة الأفضل لمواجهة التنمر الإلكتروني.
لا توبخوهم.. احتووهم
شدد الدكتور الحامد، على وجوب حماية الأبناء من التنمر عبر تقوية العلاقة مع الأبناء و تشجيعهم على البوح عن مشكلاتهم النفسية والاجتماعية بشكل محبب وأسلوب هادئ، بعيداً عن التوبيخ واللوم، وتوجيههم باللجوء إلى الأسرة في أي مواقف يتعرضون لها دون خوف أو تردد من أي رد فعل. ونبه إلى ضرورة التحكم بأوقات استخدام الأجهزة الإلكترونية عند الأطفال، ومراقبتهم عند استخدامها والتأكد أنهم يستخدمون تطبيقات مفيدة وغير مؤذية على سلوكهم النفسي، وتعليم الطفل بتجاهل الأشخاص ذوي السلوك السيئ، وتشجيعهم على تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية لغرس الثقة في نفوسهم.
ونبه الحامد، على ضرورة الوقوف مع الأبناء الذين يتعرضون للتنمر دون توبيخهم، حتى لا يكونوا عرضة للمشكلات النفسية لاحقاً، وعدم التردد في طلب مساعدة المختصين إن استدعى الأمر، حفاظاً على التوازن النفسي للأطفال، مع عدم السكوت وتقديم الشكوى للجهات المختصة إذا كان نوع التنمر له إطار قانوني.
الألفاظ البذيئة .. جريمة
يؤكد المستشار القانوني سيف الحكمي، أن التنمر يحدث باستخدام لغة مسيئة، والاستهزاء، ومشاركة مقاطع الفيديو أو الصور الخاصة بالضحية لا سيما تلك ذات الطبيعة الحساسة والمحرجة وما يزيد الأمر سوءاً هو صفة الاستمرارية وإمكانية التوزيع الكثيف عبر شبكات الإنترنت. كما يحدث التنمر على أرض الواقع بالشتائم والألفاظ البذيئة، ويصل إلى التهديد بالضرب كما حدث، أخيراً، عبر أحد المقاطع التي انتشرت، إذ تتعرض فتاة للضرب على يد أخرى، وهو من أنواع التنمر وينتشر داخل المدارس وفي مناطق التجمع.
وشدد الحكمي، على إيجاد عقوبات رادعة للمتنمرين؛ نظراً للأضرار الجسدية والنفسية على الشخص المتعرض للتنمر. وأعلنت النيابة العامة عقوبات التنمر الإلكتروني في وسائل التواصل والإنترنت، وتصل مدة السجن إلى سنة أو غرامة تصل إلى نصف مليون ريال أو كلتا العقوبتين. التنمر في غرف الدردشة
شدد الباحث الأمني والخبير في الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإليكترونية محمد السريعي، على ما تحققه الشراكة الإستراتيجية التي أبرمت بين الهيئة الوطنية للأمن السيبراني ووكالة الأمم المتحدة المتخصصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإطلاق البرنامج العالمي لحماية وتمكين الأطفال في الفضاء السيبراني، وذلك امتداداً لمبادرة حماية الأطفال في العالم السيبراني، وتكمن أهميتها في تطوير تطبيقات الهواتف المحمولة، وألعاب تعليمية مسلية لتساهم في تقديم الإرشادات المتعلقة بذلك الشأن لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني.
وكشف السريعي، الأماكن الأكثر شيوعاً التي يحدث فيها التنمر الإلكتروني؛ مثل وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وانستغرام وسناب شات وتيك توك)، والرسائل النصية وتطبيقات المراسلة على الأجهزة المحمولة أو الأجهزة اللوحية.
كما يكثر التنمر عبر الرسائل الفورية والرسائل المباشرة والدردشة عبر الإنترنت، والمنتديات وغرف الدردشة، والبريد الإلكتروني، إضافة إلى مجتمعات الألعاب المباشرة.
النيابة العامة: السجن ينتظرهم
أكدت النيابة العامة، أن المتنمر في الألعاب الإلكترونية يعاقب بالسجن مدة تصل إلى سنة، وغرامة تصل إلى نصف مليون ريال، والمحرض أو المساعد شريك في الجريمة ويعاقب بذات العقوبة للمتهم الأصلي. وتنفذ الإدارة العامة للاتصال المؤسسي بالنيابة أدواراً هامة لحماية المجني عليه.
وألمحت النيابة إلى أن التنمّر الإلكتروني يتسبب في اكتئاب الشخص المتنمّر عليه في حال لم يتلقَ المساعدة الفورية، وقد تعرّضه إلى الانعزال خصوصاً صغار السن والمراهقين، وتكون سبباً في تشتت الذهن وتدني المستوى الدراسي للضحيّة.
فالتنمر الإلكتروني، سلوك خفي مجهول وأبطاله مجهولون، والضحايا من كل جنس ولون، وتظل الفئة الأكثر تعرضا الفتيات والأطفال الذين يحيطهم الأذى النفسي فيكبر يوما بعد يوم ليصاب المتنمر عليه باكتئاب أو وسواس قهري قد يؤدي به إلى الانتحار.
في المقابل، يرفض المجتمع كل ممارسات التنمر ولا يقرها، فيما تعمل الجهات الرقابية على ردع ممارسيه. وكان بيان شرطة الرياض الذي صدر أخيراً بتحديد هوية فتاة أظهرها مقطع فيديو وهي تعتدي على فتاة أخرى في أحد الأماكن العامة بالعاصمة أحد مظاهر التنمر الناعم. وقال المتحدث باسم شرطة منطقة الرياض إن السلطات تمكنت من تحديد هوية الفتاة التي ظهرت في المقطع المتداول، وأنه جارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية بحقها، لتؤكد الأجهزة المختصة رفض الممارسات والسلوكيات غير السوية في المجتمع و محاسبة ممارسيها.
غالبية الضحايا .. بنات
استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد، أكد أن التنمر على منصات التواصل الاجتماعي هو الأكثر خطورة كونه يحدث في فضاء واسع لا يمكن حصره والحدّ منه، وينعكس أثره بشكل سلبي ومدمّر على الطفل الذي يتعرض له، ويعرف باسم التنمّر الإلكتروني، ويشير إلى سلوك عدواني غير مرغوب فيه يقوم به المتنمر إلكترونياً باستخدام التقنيات الحديثة ضد طرف آخر بغرض الإساءة إليه وإلحاق الضرر به، سواء مادياً أو معنوياً أو اجتماعياً أو نفسياً.
وأضاف الحامد، أن الإحصاءات عن التنمر الإلكتروني تظهر تعرض 48.7% من الطلاب في دول آسيا للتنمر الإلكتروني عبر نشر فيديوهات محرجة لهم، والعمر الأكثر تعرضاً للتنمر الإلكتروني بين 13 و15سنة، و38% فقط من الأطفال يخبرون ذويهم عن تعرضهم للتنمر على الإنترنت، والفتيات أكثر عرضة بواسطة الشائعات المسيئة من الفتيان.
وبيّن الحامد أن 21% من ضحايا التنمر الإلكتروني في الولايات المتحدة كن من الفتيات في المرحلة الثانوية وبلون بشرة مختلف، و66% من الفتيات اللواتي تعرضن للمضايقات والتنمر الإلكتروني يشعرن بالعجز والإحباط، واضطرابات النوم، وتدني احترام الذات، و25.38% من حالات التنمر الإلكتروني تتم عبر ألعاب الإنترنت.
وأوضح الحامد، أن الإحصاءات كشفت أيضاً أن 37% من الذين تعرضوا للتنمر الإلكتروني أصيبوا بالقلق الاجتماعي، و36% أصيبوا بدرجات متفاوتة من الاكتئاب، و64% من الضحايا الطلاب أفادوا أن التنمر الإلكتروني أثر على أدائهم المدرسي وعلى شعورهم بالأمان في المدرسة، و24% من الذين تعرضوا للتنمر الإلكتروني المستمر فكروا بالانتحار، و6% من مستخدمي الإنترنت حول العالم تعرضوا لاختراق حساباتهم الشخصية، و4% من مستخدمي الإنترنت حول العالم فقدوا القدرة على الوصول إلى حساباتهم الشخصية مرة أخرى، و70% من المراهقين يعتقدون أن حظر المتنمر هو الطريقة الأفضل لمواجهة التنمر الإلكتروني.
لا توبخوهم.. احتووهم
شدد الدكتور الحامد، على وجوب حماية الأبناء من التنمر عبر تقوية العلاقة مع الأبناء و تشجيعهم على البوح عن مشكلاتهم النفسية والاجتماعية بشكل محبب وأسلوب هادئ، بعيداً عن التوبيخ واللوم، وتوجيههم باللجوء إلى الأسرة في أي مواقف يتعرضون لها دون خوف أو تردد من أي رد فعل. ونبه إلى ضرورة التحكم بأوقات استخدام الأجهزة الإلكترونية عند الأطفال، ومراقبتهم عند استخدامها والتأكد أنهم يستخدمون تطبيقات مفيدة وغير مؤذية على سلوكهم النفسي، وتعليم الطفل بتجاهل الأشخاص ذوي السلوك السيئ، وتشجيعهم على تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية لغرس الثقة في نفوسهم.
ونبه الحامد، على ضرورة الوقوف مع الأبناء الذين يتعرضون للتنمر دون توبيخهم، حتى لا يكونوا عرضة للمشكلات النفسية لاحقاً، وعدم التردد في طلب مساعدة المختصين إن استدعى الأمر، حفاظاً على التوازن النفسي للأطفال، مع عدم السكوت وتقديم الشكوى للجهات المختصة إذا كان نوع التنمر له إطار قانوني.
الألفاظ البذيئة .. جريمة
يؤكد المستشار القانوني سيف الحكمي، أن التنمر يحدث باستخدام لغة مسيئة، والاستهزاء، ومشاركة مقاطع الفيديو أو الصور الخاصة بالضحية لا سيما تلك ذات الطبيعة الحساسة والمحرجة وما يزيد الأمر سوءاً هو صفة الاستمرارية وإمكانية التوزيع الكثيف عبر شبكات الإنترنت. كما يحدث التنمر على أرض الواقع بالشتائم والألفاظ البذيئة، ويصل إلى التهديد بالضرب كما حدث، أخيراً، عبر أحد المقاطع التي انتشرت، إذ تتعرض فتاة للضرب على يد أخرى، وهو من أنواع التنمر وينتشر داخل المدارس وفي مناطق التجمع.
وشدد الحكمي، على إيجاد عقوبات رادعة للمتنمرين؛ نظراً للأضرار الجسدية والنفسية على الشخص المتعرض للتنمر. وأعلنت النيابة العامة عقوبات التنمر الإلكتروني في وسائل التواصل والإنترنت، وتصل مدة السجن إلى سنة أو غرامة تصل إلى نصف مليون ريال أو كلتا العقوبتين. التنمر في غرف الدردشة
شدد الباحث الأمني والخبير في الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإليكترونية محمد السريعي، على ما تحققه الشراكة الإستراتيجية التي أبرمت بين الهيئة الوطنية للأمن السيبراني ووكالة الأمم المتحدة المتخصصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإطلاق البرنامج العالمي لحماية وتمكين الأطفال في الفضاء السيبراني، وذلك امتداداً لمبادرة حماية الأطفال في العالم السيبراني، وتكمن أهميتها في تطوير تطبيقات الهواتف المحمولة، وألعاب تعليمية مسلية لتساهم في تقديم الإرشادات المتعلقة بذلك الشأن لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني.
وكشف السريعي، الأماكن الأكثر شيوعاً التي يحدث فيها التنمر الإلكتروني؛ مثل وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وانستغرام وسناب شات وتيك توك)، والرسائل النصية وتطبيقات المراسلة على الأجهزة المحمولة أو الأجهزة اللوحية.
كما يكثر التنمر عبر الرسائل الفورية والرسائل المباشرة والدردشة عبر الإنترنت، والمنتديات وغرف الدردشة، والبريد الإلكتروني، إضافة إلى مجتمعات الألعاب المباشرة.
النيابة العامة: السجن ينتظرهم
أكدت النيابة العامة، أن المتنمر في الألعاب الإلكترونية يعاقب بالسجن مدة تصل إلى سنة، وغرامة تصل إلى نصف مليون ريال، والمحرض أو المساعد شريك في الجريمة ويعاقب بذات العقوبة للمتهم الأصلي. وتنفذ الإدارة العامة للاتصال المؤسسي بالنيابة أدواراً هامة لحماية المجني عليه.
وألمحت النيابة إلى أن التنمّر الإلكتروني يتسبب في اكتئاب الشخص المتنمّر عليه في حال لم يتلقَ المساعدة الفورية، وقد تعرّضه إلى الانعزال خصوصاً صغار السن والمراهقين، وتكون سبباً في تشتت الذهن وتدني المستوى الدراسي للضحيّة.