كان يوماً ليس كبقية الأيام! فقد عبرت بريطانيا اليوم إلى مستوى جديد في أزمتها الصحية؛ إذ ارتفع العدد التراكمي لإصاباتها بفايروس كورونا الجديد إلى 24 مليون إصابة. ومن المؤسف أن عدد وفياتها منذ اندلاع نازلة كوفيد-19 يقترب شيئاً فشيئاً من 200 ألف وفاة (196821 وفاة طبقاً للقيد الحكومي).
كما أن السبت صادف الذكرى السنوية الأولى لظهور سلالة أوميكرون، المتحورة وراثياً عن النسخة الأصلية من الفايروس التي ظهرت في ووهان بالصين في نهاية 2019. وفي الوقت نفسه يبدو أن السلالات الفرعية التي بعثرتها أوميكرون في أرجاء العالم تتجه إلى شن هجمة عدوانية جديدة؛ بدليل الارتفاع الملموس بنحو 22% في عدد الإصابات الجديدة في بلدان العالم. وتم أمس الإعلان عن تسجيل 437413 حالة جديدة في العالم السبت. ولا تزال اليابان وكوريا الجنوبية تتصدران تفاقم الأزمة الصحية العالمية؛ إذ سجلت اليابان أعلى عدد من الحالات الجديدة السبت. وبلغت 98476 إصابة جديدة؛ فيما سجلت كوريا الجنوبية أمس 47028 حالة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. ثم جاءت الولايات المتحدة ثالثة بتسجيل 42669 حالة جديدة. بيد أن الضوء كله كان من نصيب الصين، حيث تناقلت الأبناء ومواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات نادرة في عدد من المدن الصينية، في صدارتها العاصمة الاقتصادية شنغهاي. وندد المتظاهرون باستمرار تدبير الإغلاق، وإخضاع السكان لفحوص إجبارية مرات عدة خلال الأسبوع.
وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت في 26 نوفمبر 2021 أنه تم رصد سلالة فايروسية متحورة في جنوب أفريقيا، سميت أوميكرون. وفي غضون أسابيع تفشت أوميكرون في أرجاء العالم، وأدت إلى ارتفاع مرعب في عدد الإصابات الجديدة في كل مكان. وبعد سنة من ظهورها، لا تزال أوميكرون تثير قلق العلماء والعوام، خصوصاً لجهة قدرتها الفريدة على التحور الوراثي، منتجة بذلك سلالات فرعية أشد قدرة على تفادي فعالية اللقاحات والأجسام المضادة للفايروس. وهي -تلك السلالات الفرعية- من الكثرة بحيث لم يعد ممكناً إحصاؤها، حتى أن العلماء اضطروا إلى تسميتها بالأحرف والأرقام. ومنها XBB وBQ.1.1، وCH.1. وهو تكاثر يثير قلق العلماء، لأنه سيجعل من الصعب عليهم التخطيط لابتكار لقاحات وأدوية جديدة. وكانت أوميكرون متحورة غاية في التفرد؛ إذ إنها انطوت على نحو 50 تحوراً وراثياً من السلالة الأم. وهو العدد الأكبر من التحورات قياساً ببقية المتحورات والمتفرعات. ويرجح الباحثون أن أوميكرون ظهرت لدى شخص مصاب أصلاً بمشكلات في مناعته. كما أنه أصيب بكوفيد، وبقي يعاني من إصابته أشهراً عدة. وظهرت نظرية أخرى في شأن مصدر ظهور أوميكرون. فقد قال فريق من علماء جامعة مينيسوتا الشهر الماضي إن نسخة من السلالة الأصلية من فايروس كورونا الجديد أصابت الفئران، وتطورت تلك السلالة لتظهر في شكل أوميكرون، ثم انتقلت عدواها من القوارض إلى الإنسان. ومهما يكن من شأن نظريات أصل أوميكرون؛ فإن من الثابت أنها نجحت في غضون أسابيع من ظهورها في جنوب أفريقيا في توسيع رقعة تفشيها لتشمل أنحاء المعمورة، بسبب كثرة تحوراتها الوراثية. وعادة ما تقوم الأجسام المضادة التي ينتجها جهاز المناعة بالالتصاق بالبروتين الذي يغطي سطح الفايروس، بحيث تمنعه من اقتحام الخلايا. لكن أوميكرون غيرت أجزاء من ذلك البروتين الناتئ الشبيه بالمسامير، بحيث لم يعد بإمكان الأجسام المضادة الالتصاق بسطحها! ومع تضاعف عدد إصاباتها تزايدت تحوراتها الوراثية. والمثير أنها خلال الأشهر التالية لتحورها أطلقت سلالات فرعية. لكن تلك السلالات المتفرعة كانت تجد سلالات متفرعة أخرى تحل محلها، تماماً كما تتكسر الموجة على الشاطئ، بحسب تعبير صحيفة «نيويورك تايمز» أمس. فقد تفشت في البداية متحورتها الأولى التي عرفت بـBA.1، وحلت محلها متحورة BA.2. وما لبثت متحورة BA.5 أن أزاحتها من المشهد كلياً.