شهد حي السودة بالمجاردة حادثة مأساوية، عقب وفاة أب وابنته في واقعتَين منفصلتَيْن، فبعد أن مات الأب إثر معاناة من المرض الذي ألمّ به، لحقت به فلذة كبده طفلته لتغادر الحياة حزنا وألما على فراق رفيق دربها.
فلم تتحمل «حلا» فقدان والدها محمد حمزة العذيقي الذي غادر الحياة بصمت، حيث دخل مستشفى المجاردة العام وهو يشكو من تضاعف الألم بأسباب الغدة الدرقية، وجرى تنويمه واستمر قرابة 14 يوماً، حتى وصلت الموافقة على إحالته إلى مستشفى أبها الخاص، الا أن أجله كان أسرع فلم تمضِ سوى ساعات حتى فارق الحياة.
وبنبرة يملؤها الحزن والألم يروي شقيق الفقيد أحمد حمزة التفاصيل، مشيرا إلى أنهم ما إن انتهوا من إكمال الأوراق الخاصة بدفن أخيه، حتى توفيت ابنته حزناً عليه، وقالوا بأن سبب الوفاة انخفاض شديد في السكر، وذلك نتيجة عدم تناولها الطعام والشراب بعد وفاة والده حزناً عليه.
وأوضح أحمد أن الطفلة «حلا» (ابنة شقيقه) ذات الـ١١ عاماً، كانت مرافقة لوالدها في المستشفى، بعدما تدهورت حالته الصحية ودخل العناية المركزة، منوها إلى توالي الإحالات لنقل محمد (رحمه الله) إلى مستشفى عسير المركزي ولكن بلا جدوى، حتى جاء قبول الحالة في مستشفى أبها الخاص، وكانت بداية النهاية؛ حيث فرحت أسرته بنقله، ولكن أجله لم يمهله إذ توقّف قلبه عن النبض، فكانت «حلا» تترقب نقل والدها لأبها فتأثرت بسماع خبر وفاته، وغادرت منزل جدها (مكان العزاء) وبدأت حالتها تتغير، ويضيق تنفسها، وتحمّلت ما بها من ألم ودموعها تبكي والدها، فأصيبت بهبوط حاد في السكر، وفارقت الحياة ليجتمع الأب والابنة في قبرين متجاورين.
ويقول الحسين بن حسن جار الفقيد في حي السودة بالمجاردة، وأيضاً زميله في المدرسة: غادر محمد الحياة بصمت، وغادرت «حلا» الحياة بصمت، كانت طفلته «حلا» رفيقته في غرفة التنويم ترعاه وتساعده وقت مرضه.
من جانبه، قال المعلم محمد بن زهير: الفقيد (رحمه الله) كان نموذجا للمعلم المخلص في عمله، وما عرفت عنه في العمل الا التفاني والإخلاص والانضباط، عند تكليفه بأي عمل او مهمة لن تسمع منه الا كلمة نعم وحاضر، وفي النهاية عمل منُجز بجودة عالية، إنسان بسيط وهادئ، لقد كفل أطفال زوجته المتوفاة من طليقها السابق، وقام بتربيتهم بين أبنائه دون تفريق بينهم إلى أن وافته المنية، تعلّقت به ابنته «حلا» وكانت ملازمة له طيلة فترة حياتها، وخصوصا بعد وفاة أمها، وكانت راعيةً له ولإخوتها، وفُرضت عليها مسؤوليات أسرية أكبر من عمرها كطفلة، لازمته في مرضه وغادرت الدنيا معه حين وفاته (رحمهما الله)، لقد تركا للجميع قصة تُدرّس في بر الوالدين، وتعلّق الابن بأبيه.