-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@
ترتبط السعودية وجمهورية كوريا الجنوبية بعلاقات قوية، وتتسم العلاقات بين البلدين بالعمق والتطور والتقدم المضطرد، وطول أمدها التاريخي؛ إذ ليست هذه العلاقات وليدة اليوم، إنما هي نتيجة عقود طويلة من التعاون في مختلف المجالات، إذ وقع البلدان اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1962 في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز، والرئيس الكوري بارك شونغ هي.

وفي عام 1973، افتتحت كوريا سفارتها لدى المملكة، فيما افتتحت المملكة سفارتها لدى جمهورية كوريا في عام التالي 1974، وتحل في هذا العام 2022 الذكرى الـ60 لتأسيس هذه العلاقات الدبلوماسية.


وبدأت جهود الشراكة الإستراتيجية بين السعودية وجمهورية كوريا على خلفية لقاء ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ورئيسة كوريا السابقة بارك كيون هي، على هامش انعقاد قمة قادة مجموعة العشرين بالصين في شهر سبتمبر من عام 2016، حيث تم التأكيد خلال اللقاء، على ضرورة تفعيل أعمال اللجنة السعودية الكورية المشتركة وتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وإقامة شراكة إستراتيجية رسمية، وتشجيع إقامة علاقات تجارية واقتصادية أقوى.

وتعتبر زيارة ولي العهد إلى جمهورية كوريا في يونيو 2019، بدعوة من رئيس جمهورية كوريا السابق مون جي إن، نقلة مهمة في علاقات البلدين، إذ تم الاتفاق خلالها على توسيع نطاق التعاون بين المملكة وجمهورية كوريا في جميع جوانب العلاقات الثنائية.

وأسس البلدان اللجنة السعودية الكورية المشتركة قبل أكثر من 40 عاماً تقريباً، ويكمن دورها في تعزيز العلاقات والمصالح المشتركة بين المملكة وجمهورية كوريا، وتعقد هذه اللجنة اجتماعاتها كل سنتين بالتناوب بين الرياض وسيئول، وكان آخر انعقاد لها في الدورة الـ19 خلال شهر ديسمبر 2019، في الرياض.

مشروعات للرؤية وخطط للتنفيذ

أطلق البلدان (الرؤية السعودية الكورية 2030)، في شهر أكتوبر عام 2017، حيث تم تشكيل لجنة مشتركة من ممثلي الجهات والهيئات الحكومية ذات العلاقة من البلدين، لمراجعة التقدم في هذه الشراكة، واعتماد مشروعات الرؤية وخططها التنفيذية، وتذليل الصعوبات في تنفيذها، وبذلك تعتبر جمهورية كوريا واحدة من 8 دول تتعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030.

توافق البلدان من خلال لجنة (الرؤية السعودية الكورية 2030) على 40 مشروعاً ومبادرة مبدئية لتأسيس الشراكة بينهما، وتتوزع هذه المشروعات على 5 مجموعات فرعية لحوكمة اللجنة، وذلك بغرض متابعتها ودعمها للوصول إلى أهدافها المرجوة، وهذه المجموعات هي: مجموعة الطاقة والتصنيع، ومجموعة البنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، ومجموعة بناء القدرات، ومجموعة الرعاية الصحية وعلوم الحياة، وأخيراً مجموعة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والاستثمار.

26 مليار دولار حجم التبادل

بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية وجمهورية كوريا في عام 2021 نحو 26.506 مليار دولار، وسجل الميزان التجاري فائضاً لصالح المملكة بقيمة 19.646 مليار دولار، حيث صدرت المملكة لكوريا الجنوبية في العام نفسه بقيمة 23.076 مليار دولار، فيما استوردت المملكة من جمهورية كوريا بقيمة 3.430 مليار دولار. تستثمر 3 من أبرز الشركات سعودية في جمهورية كوريا برأس مال يبلغ 6.35 مليار دولار؛ وهي أرامكو السعودية التي تنشط في قطاع الفحم والنفط والغاز، ولديها 4 مشاريع وشركتان بحجم استثمارات بلغ 5.180 مليار دولار، وسابك التي تنشط في قطاع المواد الكيميائية بمشروع واحد وشركة واحدة بحجم استثمارات بلغ مليار دولار، والشركة المتقدمة للبتروكيماويات التي تنشط في قطاع البلاستيك ولديها 3 مشاريع وشركتان بحجم استثمارات بلغ 168 مليار دولار.

دعم وتمويل المشاريع المشتركة

وصل عدد الاستثمارات الكورية في المملكة إلى 132 استثماراً وإجمالي رأس المال نحو 3 مليارات و66 مليون دولار، التعدين والمحاجر، والكهرباء والغاز والبخار وتكييف الهواء، والنقل والتخزين، والصناعة التحويلية، والتشييد، من أبرزها شركة سامسونج العربية السعودية، وشركة دي إل السعودية العربية المحدودة، والشركة العالمية للصناعات البحرية، وشركة رابغ للكهرباء، والشركة العالية للبوليمرات، والشركة السعودية لأنابيب الصلب.

ساهم الصندوق الصناعي في دعم وتمويل المشاريع المشتركة مع كوريا، التي استفاد منها أكثر من 12 مشروعاً مشتركاً تزيد قيمة تمويلها على مليارين و826 مليون دولار، كما توجد استثمارات كورية صناعية في مدن الهيئة السعودية للمدن الصناعية يبلغ عددها 3 مصانع كورية تعمل في مجالات التصنيع المطاط، البلاستيك، أنابيب الصلب وغيرها.

حصلت شركة سامسونغ للهندسة ومجموعة هيونداي الكوريتين على عقد لتنفيذ بعض أعمال مشروع حقل الجافورة للغاز في المملكة، بقيمة تفوق 11 مليار دولار، كما دخلت شركة هيونداي للصناعات الثقيلة شريكاً في مشروع إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير، الذي يعد أكبر مشروع من نوعه في المملكة والمنطقة من حيث القدرة الإنتاجية.

سجلت الهيئة السعودية للملكية الفكرية (في عام 2021) 447 نموذجاً صناعياً، و2881 علامة تجارية، و543 براءة اختراع، ضمن الإيداعات الفكرية للشركات الكورية، وتشير بيانات الهيئة إلى تصدر شركة إل جي إلكترونيكس إنك في عدد العلامات التجارية المسجلة بمجموع 332 علامة تجارية، بينما تتصدر شركة سامسونج إلكترونيكس كو ليمتد بعدد النماذج الصناعية المسجلة البالغة 145 نموذجاً، فيما تتفوق شركة دايوونج فارماسوتيكال كو ليمتد في عدد براءات الاختراع المسجلة لديها بعدد 16 براءة.

مكافحة تغير المناخ

لدى السعودية وجمهورية كوريا خطط متوائمة لمكافحة تغير المناخ والاحتباس الحراري، إذ أعلنت سيئول خطتها لتحقيق الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات الكربونية إلى مستوى الصفر في غضون عام 2050، ويتوافق ذلك مع مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وإعلان المملكة عزمها تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

في يناير من العام الحالي 2022، وعلى هامش «منتدى الاستثمار السعودي الكوري»؛ الذي احتضنته العاصمة الرياض، بمناسبة زيارة رئيس جمهورية كوريا السابق مون جاي إن، إلى المملكة، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة «بوسكو»، وشركة «سامسونغ سي تي»، توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية، تهدف لتطوير مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر لأغراض التصدير.

التوسع في مجالات الثقافة والترفيه

كان للعروض الموسيقية التي قدمتها فرقتا (سوبر جونيور) و(بي تي أس) الكوريتان، إضافة إلى عرض الأفلام والمسلسلات الكورية في القنوات العربية، الأثر الواضح في تزايد اهتمام السعوديين بالثقافة الكورية، الأمر الذي يحفز البلدين على التوسع في مجالات التعاون لتشمل مجالي الثقافة والترفيه.

يبلغ إجمالي عدد الطلاب السعوديين الدارسين حالياً في كوريا الجنوبية نحو 175 طالباً؛ 68% منهم ذكور، فيما تبلغ نسبة الإناث 32%، يدرس غالبيتهم في مرحلة الزمالة والتخصص الطبي الدقيق، إضافة إلى دارسين في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ويشكل الموظفون المبتعثون 54.9% النسبة الأكبر للدارسين في جمهورية كوريا، يليهم طلبة برنامج الابتعاث 29.1%، ثم الدارسون على حسابهم الخاص 14.3%.