-A +A
ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@
أعلنت منظمة الصحة العالمية، الأسبوع الماضي، انتهاء حالة الطوارئ الصحية العمومية التي تسبب فيها وباء فايروس كورونا الجديد. لكنّ العلماء والخبراء الصحيين أجمعوا على أن ذلك لا يعني نهاية الوباء العالمي، الذي سيظل باقياً على ظهر البسيطة سنوات قادمة. كما أن الإعلان جاء في وقت لم يتضح فيه ما إذا كانت حكومات دول العالم اتعظت من اندلاع نازلة كورونا بما يكفي لتكون جاهزة للرد على اندلاع أي وباء جرثومي أو فايروسي قد يؤدي إلى موت فظيع في أرجاء المعمورة. وكانت المنظمة العالمية، التي يوجد مقرها في جنيف بسويسرا، قد أعلنت الأسبوع الماضي أن كوفيد-19، الذي قتل أكثر من 7 ملايين نسمة على مدى السنوات الثلاث الماضية، لم يعد يشكل حالة طوارئ صحية عمومية توجب القلق على المستوى الدولي. ويرى العلماء أن قرار المنظمة يستحق الترحاب؛ لأنه يعترف بأن المرحلة الحادة من نازلة كورونا قد انتهت فعلياً؛ وهي المرحلة التي وصل فيها عدد الوفيات بسبب الفايروس في يناير 2021 إلى أكثر من 100 ألف وفاة أسبوعياً. وانحدر عدد الوفيات الأسبوع الماضي إلى نحو 3500 وفاة أسبوعياً. غير أن العلماء يحذرون من أن المناعة التي توفرها لقاحات كوفيد-19 ضد الإصابة، أو مضاعفاتها قصيرة جداً. وبعد إقدام غالبية حكومات العالم على إلغاء الإجراءات الاحترازية الهادفة لمنع تناقل العدوى بين السكان، يمكن القول إن موجات العدوى الفايروسية ستكون أمراً محتوماً في مقبل الأيام. ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، عن المحاضر بجامعة ليدز البروفسور ستيفن غريفين قوله إن الأمر ليس بالبساطة التي تجعل أية جهة مختصة تغلق مفتاحاً لتعلن أن الوباء العالمي قد انتهى، خصوصاً إذا كان وباء عالمياً بهذه المعايير البشعة. وقالت الأستاذة بجامعة لندن البروفسور سوزان ميتشي: إنه بغض النظر عما إذا كان كوفيد-19 وباء عالمياً أم لا؛ فهناك عدد من البلدان التي لا تزال تعاني من موجات عدوى كبيرة، ويموت الآلاف منها كل أسبوع. وأضافت أن ذلك الوضع سيستمر خلال المستقبل القريب، في غياب أي مجهودات رسمية للقضاء على الوباء. وهو ما يعني، أيضاً، أنه ليست هناك أي جهود دولية منسّقة لمواجهة أية متحورات فايروسية جديدة قد تظهر مستقبلاً. ورأى الأستاذ بجامعة تكساس البروفسور بنجامين نيومان أن «هذا الإعلان الحلو-المُر بانتهاء الوباء العالمي يبدو مثل رفع علم أبيض للاستسلام، أكثر منه مدعاة للاحتفال». وزاد أنه على رغم إحراز تقدم كبير في مواجهة الوباء العالمي؛ فإن قرار منظمة الصحة العالمية ينم عن أن كوفيد-19 واقع سياسي أكثر من كونه حالة طبية.

ويجمع الخبراء أنه على رغم انقضاء ذروة الوباء العالمي؛ فإن تأثيراته ستظل عميقة، ومستمرة فترة طويلة. وأضافوا أن فايروس كورونا الجديد، الذي يتسبب في مرض كوفيد-19، لا يزال يقتل شخصاً كل ثلاث دقائق؛ فيما يعاني ملايين ممن تعافوا منه من تبعات الإصابة بمرض «كوفيد المزمن»، الذي يجعلهم عاجزين عن القيام بمهمات حياتهم المعتادة. كما أن الفايروس لا يزال يمثل تهديداً خطيراً لكبار السن، والمصابين بأمراض مزمنة. وهو ما سيكون خطراً سنوياً يضاف الى الأمراض الموسمية الأخرى، كالإنفلونزا، والتهاب الفايروس التنفسي المَخْلَوِي، وغيرهما من الأمراض التي تَدْهَمُ الإنسانية كل شتاء. ويتعين على العلماء والحكومات أن تستثمر في تهيئة منظوماتها الصحية، لتستطيع خدمة عدد أكبر من الناس كل عام. ولا بد من تعاون أكبر بين الدول، لضمان استعداد جميع الدول لمواجهة أية نازلة مماثلة في المستقبل، سواء أكان السبب فيها متحورات جديدة عن فايروس كورونا الجديد، أم فايروسات أو جراثيم جديدة ليس للإنسانية عهدٌ بها. والاحتمال الأخير هو أكثر ما يرعب العلماء؛ إذ إنه مع عودة السفر الدولي الى مستوياته السابقة لاندلاع نازلة كورونا تتزايد احتمالات ظهور فايروسات جديدة، قد تتمكن من نقل عدواها إلى البشر. فقد شهد العالم قبل نازلة كورونا اندلاع فايروس إيبولا، وفايروس الشرق الأوسط التنفسي، وفايروس سارس. وأثار اندلاع كل منها مخاوف من أن يصبح وباء عالمياً، وإن لم تصل إلى الفداحة التي بلغها فايروس كوفيد-19. ومن أسف أنه يبدو أن معظم الحكومات منشغلة بأشياء أخرى غير الاستعداد لوباء جديد محتمل.


عرضت حكومة مقاطعة فكتوريا، ثانية كبرى مقاطعات أستراليا، بعد نيو ساوث ويلز، تعويضاً بحدود 5 ملايين دولار لسكان 9 أبراج سكنية في عاصمة المقاطعة ملبورن، عن الأضرار التي لقيها السكان الذين فوجئوا بقوات الشرطة تفرض الإغلاق الكامل على الأبراج، ومنع السكان من مغادرتها لأي سبب، خلال الموجة الثانية من هجمة فايروس كوفيد-19 في سنة 2020. وكان نحو 3 آلاف شخص يقيمون في تلك الأبراج عندما تقرر إغلاقها من دون سابق إنذار. وتقدم عدد منهم بدعوى ضد حكومة فكتوريا مدعين أنهم تعرضوا للاحتجاز غير المشروع لمدة 14 يوماً، وتم تهديدهم بأضرار بدنية إذا حاولوا مغادرة أبراجهم. وتقدمت حكومة فكتوريا بالعرض المشار إليه على أمل تسوية الموضوع قبل مرحلة صدور أحكام في شأنه. ومهما يكن فإن أية تسوية يجب أن تصادق عليها المحكمة العليا. وقال أحد كبار السكان إنهم يريدون في البداية اعتذاراً من حكومة المقاطعة، قبل التسوية المادية. وطبقاً للعرض الحكومي فإن مبلغ الـ 5 ملايين دولار سيقسم على البالغين بالتساوي، فيما سيكون نصيب الطفل نصف نصيب البالغ. كما أن تكاليف الدعوى القضائية لن تخصم من مبلغ التعويض، وإنما ستتكفل الحكومة بدفعها. غير أن حكومة فكتوريا رفضت مراراً تقديم أي اعتذار، على رغم أن الجهات الرقابية التابعة لها أوصت بذلك لتخفيف تأثيرات الضرر النفسي والاكتئاب الذي تسبب فيه الإغلاق الكامل. وكانت الرقيبة على الأداء الحكومي ديبورا غلاس توصلت في تحقيق أدرته في سنة 2020 إلى أن حكومة المقاطعة اتهمت حقوق السكان الإنسانية بإغلاق أبراجهم من دون سابق إنذار. كما أن الحكومة لم تتبع التدابير الصحية. وكان المسؤولون الصحيون وافقوا على قرار الإغلاق في اجتماع عقد في 4 يوليو 2020. لكنهم توقعوا أن تمهل الحكومة السكان 36 ساعة قبل إنفاذ الإغلاق. بيد أن رئيس وزراء فكتوريا دانيال أندروز عقد مؤتمراً صحفياً في الرابعة مساء اليوم نفسه وأعلن أن الإغلاق سيبدأ فوراً. ولم يسمع غالبية السكان بقرار رئيس الوزراء قبل وصول قوات الشرطة التي نفذت الإغلاق. واكتفى أندروز بالقول أمس الأول: «لقد اتخذنا قرارات صعبة. لكن تلك القرارات أنقذت أرواحاً. وهو أمر لا شك فيه».

«جي إس كى» تقصي «فايزر» في سباق «لقاح المَخْلَوِي»

أقرت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، أخيراً، أول لقاح في العالم ضد فايروس الجهاز التنفسي المًخْلَوِي (RSV)، للأشخاص من عمر 60 سنة فما زاد عليها. وهلّل العلماء حول العالم لهذا التقدم الكبير في مواجهة فايروس خطير يقتل آلاف الأشخاص سنوياً. ومع أن فايروس الجهاز التنفسي المخلوي يسبب أعراضاً شبيهة بأعراض نزلة البرد العادية، إلا أنه قد يكون مميتاً بالنسبة إلى كبار السن والأطفال. وتقول السلطات الأمريكية إن هذا الفايروس يتسبب في وفاة ما يراوح بين 6 آلاف و10 آلاف بالغ سنوياً في الولايات المتحدة، وكلهم ممن تزيد أعمارهم على 65 سنة. كما يتسبب في تنويم ما بين 60 ألفاً و160 ألفاً في المشافي سنوياً. والأشخاص الذين يواجهون أكبر قدر من المخاطر هم المصابون بأمراض تنفسية مزمنة، والربو، وفشل القلب. وتمت الموافقة على لقاح «أريكسفي»، الذي ابتكره علماء شركة غلاكسوسميثكلاين (جي اس كى) البريطانية العملاقة، بناء على بيانات المرحلة الثالثة من تجربته السريرية، التي أظهرت قدرة اللقاح الجديد على خفض المخاطر أمام من تعدت أعمارهم 60 سنة بنحو 82.6%، وخفض احتمالات تفاقم الحال الصحية للمصاب بنسبة تصل إلى 94.1%. وظلت شركات الأدوية تحاول منذ 60 سنة ابتكار لقاح فعال ضد هذا الفايروس القاتل. وتوصل علماء شركة فايزر الدوائية الأمريكية إلى لقاح لفايروس الجهاز التنفسي المخلوي للبالغين الكبار والرُّضَّع. ومن المقرر أن تعلن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية قرارها في شأن هذا اللقاح خلال الشهر الجاري، وقالت فايزر في نوفمبر 2022 إن لقاحها المشار إليه أثبت فعالية نسبتها 81.8% لمنع إصابة الرّضّع إذا تم تطعيم الأم الحامل قبل الولادة. أما بالنسبة إلى من بلغوا من العمر 60 سنة وما زاد عليها، فإن نسبة فعالية اللقاح المذكور بلغت 66.7%.

وأعلنت شركة موديرنا أن لقاحاً مماثلاً ابتكره علماؤها وصلت فعاليته إلى 83.7%، ويستطيع على الأقل منع الإصابة باثنين من الأعراض، وهما السعال والحمى لدى البالغين. وتقول شركتا سانوفي الفرنسية وأسترازينيكا البريطانية إن لقاحاً ابتكرتاه لهذا الغرض بلغت نسبة فعاليته 74.5% لمنع إصابة الرضع بهذا المرض.