-A +A
إبراهيم العلوي (جدة)i_waleeed22@
مخالفون للأنظمة يعرّضون حياتهم والآخرين للخطر غير عابئين بالتبعات التي قد تحدث بإصرارهم على اقتناء وتربية الحيوانات المفترسة التي تتطلب توفير بيئات ومساحات مناسبة لها ووسائل أمان عالية تضمن عدم هروبها إلى خارج الأماكن التي يتم إيواؤها فيها، الأمر الذي يستحيل تحقيقه في المنازل والاستراحات. وظل المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية يؤكد مراراً أن الأنظمة في المملكة تمنع اقتناء الحيوانات المفترسة إلا في ظروف خاصة لاستخدامها في أغراض التوعية والبحث العلمي نظراً لسلوكها الفطري الذي يعدّ خطراً على مربيها مهما تم تدريبها واستئناسها. وسيطر المركز في فترة سابقة على 4 أسود بالتعاون مع الجهات الأمنية في إحدى استراحات حي الشقة بعد بلاغ من مواطن لشرطة القصيم عن وجود مفترسات، وتم القبض على صاحب الاستراحة وإحالته للنيابة العامة. كما تمكنت القوات الخاصة للأمن البيئي والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية من السيطرة على 8 أسود وذئب تمت تربيتها في إحدى الاستراحات في المزاحمية ما يعد مخالفة لنظام البيئة، وتم نقل الكائنات إلى وحدة الإيواء التابعة للمركز. وفي منطقة الرياض، ضبط مواطن لحيازته 3 أسود، إثر بلاغ تلقاه المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية داخل استراحته كونها كائنات فطرية مهددة بالانقراض، ويعدُّ فعله مخالفة للنظام، وتم التنسيق مع القوات الخاصة للأمن البيئي، وتمكن الفريق من السيطرة على الكائنات وتخديرها ونقلها إلى وحدة الإيواء التابعة للمركز.

الافتراس في استراحة


شهدت السعودية عدداً من الحوادث الخطيرة من الحيوانات المفترسة، وقُتل عامل في متنزهات عسيلان البرية شرقي بريدة بسبب هجوم شرس من لبوة، ما أدى إلى وفاته داخل أحد المتنزهات الخاصة ليتم تحييد خطرها، ونقلها إلى وحدة الإيواء التابعة للمركز تحت رعاية متخصصي إشراف بيطري.

وفي حي السلي بالرياض، قُتل مواطن متأثراً بإصابات تعرَّض لها بعد أن هاجمه أسد كان يربيه في استراحته، وتبين أنه اشترى الأسد قبل الواقعة بشهرين من صديق له وراح يدربه ويطعمه، وفي يوم الحادث ذهب كعادته للعب مع الأسد فوضع له الطعام إلا أنه فوجئ بهجوم غادر وحاول التخلص من الحيوان دون جدوى وسط صراخه وطلبه النجدة؛ فسمعه عمال الاستراحة، فحاول أحدهم ضرب الأسد، وتخليص جسده من أنيابه، دون جدوى.

وفي عام 2016، تُوفي كويتي في حفر الباطن من هجوم لبوة داخل استراحة تعود ملكيتها لصديقه، وكان الضحية يحاول ترويض اللبوة قبل وقوع الحادثة، وعمد صديقه لقتلها بسكين بعد الحادث لتخليص صديقه، بينما كان هناك أسد آخر هائج داخل الاستراحة بسبب مشاهدته الدماء إلا أن تأمينه في قفص حديدي حال دون خروجه.

وفي حادثة أخرى، شهدت المدينة المنورة واقعة أخرى مروعة في عام 2019، حينما فرَّ نمرٌ من مزرعة بمنطقة البيضاء بعد أن نسي العامل إغلاق باب المزرعة ليتحرك بحرية تامة، ويقتل عاملاً في المزرعة، فضلاً عن 8 رؤوس من الأغنام وحمار وكلب.

وفي جدة، عام 2018، وخلال عرض ترفيهي، انقض أسد على فتاة كانت تلهو معه داخل ساحة صغيرة مغلقة، وحاول عضها وطرحها أرضاً، وتدخل المدرب المسؤول؛ ليسيطر على الأسد الهائج، وينقذ الفتاة من موت محقق. وفي حادثة أخرى، تسبب ذئب مفترس في إصابة طفل في الثالثة من عمره بجرح بالغ في يده، داخل أحد المراكز التجارية الشهيرة، وبرر مسؤول في المركز التجاري أن الطفل ذهب بالقرب من قفص الحيوانات بعد أن غافل أسرته أثناء الصلاة، فهاجمه الذئب.

السجن 10 أعوام و30 مليوناً غرامة

شددت ‏وزارة البيئة والمياه والزراعة على أن عقوبات اقتناء وتربية الحيوانات الفطرية المفترسة تصل إلى السجن 10 سنوات وغرامة قدرها 30 مليون ريال، وقالت إنه يتم رصد المخالفة وتحويلها إلى الإدارة المختصة لاتخاذ اللازم، وإن نظام البيئة يمنع اقتناء وتربية الحيوانات الفطرية المفترسة، محذرة من أنه سيتم التعامل مع المخالفين بالتعاون مع وزارة الداخلية، وبيّنت أنه سيتم رصد جميع المخالفات الفطرية إلكترونياً.

استيرادها ممنوع

أكد المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في السعودية أن تربية الحيوانات المفترسة ممنوعة، وتفرض عقوبات على المخالفين. وأضاف أن التعامل معها أمر خطير نظراً لطبيعة تلك الكائنات، كما أنه يتطلب توفير بيئات ومساحات مناسبة لها، ووسائل أمان عالية تضمن عدم تسربها إلى خارج الأماكن التي يتم إيواؤها فيها، الأمر الذي يستحيل تحقيقه في المنازل والاستراحات الخاصة.

وأوضح المركز أن تربية واقتناء المفترسات بشكل عام أمر مخالف لنظام البيئة واللائحة التنفيذية، كما ينص النظام على فرض غرامة على المخالف للنظام تصل إلى 30 مليون ريال، إضافة إلى 10 سنوات سجن.

وبيّن المركز أن الأنظمة تمنع استيراد كافة أنواع المفترسات للسعودية للاستخدام الشخصي أو التجاري، ولم يسبق أن تم إصدار تراخيص استيراد في هذا الشأن، ما يعني أن كافة الحيوانات المفترسة التي لا توجد في الأصل في البيئات الطبيعية للمملكة تم استيرادها أو إكثارها بشكل غير نظامي، وحتى هذه اللحظة لا توجد أرقام محددة حول أعداد الحيوانات المفترسة نظراً لعدم وجود ترخيص لها يسمح بتعدادها. وأوضح المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أن تربية واقتناء المفترسات بشكل عام أمر مخالف لنظام البيئة واللائحة التنفيذية للاتجار في الكائنات الفطرية ومنتجاتها ومشتقاتها، وأن تربيتها داخل المنازل والنطاق العمراني تعتبر أمراً ذا درجة عالية من الخطورة من الناحية الأمنية، كما أن استيراد المفترسات للأغراض الشخصية أو التجارية ممنوع بموجب أمر سام.

ودعا المركز كافة مقتني المفترسات إلى ضرورة التواصل مع المركز لتسليم ما لديهم من مفترسات لمعالجة أوضاعها بأفضل طريقة ممكنة، لكي لا يدخلوا ضمن طائلة المحاسبة القانونية بعد نفاد فترة تصحيح الأوضاع الخاصة بنظام البيئة، كما يحث المركز كافة المواطنين والمقيمين على ضرورة تقديم البلاغات اللازمة في حال توفر أي معلومات لديهم عن تربية مفترسات داخل النطاق العمراني.

العقوبات لماذا؟

حذر المحامي المستشار القانوني ماجد الأحمري من مخالفة نظام البيئة، والذي هدف إلى حماية البيئة وتنميتها واستدامتها والالتزام بالمبادئ البيئية وتنظيم نشاط البيئة والأنشطة والخدمات المتعلقة، وبحسب النظام لا يجوز لأي شخص ممارسة الأنشطة البيئية أو التي لها أثر بيئي إلا بعد الحصول على ترخيص بحسب ما حددته اللوائح والأنظمة، فيما حددت المادة 13 ووفق الفصل الخامس، حظر الاتجار بالكائنات الفطرية أو العبور بها خارج الحدود، أو استخراجها ومشتقاتها من البيئة البحرية والساحلية، أو وضع أي منها في مكان متحكم فيه أو استخدامها في تقديم العروض دون الحصول على تصريح، كما يحظر قتل الكائنات الفطرية الحيوانية الحية أو إيذاؤها، ويستثنى قتلها في حالات محددة وفقاً لما تبينه اللوائح، ويحظر صيدها، إلا بعض الأنواع المحددة منها بعد الحصول على ترخيص، ويكون الصيد في أماكن وأوقات تحددها الجهات المختصة.

وشدد الأحمري على أن المادة الخامسة والثلاثين من النظام بيّنت مخالفة الاتجار بالكائنات الفطرية المهددة بالانقراض، فيما أقرت المادة 40 من النظام، العقوبة والتي حددت بالسجن بمدة لا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تزيد على 30 مليون ريال.

القتل باستثناء

أكدت النيابة العامة أنه يحظر قتل الكائنات الفطرية الحيوانية الحية أو إيذاؤها، واستثناء من ذلك يجوز في حالات محددة قتل تلك الكائنات، ووفقاً لما تُبيِّنه اللوائح. ‏وقالت: «تعزز الحماية الجنائية المنوطة بها من أوجه حماية الكائنات الفطرية وإنمائها، والعمل على المحافظة عليها، وفاعلية إعادة الأنواع المهددة منها بالانقراض إلى مواطنها الطبيعية، وإحداث التوازن البيئي الفطري في هذا الشأن». ولفتت إلى أن الإخلال بهذا الجانب موجب للمساءلة الجزائية.