-A +A
«عكاظ» (المدينة المنورة)

بحضور المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، أقام أمير منطقة المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، حفلاً لتكريم عالم الآثار الراحل الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن محمد الطيب الأنصاري رحمه الله، وذلك ضمن مبادرة تكريم رجالات المدينة المنورة في عامها الثاني. ويُعد الأنصاري من أوائل علماء الآثار والمؤرخين السعوديين الذي كانت له إسهاماته على مستوى الوطن نال بها العديد من الجوائز والأوسمة التقديرية.

حضر اللقاء نخبة من المثقفين والمختصين في مجال الأبحاث الأثرية والتاريخية وجمع من أعيان المنطقة.

وخلال الحفل، أُعلن عن صدور توجيه الأمير فيصل بن سلمان، بإطلاق اسم الأستاذ الدكتو الأنصاري على أحد الشوارع الرئيسية بالمدينة المنورة، تكريماً لمسيرته العلمية والعملية في مجال التاريخ والآثار وتخليداً لجهوده وإسهاماته التي كانت لها أصداء إقليمية وعالمية.

كما تحدث أمير منطقة المدينة المنورة، عن مناقب الراحل، مشيراً إلى أن المملكة فقدت بوفاته أحد أهم رواد العمل الأكاديمي، ورمزاً من رموز عِلم الآثار، ومؤرخاً من الطراز الرفيع لتاريخ الجزيرة العربية، ونوه بدور الراحل في ريادته لأعمال مشاريع التنقيب الأثري في قرية الفاو (جنوب غرب مدينة الرياض) لأكثر من عقدين من الزمن.

في ذات السياق، أُعلن عن مبادرة المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، الرئيس الفخري لجمعية العناية بمساجد الطرق الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، بإنشاء مسجد باسم الدكتور عبدالرحمن الأنصاري بالمدينة المنورة، تكريمًا له وعرفانا بجهوده وإنجازاته الوطنية.

وخلال المناسبة، استعرض أستاذ اللغات والحضارات الساميّة والآثار الأستاذ الدكتور سالم بن أحمد طيران، في عرضٍ موجز، حصاد مسيرة 20 عاماً من الاكتشافات الأثرية في قرية الفاو التي أشرف عليها الفقيد –رحمه الله–، بالإضافة إلى الموجودات الأثرية ومطبوعات النشر العلمي والثقافي الصادرة عن البروفيسور الأنصاري.

إثر ذلك، تحدث نجل الراحل، الأستاذ الدكتور عاصم الأنصاري، أستاذ واستشاري الصحة العامة للأسنان بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، عن لمحات من حياة وشخصية والده -رحمه الله- التي كان لها بالغ الأثر في تكوين ملامح حياة العائلة، وأثر ما غرسه والدهم من حبٍ للآثار والتعرف على ثقافات الشعوب و الحرص على زيارة المتاحف والمكتبات والمواقع الأثرية خلال زياراتهم السياحية، بالإضافة إلى استذكار تعلق والده بالمدينة المنورة وتخصيصه شهر رمضان المبارك للبقاء فيها وزيارة مواقعها الأثرية والتاريخية.

كما أعلن الأنصاري خلال كلمته عن رغبة العائلة في إنفاذ وصية الفقيد وإهداء مكتبة الراحل، التي تضم نفائس الكتب والمؤلفات والمراجع، بالإضافة إلى مكتبة جده الشيخ محمد الطيب الأنصاري، عالم المدينة وفقيهها، الغنية بالمخطوطات والمؤلفات، إلى جامعة طيبة، حرصًا منه للتيسير على الباحثين وطلبة العلم للوصول إلى محتوياتها.

ثم تحدّث المؤرخ الدكتور سعد بن عبدالعزيز الراشد، خلال كلمته عن الذكريات العطرة التي خلّفها الدكتور الأنصاري في المجتمع السعودي، وقال: لقد لمست هذا الأثر عند زياراتي للكثير من القرى والمدن في مناطق المملكة، حيث وجدت كبار السن يذكرون زيارات الأنصاري للمواقع الأثرية والتاريخية في ديارهم، وللدكتور الأنصاري مواقف مشرفة في الندوات والمؤتمرات العلمية الدولية والقارية والإقليمية، فقد كان يؤمن بضرورة إبراز الهوية التاريخية والحضارية التي تعتز بها المملكة العربية السعودية، وما شرفها الله به بأن تكون مهبطًا للوحي وحاضنة البيت الحرام والمسجد النبوي، وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، وكان إيمانه الصادق مبنيٌ على أسس علمية تثبت بأن الجزيرة العربية هي مركز الحضارات الإنسانية المبكرة.

عقب ذلك، شاهد الحضور فيلماً وثائقياً يروي نشأة البروفيسور الأنصاري ومسيرته العلمية والعملية في خدمة تاريخ الجزيرة العربية، ودوره كأحد أبرز رواد علم الآثار في السعودية، وإسهاماته الثرية واكتشافاته العظيمة في التراث الوطني، حتى وفاته في العاصمة الرياض -رحمه الله- في مارس الماضي ومن ثم دفنه في بقيع الغرقد بالمدينة المنورة.

وفي نهاية الحفل أهدى الأمير فيصل ين سلمان أسرة الفقيد، لوحة فنية «بورتريه» من عمل الفنان السعودي ضياء عزيز ضياء، تسلمتها نيابة عنهم ابنته الدكتورة لبنى الانصاري.