على رغم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها بريطانيا، فإن أسواق السياحة وبيع العاديات والتحف بدأت تتهيأ لانتعاش كبير من جراء التدفق المتوقع للسياح على بريطانيا، لحضور فعاليات تنصيب الملك تشارلز الثالث عاهلاً للمملكة المتحدة في 6 مايو القادم. ويقول مراقبو شؤون العائلة المالكة في بريطانيا إن ما يميز مناسبة تتويج الملك تسالز الثالث أنها تمثل «قطعة من التاريخ»، بما تنطوي عليه من مراسم متوارثة منذ أكثر من ألف سنة. وبدأت شركات السياحة، والمطاعم، والمقاهي تستعد لهذه المناسبة، التي سيتابعها مئات الملايين في أنحاء العالم عبر شاشات التلفزة. وذكر مراقبون أن المناسبة الملكية التي ستبدأ في 6 مايو ستضخ قدراً كبيراً من الأموال للمحلات التجارية في وسط لندن. لكنهم استبعدوا أن يكون لإنفاق السياح المعجبين بالملكية البريطانية تأثير يذكر في إصلاح أزمة غلاء المعيشة، التي حدت بعدد من النقابات العمالية إلى الإضراب للمطالبة بزيادة الأجور. ومن جانبها، استعدت الفنادق في منطقة لندن المركزية بصفقات باهظة الكلفة؛ فقد أعلن فندق كافيه رويال أنه هيأ موائد بوجبات خاصة، وتنظيم زيارة خاصة لبرج لندن، للنزلاء الذين يحجزون ليلتين في الفندق، في مقابل 16 ألف دولار. ويستطيع الضيف أن يشاهد جواهر التاج الملكي خلال زيارته برج لندن. واستعد فندق دورشستر؛ الذي يفضله عادة أفراد العائلات المالكة والمشاهير، للمناسبة بإعداد قطعة كيك على خمس طبقات، وعمد الفندق الفخم إلى إعداد ديكور خاص لواجهته، محاكياً الديكور الذي استخدمه حين تم تتويج الملكة الراحلة اليزابيث الثانية في سنة 1953. وأعلن فندق رويال لانكاستر، القريب من حديقة هايد بارك، أنه سيقدم الشاي بعد الظهيرة لضيوفه، مع الوجبة التي يفضلها الملك تشالرلز الثالث: ساندويتشات اللحم المدخن، وشاي دار جيلينغ، وستوضع في بهو الفندق قطعة كعك ضخمة مصممة بشكل التاج الملكي. وقالت شركات سياحة عدة إنها استعانت بنادلين سابقين في القصور الملكية البريطانية لإعداد قائمة طعام خاصة شبيهة بما يقدم في الموائد الملكية. ونشط أصحاب محلات التحف التذكارية لصنع مجموعة منها؛ تشمل مناشف اليد، والجوارب، وأطباق التحلية، وبعض الأواني التي تحمل أختاماً ملكية، بحسب ما أَذِن به المكتب المختص بالتصديق على التذكارات الرسمية. وتشمل التذكارات ألعاب الورق التي تحمل صورة الملك تشارلز الثالث، وحقائب الأطفال، والأقلام، ومزيداً من القطع التذكارية التي تحمل صورة الملكة الراحلة اليزابث الثانية. وتأمل شركات السياحة البريطانية أن يكون تتويج تشارلز الثالث انتعاشاً حقيقياً لها، بعد نحو ثلاث سنوات من الإغلاق وتوقف العمل بسبب نازلة فايروس كورونا الجديد. وزار بريطانيا السنة الماضية 29.7 مليون سائح، لكنهم لا يزيدون على ثلث عدد السياح في 2019. وأسفرت احتفالات بريطانيا السنة الماضية باليوبيل البلاتيني لحكم الملكة اليزابيث الثانية عن تدفق نحو 2.6 مليون سائح. والهدف الرئيسي للسياح الذين يفدون إلى بريطانيا هو التاريخ، والتراث، والعائلة المالكة. وفيما تشير الأرقام إلى زيادة بنسبة 10% في عدد حجوزات السياح القادمين من الولايات المتحدة، لحضور تتويج الملك تشارلز الثالث؛ لم يظهر الصينيون -وهم أكبر قوة سياحية في بريطانيا- أية رغبة في الإقبال على بريطانيا خلال هذه الفترة. ويعتقد بأن ذلك يعزى إلى التوتر الذي يسود العلاقات بين بريطانيا والصين، وبين الصين والغرب بوجه عام، بشأن الخلاف الذي أثاره الغزو الروسي لأوكرانيا. وذكرت صحف لندن أن الحكومة البريطانية ستنفق 100 مليون جنيه إسترليني في احتفالات تتويج ملكها، فضلاً عن منح البلاد عطلة في 8 مايو القادم. وهو ما يتوقع أن يعود بمداخيل وافرة على شركات الضيافة والسياحة. وتقول مؤسسة التمويل من خلال العلامات التجارية إن نشاطات العائلة الملكية ترفد اقتصاد بريطانيا بما يصل إلى 500 مليون جنيه إسترليني سنوياً.