نعت الرواية العربية الروائي العربي حيدر حيدر (الفهد)، الذي وافته المنية، صباح اليوم (الجمعة)، في مسقط رأسه «حصين البحر» بالقرب من مدينة طرطوس، وجوار السفوح الغربية لجبال اللاذقية.
حرص صاحب «وليمة لأعشاب البحر»، الذي رحل عن عمر ناهز 87، على توثيق سيرته الأدبية في عمله «الضوء والمنفى» الصادر عن دار ورد، وتعد سيرة ذاتية ووثيقة شعرية واجتماعية وسياسية طويلة وخلاّبة، ودوّن جوانب من التاريخ السوري وتاريخ مثقفيه وحركته الثقافية والسياسية.
حيدر المولود في قرية حصين البحر في مدينة طرطوس عام 1936 تلقى تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه، وتابع تعليمه الإعدادي في مدينة طرطوس عام 1951، ثمّ تابع دراسته وتخرج في معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب عام 1954. برزت ميوله الأدبية في وقت مبكر من حياته، ومن دمشق بدأ ينشر قصصاً في الدوريات اليومية والشهرية، نُشرت أولى محاولاته القصصية بعنوان «مدارا» في مجلة محلية في مدينة حلب، طبعت فوضى واضطرابات خمسينيات القرن الماضي في سورية بصمتها على شخصية الأديب، فكل ما عاناه البلد في تلك الفترة من نزاعاتٍ وانقلابات وتخبط الحياة السياسية، إضافة إلى الهزيمة العسكرية في فلسطين وبدء نشوء الكيان الصهيوني، دفعه إلى الانضمام إلى التيار العروبي الوحدوي وانخراطه فيه مع زملائه الطلاب. وعام 1968 أصدر أولى مجموعاته القصصية «حكايا النورس المهاجر»، وفي العام نفسه بدأ التحضير لتكوين اتحاد الكتاب العرب على مستوى الكتّاب والهيئة التحضيرية، وتم انتخابه أحد أعضاء مكتبه التنفيذي، وفي المكتب وزعت المهمات واللجان ووقع عليه اختيار مسؤولية الإشراف على النشر.
وفي سبعينات القرن الماضي ترك سورية للعمل معلماً معاراً في الجزائر أثناء حملة التعريب التي اعتمدها التعليم الجزائري، فعمل هناك مدرساً للغة العربية ولجميع المواد تقريباً باللغة العربية، وعاد إلى دمشق، ومنها إلى بيروت، التي تركت الأثر الأعمق في نفسه، وعمل في إحدى دور النشر مراجعاً ومصحّحاً لغويّاً، ونشر حيدر روايته الأولى «الزمن الموحش» عن تجربته في دمشق خلال سبعة أعوام، وانخراطه في المناخ الثقافي والسياسي. وصدرت عن دار العودة في لبنان في العام 1973، ثم صدرت له المجموعة القصصية «الفيضان» عن اتّحاد الكتّأب الفلسطينيين في العام 1975 من بغداد، وفي 1982 أعيد طبعها مع التموّجات في بيروت عن المؤسّسة العربية للدراسات والنشر، ومطلع الحرب اللبنانية التحق حيدر بالمقاومة الفلسطينية في إطار الإعلام الفلسطيني الموحّد واتّحاد الكتّأب الفلسطينيين في بيروت.
وتعد روايته «وليمة لأعشاب البحر» الأكثر شهرة باعتبار ما حاط بها من اعتراضات ونقد الإسلاميين، ما أسهم في ارتفاع مبيعاتها رغم أنه حُظِر نشرها في دولٍ عربية عدة، وتدور أحداثها حول مناضل شيوعيّ عراقي فرَّ إلى الجزائر والتقى بإحدى المناضلات القديمات في عهد انهيار الثوار، فيما تحول عمله الروائي «الفهد» إلى فيلم قدّمه المخرج السوري الراحل نبيل المالح عام 1972، ليصنّف لاحقاً باعتباره من الأفلام السينمائية الخالدة في العالم، عدا عن كونه أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما السورية.
صدرت له أعمال، منها: حكايا النورس المهاجر، والزمن الموحش، والتموّجات (قصتان)، ومرايا النار، وفصل الختام، وأوراق المنفى، وغسق الآلهة، وشموس الغجر، والوعول، وإغواء، وحقل الأرجوان، ومرثية الفتى السماوي، ومراثي الأيام.