ترفع مواقف النُبلِ والشهامة؛ مقام صاحبها، وإن كان محدود الدخل؛ مجهود الحال، وقليل اليسار، ومثل ما تشرّف كل من التقى الرسول عليه الصلاة والسلام بلُقياه؛ ومبايعته، تشرّفت أم معبد؛ عَاتِكَةُ بِنْتُ خليف أو خَالِدِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ خُنَيْسٍ الْكَعْبِيَّةُ الْخُزَاعِيَّة، باستضافة أكرم الخلق.
ولم يكن في بيتها ما يُسعفها بتقديم واجب الضيافة، وما الجود للضيفان أن تُكثرَ القِرى، ولكنّما وجهَ الكريمِ خصيبُ، وبرحابة الصدر، وأصالة المعدن، وحُسن التصرف، دخلت أم معبد وخيمتها سجلّ الشرف، وخلّد التاريخُ ذِكرَ سيدةٍ، آوت المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وهو في طريق هجرته إلى المدينة وكان بصحبته أبو بكر، ومولاه عامر بن فهيرة، وعبد الله بن أريقط.
مرّ أكرم الخلق عليه السلام، بخيمة في بلدة (قُديد) بين مكة والمدينة، فرأى سيدةً على باب خيمتها المنصوبة على الطريق، ومن عادة أم معبد الجلوس؛ أمام الخيمة، لتُطعِم وتسقي المارة ما يتوفر، أو يسد الرمق، بدون مقابل، فأسقت ضيوفها الماء، وسألوها عن لحم وتمر ليشتروا منها فلم يجدوا عندها ما يُمكن شراؤه.
في خيمتها زال الخوف، واستشعر النازلون بها الأمان، فانبرت السيدة الخزاعية، تجتهد وتجاهد في سبيل تفادي الحرج من الضيوف، ولما عَلِم الله نيتها، بيّض وجهها، إذ نظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى شاة في كسر الخيمة، خلّفها الجهد عن الغنم، فسألها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «هل بها من لبن» ؟ فقالت: هي أجهد من ذلك، فقال: «أتأذنين لي أن أحلبها ؟ فقالت: نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت حلبا، فدعا بالشاة فاعتقلها، ومسح ضرعها -وفي رواية وظهرها- وسمّى الله- وفي رواية: ودعا لها في شائها- فتفاجّت، ودرّت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيه ثجا، وسقى القوم حتى رووا، وسقى أم معبد حتى رويت، ثم شرب آخرهم وقال: «ساقي القوم آخرهم شربا».
جاء أبو معبد، فوجد حليباً في الإناء، فاندهش، وإثر وصف أم معبد للضيف المبارك؛ قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً.
وسمع أهل مكة صوتاً عالياً ؛ يردد أعذب قصيدة لحسان بن ثابت:
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به
فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا تجازى وسؤدد
سَلُوا أُخْتكُمْ عَن شاتـِها وإنائِهـا
فإنّكُمُ إنْ تَسْألـوا الشّـاةَ تَشْهـدِ
دَعَاهَا بشـاةٍ حَائـلٍ فتَحَلبـَتْ
لَهُ بِصريحٍٍ ضَـرّةُ الشّـاةِ مُزبِِـدِ
فَغَادَرَهَـا رَهْنـاً لَدَيْهـا لِحالـبٍ
يُرددُهـا فِـي مَصْـدرٍٍ ثُمّ مَـوردِ
ولم يكن في بيتها ما يُسعفها بتقديم واجب الضيافة، وما الجود للضيفان أن تُكثرَ القِرى، ولكنّما وجهَ الكريمِ خصيبُ، وبرحابة الصدر، وأصالة المعدن، وحُسن التصرف، دخلت أم معبد وخيمتها سجلّ الشرف، وخلّد التاريخُ ذِكرَ سيدةٍ، آوت المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وهو في طريق هجرته إلى المدينة وكان بصحبته أبو بكر، ومولاه عامر بن فهيرة، وعبد الله بن أريقط.
مرّ أكرم الخلق عليه السلام، بخيمة في بلدة (قُديد) بين مكة والمدينة، فرأى سيدةً على باب خيمتها المنصوبة على الطريق، ومن عادة أم معبد الجلوس؛ أمام الخيمة، لتُطعِم وتسقي المارة ما يتوفر، أو يسد الرمق، بدون مقابل، فأسقت ضيوفها الماء، وسألوها عن لحم وتمر ليشتروا منها فلم يجدوا عندها ما يُمكن شراؤه.
في خيمتها زال الخوف، واستشعر النازلون بها الأمان، فانبرت السيدة الخزاعية، تجتهد وتجاهد في سبيل تفادي الحرج من الضيوف، ولما عَلِم الله نيتها، بيّض وجهها، إذ نظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى شاة في كسر الخيمة، خلّفها الجهد عن الغنم، فسألها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «هل بها من لبن» ؟ فقالت: هي أجهد من ذلك، فقال: «أتأذنين لي أن أحلبها ؟ فقالت: نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت حلبا، فدعا بالشاة فاعتقلها، ومسح ضرعها -وفي رواية وظهرها- وسمّى الله- وفي رواية: ودعا لها في شائها- فتفاجّت، ودرّت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيه ثجا، وسقى القوم حتى رووا، وسقى أم معبد حتى رويت، ثم شرب آخرهم وقال: «ساقي القوم آخرهم شربا».
جاء أبو معبد، فوجد حليباً في الإناء، فاندهش، وإثر وصف أم معبد للضيف المبارك؛ قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً.
وسمع أهل مكة صوتاً عالياً ؛ يردد أعذب قصيدة لحسان بن ثابت:
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به
فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا تجازى وسؤدد
سَلُوا أُخْتكُمْ عَن شاتـِها وإنائِهـا
فإنّكُمُ إنْ تَسْألـوا الشّـاةَ تَشْهـدِ
دَعَاهَا بشـاةٍ حَائـلٍ فتَحَلبـَتْ
لَهُ بِصريحٍٍ ضَـرّةُ الشّـاةِ مُزبِِـدِ
فَغَادَرَهَـا رَهْنـاً لَدَيْهـا لِحالـبٍ
يُرددُهـا فِـي مَصْـدرٍٍ ثُمّ مَـوردِ