ثمة أمل كبير في إلحاق الهزيمة بفايروس ظل ينتاش الإنسانية في جميع أرجاء العالم، من دون أن يبتكر الإنسان دواء ناجعاً، أو لقاحاً يصدّه. وهو فايروس التهاب الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، الذي يتفشى هذه الأيام. وتسبب هذا الفايروس في وفاة عدد من الأعزاء من الصغار والشيبان. وأعلنت شركة موديرنا الدوائية الأمريكية الليل قبل الماضي أن لقاحاً تجريبياً طورته لصد هذا الفايروس نجح في منع ظهور أعراض المرض لدى البالغين المتقدمين في السن بنسبة تقارب 84%. وهو من دون شك خبر يبعث أملاً كبيراً في إمكان نجاح العلم في التغلب على هذا الفايروس اللئيم. وأدى تفشي هذا الفايروس خلال الشتاء الحالي إلى تكدس المستشفيات بالمرضى، خصوصاً الأطفال والمسنين. وقال خبراء صحيون أمس إن هذا النبأ المبشر من شركة موديرنا، وجهوداً مماثلة من قبل شركتي فايزر وميرك الأمريكيتين قد تؤدي في نهاية المطاف إلى خفض حالات التنويم بالفايروس إلى درجة كبيرة. ويؤدي فايروس التهاب الجهاز التنفسي المَخْلَوي عادة إلى تنويم ما بين 60 ألفاً و120 ألف أمريكي كل عام، وإلى وفاة ما يراوح بين 6 آلاف و10 آلاف منهم سنوياً، بحسب الأرقام الصادرة عن المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها. واستعانت شركة موديرنا بتكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي، التي استخدمتها بنجاح كبير في تطوير لقاح كوفيد-19. وعلى رغم أن لدى موديرنا أكثر من 10 أدوية ولقاحات قيد التطوير؛ إلا أن لقاح فايروس التهاب الجهاز التنفسي هو الوحيد بينها الذي وصل إلى مرحلة متقدمة من التجارب. وقالت نائبة رئيس مكافحة الأمراض المُعدية في موديرنا داكلين ميللر إن أهم جوانب التقدم الأخير يتمثل في نجاح موديرنا في استخدام تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي في أكثر من لقاح. وأعلنت الشركة، التي تتخذ كامبريدج بولاية ماساشوسيتس مقراً، أنها تعتزم التقدم بطلب إلى السلطات الفيدرالية لفسح هذا اللقاح الجديد خلال النصف الأول من السنة الحالية. وأوضحت ميللر أن موديرنا جنّدت 37 ألف متطوع ممن بلغت أعمارهم 60 سنة فأكثر لتجربة لقاح فايروس التهاب الجهاز التنفسي. وأشارت البيانات إلى أن من حصلوا على اللقاح التجريبي ارتفعت نسبة عدم ظهور الأعراض لديهم إلى 83.7%. وأصيب 9 أشخاص فقط بالفايروس ممن تلقوا الجرعة التجريبية، في مقابل 55 شخصاً من المتطوعين الذين حصلوا على جرعة وهمية. وأكد أطباء وخبراء سعادتهم بهذه الأنباء، إذ إن موسم الشتاء الحالي شهد تدفق عدد كبير جداً من المصابين بكوفيد-19 والإنفلونزا وفايروس الالتهاب التنفسي على المستشفيات. ونقلت رويترز عن المدير الطبي لمستشفى بوسطن العام جيمس موجيكا قوله إنه مع توقعه بأنه لن يكون هناك لقاح يتسم بالكمال؛ إلا أن اللقاح الجديد سيسفر عن خفض الأعباء الناجمة عن تفشي هذا الفايروس. وكشفت ميللر أن موديرنا تجري تجربة سريرية في مراحلها الأولية لمعرفة تأثير اللقاح الجديد في الأطفال. وفي الوقت نفسه تجري موديرنا تجارب لمعرفة احتمالات نجاح صيغة لدمج لقاح الجهاز التنفسي مع لقاح موديرنا المضاد لفايروس كوفيد-19، ومع لقاح تجريبي مضاد لفايروس الإنفلونزا. وكانت شركة فايزر الأمريكية أعلنت في أغسطس 2022 أن لقاحاً تجريبياً مضاداً لفايروس التهاب الجهاز التنفسي المخلوي ابتكرته أظهر فعالية بنسبة 66.7% لمنع اثنين أو أكثر من أعراض الالتهاب المذكور، وبنسبة 85.7% في منع ثلاثة أو أكثر من الأعراض في تجربة سريرية شملت متطوعين من سن الـ60 سنة فما فوقها. وفي أكتوبر 2022 أعلنت شركة غلاكسوسميثكلاين البريطانية أن لقاحاً مماثلاً ابتكره علماؤها أثبت فعالية بنسبة 82.6% لدى البالغين من سن 60 سنة فما فوقها، وبنسبة 94.1% في منع تدهور حالة المصابين لدى من تراوح أعمارهم بين 70 و79 سنة. وفي نوفمبر 2022؛ قالت شركة فايزر إن تطعيم الحوامل بلقاحها التجريبي لالتهاب الجهاز التنفسي أدى إلى خفض أعراض الفايروس بنسبة 81.1% لدى المواليد خلال 90 يوماً من ولادتهم، وبنسبة 69.4% خلال الأشهر الستة الأولى من أعمارهم.