يرى المفكر العراقي الدكتور عبدالجبار الرفاعي، أن أنماط التديّن تختلفُ تبعاً باختلاف النَّاس أفراداً ومجتمعاتٍ، وباختلاف واقعهم وعصرِهم وثقافتهم، وطريقة عيش الإنسان ونمط العمران، وباختلاف كيفية تلقِّي النصوص المقدَّسة.
ويؤكد، أن التديُّن ربما كان دافئاً، ليِّناً، رقِيقاً، رحيماً، كما هو لدى قليل من الأشخاص الذي يُولدون في واقعٍ يستمعون فيه إلى صوتِ المَحَبَّة والعطف والشفقة والتَّراحم، ويحظون بتربيةٍ وتعليمٍ سليمَين، وربما يكون التديّنُ شديداً، قاسياً، عنيفاً بلا رحمة، كما نجد لدى معظم الأشخاص الذين يتعرَّضون للاضطهاد وعنفٍ في العائلة والمجتمع والسلطة السياسية، ولا يحظون بتربية وتعليم سليمَين.
وأوضح الرفاعي، أن الدين أبدي، وموجودٌ بوجود آدم الأوَّل، وسيبقى إلى آدم الأخير. وهو قائم في عصرنا كما كان قائماً على الدَّوام في كلِّ عصر، وهو كائنٌ حي ينمو ويتطوَّر ويمرض، وربما يصاب بداءٍ مزمن. فكم من ديانةٍ منفتحة انغلقت، وكم من ديانةٍ مغلقة انفتحتْ.
ولفت الرفاعي إلى أن مفسّري النصوص المقدسة تتحكمُ في فهمِهم للدين وتفسيرِهم لنصوصه رؤيتُهم للعالَم وثقافتُهم ونمطُ نشأتهم وتربيتُهم وتكوينُهم المعرفي، وأحكامُهم المسبقة، وآفاقُ نظرهم للدين، ويمكن للإنسان في هذا العصر تجديد مناهج فهمه للدين، وتجديد أدوات تفسير نصوصه في ضوء متطلَّبات هذا الواقع، كما فعل الإنسانُ في الماضي.
وذهب الرفاعي إلى أن دراسة أثر كلِّ دين وأنماط التديُّن التي تتشكّل في فضائه تتطلَّب أن يعتمدَ الدارسُ معادلةً مثلثةً للفهم؛ إذ لا بدَّ من أن يعاينَ الدارسُ ذلك الدين بوصفه نصّاً مقدَّساً أولاً، ويتعرّف ثانياً إلى شخصيَّة الإنسان المُعْتَقِد بهذا النصِّ فَرْداً ومُجْتَمَعاً، ويكتشف طبيعةَ الواقع الذي يعيش فيه هذا الإنسانُ وكلَّ ما يحفل به عصرُه ثالثاً. وتشكل هذه العناصرُ الثلاثةُ توليفةً متفاعلةً تؤثّر كلٌّ منها في الأخرى وتتفاعل معها؛ لذلك تختلف.
وعزا الثَّغراتُ في دراسة الأديان إلى إهمال أحد أضلاع المعادلة المُثلثة للفهم، لذلك تتطلَّب دراسةُ الأديانِ أنْ يتعاطَى الدَّارسُ مع نصوصِها المقدّسةِ وتراثِها الدينيّ بمنطقِ الباحث الذي يعتمدُ مناهجَ البحثِ العلميِّ، وينشدُ فهمَ المغزى العميقِ لهذه النصوص، ويهمُّه التعرُّفُ إلى دلالات التُّراث في فضاء السياقات الخاصّة التي تَشَكَّل فيها، والسعي لاكتشاف الآثارِ الروحية والأخلاقية والجمالية التي أنتجتْها نصوصُ هذه الأديان، وكيفياتِ تمثّلها في الحياة البشرية. ولا أظنُ أن هناك جدوى من دراسة الأديان ومقارنتها وحوارها لو كان الدارسُ مولعاً بالتبشيرِ بمعتقده ولا يريد إلّا ترويجَه، والحرص على إدخالِ المختلف فيه، بوصف معتقده هو الحقّ وكل ما سواه باطل.
ويقرر الرفاعي، أن الرؤية غير التاريخية للدين ترى الأديانَ قارَّةً ساكنةً، وكأنَّها تؤثِّر في المجتمعات وتعمل على تغييرها، من دون أنْ تتغيّر هي أو تتأثَّر، بينما الرؤيةُ التاريخية العلميَّة تذهب إلى أنَّ الأديانَ تتأثَّر بطبيعةِ المجتمعاتِ الإنسانيَّةِ المتنوِّعَةِ، تبعاً لتنوُّع الزمانِ والمُحيط والإثنيَّة والجغرافيا والثقافة واللغة والاقتصاد والسلطة، وهناك تأثير وتأثُّر متبادَل بين الدين والمجتمع، فمثلما يؤثّر الدينُ في المجتمع، ويسهم في إنتاجِ رؤيتِه للعالَم، ويعمل على صوغ نمطِ حياتِه، يعمل المجتمعُ أيضاً على إنتاجِ صورتِه الخاصَّة للدين، وصياغةِ نمطِ التديّن الذي يشبهه. مثلاً لو ظهرت البوذيةُ في الجزيرة العربيّة لأضحتْ مُشَابِهَةً للمجتمع العربيّ، ولو ظهرت الهندوسيةُ في اليونان لأضحت مشابهةً للمجتمع اليوناني، ولو ظهرت المسيحيةُ في الصِّين لأضحت مشابهةً للمجتمع الصيني، وهكذا الحالُ في الأديان الأخرى. كما تؤثّر المجتمعاتُ في الأديان؛ تؤثر الأديانُ في المجتمعات، ما فعلتْه الأديانُ في المجتمعات لا يقلُّ عن فعلِ المجتمعات بالأديان.
ويصل إلى نتيجةٍ مفادها حاجة المجتمعات إلى تتابع النبوَّات وظهور المجدِّدين والضرورات الأبدية لإصلاح الأديان وتجديد فهمها وإعادة تفسير كتبها المقدسة. ثم إن الضرورة إلى تجديد الفكر الديني تشتدُّ في كلِّ عصر، من أجل تحرير فهم الدين من التعصُّب الأعمى، وبعث الإيمان، وحماية الاعتقاد من الاستغلال فيما ينهك الحياة، والواقع الذي نعيشه اليوم يفرض علينا الاهتمام بدراسة الدين في سياق مكاسب العقل والعلم والمعرفة والخبرة البشرية المتراكمة، ودراسة كيفية نشأته وأنماط حضوره وصيرورته عبر التاريخ، والانتقال في الدِّراسات الدينيَّة من الرؤيةِ التقليديَّة - التي كانت ترى الدين ونصوصَه المقدَّسة مرجعيةً نهائيةً في تفسير كلِّ شيء وفهمه - إلى رؤيةٍ تُخضِع تعبيراتِ الدين وتجلياتِه في الحياة للفهم والتفسير، بوصفها تَمَثُّلاتٍ بشريةً، وكلّ ما هو بشري يقع في مداراتِ عقلِ الإنسان وعلومه ومعارفه وخبراته، وإن كانت نصوصُ الدين مقدّسة، غير أنَّ تفسيرَها وتأويلَها وفهمَها يتجلَّى فيه الأُفُقُ التاريخيُّ الذي يتموضعُ فيه الإنسان، ولا يمكن أن يكون ذلك الفهمُ عابراً للإطار المعرفيّ لذلك الإنسان.
ويؤكد، أن التديُّن ربما كان دافئاً، ليِّناً، رقِيقاً، رحيماً، كما هو لدى قليل من الأشخاص الذي يُولدون في واقعٍ يستمعون فيه إلى صوتِ المَحَبَّة والعطف والشفقة والتَّراحم، ويحظون بتربيةٍ وتعليمٍ سليمَين، وربما يكون التديّنُ شديداً، قاسياً، عنيفاً بلا رحمة، كما نجد لدى معظم الأشخاص الذين يتعرَّضون للاضطهاد وعنفٍ في العائلة والمجتمع والسلطة السياسية، ولا يحظون بتربية وتعليم سليمَين.
وأوضح الرفاعي، أن الدين أبدي، وموجودٌ بوجود آدم الأوَّل، وسيبقى إلى آدم الأخير. وهو قائم في عصرنا كما كان قائماً على الدَّوام في كلِّ عصر، وهو كائنٌ حي ينمو ويتطوَّر ويمرض، وربما يصاب بداءٍ مزمن. فكم من ديانةٍ منفتحة انغلقت، وكم من ديانةٍ مغلقة انفتحتْ.
ولفت الرفاعي إلى أن مفسّري النصوص المقدسة تتحكمُ في فهمِهم للدين وتفسيرِهم لنصوصه رؤيتُهم للعالَم وثقافتُهم ونمطُ نشأتهم وتربيتُهم وتكوينُهم المعرفي، وأحكامُهم المسبقة، وآفاقُ نظرهم للدين، ويمكن للإنسان في هذا العصر تجديد مناهج فهمه للدين، وتجديد أدوات تفسير نصوصه في ضوء متطلَّبات هذا الواقع، كما فعل الإنسانُ في الماضي.
وذهب الرفاعي إلى أن دراسة أثر كلِّ دين وأنماط التديُّن التي تتشكّل في فضائه تتطلَّب أن يعتمدَ الدارسُ معادلةً مثلثةً للفهم؛ إذ لا بدَّ من أن يعاينَ الدارسُ ذلك الدين بوصفه نصّاً مقدَّساً أولاً، ويتعرّف ثانياً إلى شخصيَّة الإنسان المُعْتَقِد بهذا النصِّ فَرْداً ومُجْتَمَعاً، ويكتشف طبيعةَ الواقع الذي يعيش فيه هذا الإنسانُ وكلَّ ما يحفل به عصرُه ثالثاً. وتشكل هذه العناصرُ الثلاثةُ توليفةً متفاعلةً تؤثّر كلٌّ منها في الأخرى وتتفاعل معها؛ لذلك تختلف.
وعزا الثَّغراتُ في دراسة الأديان إلى إهمال أحد أضلاع المعادلة المُثلثة للفهم، لذلك تتطلَّب دراسةُ الأديانِ أنْ يتعاطَى الدَّارسُ مع نصوصِها المقدّسةِ وتراثِها الدينيّ بمنطقِ الباحث الذي يعتمدُ مناهجَ البحثِ العلميِّ، وينشدُ فهمَ المغزى العميقِ لهذه النصوص، ويهمُّه التعرُّفُ إلى دلالات التُّراث في فضاء السياقات الخاصّة التي تَشَكَّل فيها، والسعي لاكتشاف الآثارِ الروحية والأخلاقية والجمالية التي أنتجتْها نصوصُ هذه الأديان، وكيفياتِ تمثّلها في الحياة البشرية. ولا أظنُ أن هناك جدوى من دراسة الأديان ومقارنتها وحوارها لو كان الدارسُ مولعاً بالتبشيرِ بمعتقده ولا يريد إلّا ترويجَه، والحرص على إدخالِ المختلف فيه، بوصف معتقده هو الحقّ وكل ما سواه باطل.
ويقرر الرفاعي، أن الرؤية غير التاريخية للدين ترى الأديانَ قارَّةً ساكنةً، وكأنَّها تؤثِّر في المجتمعات وتعمل على تغييرها، من دون أنْ تتغيّر هي أو تتأثَّر، بينما الرؤيةُ التاريخية العلميَّة تذهب إلى أنَّ الأديانَ تتأثَّر بطبيعةِ المجتمعاتِ الإنسانيَّةِ المتنوِّعَةِ، تبعاً لتنوُّع الزمانِ والمُحيط والإثنيَّة والجغرافيا والثقافة واللغة والاقتصاد والسلطة، وهناك تأثير وتأثُّر متبادَل بين الدين والمجتمع، فمثلما يؤثّر الدينُ في المجتمع، ويسهم في إنتاجِ رؤيتِه للعالَم، ويعمل على صوغ نمطِ حياتِه، يعمل المجتمعُ أيضاً على إنتاجِ صورتِه الخاصَّة للدين، وصياغةِ نمطِ التديّن الذي يشبهه. مثلاً لو ظهرت البوذيةُ في الجزيرة العربيّة لأضحتْ مُشَابِهَةً للمجتمع العربيّ، ولو ظهرت الهندوسيةُ في اليونان لأضحت مشابهةً للمجتمع اليوناني، ولو ظهرت المسيحيةُ في الصِّين لأضحت مشابهةً للمجتمع الصيني، وهكذا الحالُ في الأديان الأخرى. كما تؤثّر المجتمعاتُ في الأديان؛ تؤثر الأديانُ في المجتمعات، ما فعلتْه الأديانُ في المجتمعات لا يقلُّ عن فعلِ المجتمعات بالأديان.
ويصل إلى نتيجةٍ مفادها حاجة المجتمعات إلى تتابع النبوَّات وظهور المجدِّدين والضرورات الأبدية لإصلاح الأديان وتجديد فهمها وإعادة تفسير كتبها المقدسة. ثم إن الضرورة إلى تجديد الفكر الديني تشتدُّ في كلِّ عصر، من أجل تحرير فهم الدين من التعصُّب الأعمى، وبعث الإيمان، وحماية الاعتقاد من الاستغلال فيما ينهك الحياة، والواقع الذي نعيشه اليوم يفرض علينا الاهتمام بدراسة الدين في سياق مكاسب العقل والعلم والمعرفة والخبرة البشرية المتراكمة، ودراسة كيفية نشأته وأنماط حضوره وصيرورته عبر التاريخ، والانتقال في الدِّراسات الدينيَّة من الرؤيةِ التقليديَّة - التي كانت ترى الدين ونصوصَه المقدَّسة مرجعيةً نهائيةً في تفسير كلِّ شيء وفهمه - إلى رؤيةٍ تُخضِع تعبيراتِ الدين وتجلياتِه في الحياة للفهم والتفسير، بوصفها تَمَثُّلاتٍ بشريةً، وكلّ ما هو بشري يقع في مداراتِ عقلِ الإنسان وعلومه ومعارفه وخبراته، وإن كانت نصوصُ الدين مقدّسة، غير أنَّ تفسيرَها وتأويلَها وفهمَها يتجلَّى فيه الأُفُقُ التاريخيُّ الذي يتموضعُ فيه الإنسان، ولا يمكن أن يكون ذلك الفهمُ عابراً للإطار المعرفيّ لذلك الإنسان.