وجّه أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال، بوضع سُترة الفريق ركن الشهيد عبدالرحمن سعد أبو جرفة، أثناء استشهاده وذلك بمدخل إمارة المنطقة، وفاء وعرفاناً بما قدّمه من بطولات مختلفة في ميادين الشرف، دفاعاً عن الدين والمليك والوطن، والذي كان قد انتقل إلى رحمة الله في 1436/11/8. جاء ذلك خلال زيارة الأمير تركي بن طلال، لأسرة الشهيد في منزلهم بمركز تندحة في محافظة خميس مشيط، حيث قدم أبناءه سترة والدهم أثناء استشهاده هديةً لأمير عسير، فيما ذكر أحد أبنائه أنها أغلى ما يملكون. وكان الشهيد أبو جرفة قد استشهد أثناء تفقده في جولة ميدانية لوحدات اللواء الثامن عشر الذي يقوده، والمنتشرة على الخطوط الأمامية في المنطقة الجنوبية، إذ تعرض الموقع حينها لنيران معادية عشوائية، أصيب على إثرها، ونُقل بعدها للمستشفى لتلقي العلاج، واستشهد متأثراً بجراحه في ميدان الشرف والبطولة بتضحية وإخلاص لدينه ومليكه ودفاعاً عن وطنه ومواطنيه. وكان الشهيد قد وُلد في عام 1383 من الهجرة بمركز تندحة، وتدرج في تعليمه حتى التحق بكلية الملك عبدالعزيز الحربية وتخرج فيها عام 1405، إذ عيّن على رتبة ملازم في اللواء الحادي عشر، وبرتبة ملازم أول كُلّف ضمن مجموعة مختارة للعمل بقوة الصواريخ الاستراتيجية وأصيب بطلق ناري أثناء قيامه بأداء واجبه، وبرتبي نقيب ورائد عمل قائداً لسرية البندقية 106 بجازان، وبرتبة مقدم عمل مساعداً لقائد الكتيبة الأولى باللواء الثامن عشر، وبرتبة عقيد عمل قائداً لكتيبة الحراسة الأولى، المساندة لقوات الأمن الداخلي بمنطقة الرياض وذلك خلال فترة الأعمال الإرهابية الغاشمة، وبرتبة عميد شغل منصب مساعد لقائد قوة الأحساء التكتيكية ثم التحق بدورة الأركان بالمملكة الأردنية الهاشمية، وبرتبة لواء ركن عين قائداً للواء الثامن عشر متدرجاّ ومتفانياً في خدمة وطنه، قائماً بواجبه على أكمل وجه. وقد حصل على العديد من الأوسمة، وشهادات الشكر والأنواط العسكرية، وكان من أبرزها ميدالية التقدير العسكري، ونوط الذكرى المئوية، ووسام تحرير دولة الكويت، ودورة المظلات، ودورة الإمداد الجوي، ونوط الإدارة العسكرية، ونوط الأمن، ونوط القيادة، ونوط الإتقان، ونوط الشجاعة، ووسام الملك عبدالعزيز، و35 عاماً من الذود عن أرض الوطن قضاها على ثغور عدة تولى مهماتها بكل شجاعة وفخر، وكما هي عادة الضباط والجنود في القوات المسلحة فقد عاش اللواء مخلصاً لدينه ولوطنه ولولاة أمره، ليكون مثالاً للشجاعة وبسالة التضحيات، ويثير في نفوس كل من عمل معه من الضباط والأفراد معنى فداء الوطن ومقدساته ومكتسباته من خلال معاني تشبع بها حتى تجلت في عمله وسلوكه. وقد عاش الشهيد سباقاً في مد يد العون، فبجانب شجاعته في ميادين النزال كان إنسانياً، شهماً كريماً في الأوقات الحرجة، يشعر بمعاناة الآخرين، ويتفقد حاجاتهم داخل بيئة العمل وخارجها، ولطالما جاد بماله ووقته وتنازل عن حظوظ نفسه ورغباتها مقابل السعي في رفع حاجة أو تفريج كربة أو مواساة مصاب، فيما أسهم بشكل مباشر في إنشاء كثير من الأعمال الخيرية، إذ كان من ضمن المتبرعين بأرض المجمع الخيري بمركز تندحة الذي يُعد معلماً من معالم العطاء في منطقة عسير.
ابنه سعد قال في حديثه لـ«عكاظ»، بتاريخ 1436/11/8: اغتالته نيران الغدر والعدوان لتخالط دماءه ثرى الوطن الذي لم يتوانَ يوماً عن تقديم التضحيات لأجله، ورحل متاثراً بجراحه مبدياً فخره واعتزازه أن يلقى ربه شهيداً للدفاع عن دينه ووطنه وما فيه من المقدسات. وأضاف: خلال تعزية ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، آنذاك لذويه، ذكر أنه كان مثالاً يقتدى به في الولاء والانضباط والاستقامة، فيما صدر أمر ملكي كريم بترقيته بصورة استثنائية إلى رتبة فريق ركن وذلك من تاريخ استشهاده، والتوجيه مسبقاً بتسمية شارع رئيسي باسمه في مركز تندحة.