-A +A
«عكاظ» (الرياض) Okaz_online@
اتسمت العلاقات الثنائية بين السعودية والسودان، طوال التاريخ بالتطور والنمو، وتربط البلدين الشقيقين علاقات تاريخية مميزة،

تقوم على أساس التعاون والمصير المشترك وتبادل المصالح واستقرار وأمن البلدين، واستثمار الإمكانات والمقدرات الكبيرة البشرية والمادية لهما.


وتؤكد توجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد على توطيد وتطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات.

وتأتي توجيهات خادم الحرمين الشريفين التي صدرت إبان الإعلان عن الفترة الانتقالية بالسودان، التي تضمنت تقديم حزمة من المساعدات الإنسانية تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية، وكذا إعلان المملكة عن تأييدها لما ارتآه الشعب السوداني حيال مستقبله، وما اتخذه المجلس العسكري الانتقالي من إجراءات تصب في مصلحة الشعب السوداني وفي المحافظة على الأرواح والممتلكات، ودعوة المملكة الشعب السوداني الشقيق بكافة فئاته وتوجهاته إلى تغليب المصلحة الوطنية وبما يحقق تطلعاتهم وآمالهم في الرخاء والتنمية والازدهار؛ تأكيداً على دعم المملكة لكل ما يضمن للسودان الشقيق أمنه واستقراره وسلامته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

ومن ذلك الحين وحتى الآن، بذلت المملكة -ولا تزال- جهوداً كبيرة، حيث أسهمت بفاعلية في التوصل لاتفاق الشراكة الموقع بين الأطراف السودانية، ودعمت الجهود التي بذلها الاتحاد الأفريقي والأطراف الإقليمية الأخرى للتوصل إلى ذلك الاتفاق.

كما سعت لدعم الحكومة لإنجاح الفترة الانتقالية، وبذلت جهودًا لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بصورة نهائية، وتحركت كذلك للضغط على دائني السودان للتوصل إلى اتفاق واسع لخفض ديونه البالغة 50 مليار دولار، وذلك بهدف إعادة السودان إلى مكانه الطبيعي بين دول العالم.

والتزمت المملكة بتقديم 1.5 مليار دولار، كمنحة وجزء من المساعدات الاقتصادية كانت قد أقرتها للسودان في 2019م، منها مبلغ 750 مليون دولار تم إيداعها في حساب الحكومة السودانية، و500 مليون دولار مخصصة للمساعدة في حل أزمة القمح والدواء والبترول وبعض السلع الأخرى. وتبرز المملكة كإحدى أهم الدول التي تربطها علاقات وثيقة بالسودان، والداعمة لها لتجاوز الصعوبات الاقتصادية، ومن ذلك إيداعها 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني في مايو 2019م، لتعزيز سعر صرف العملة المحلية، كما قدمت مساعدات مالية تجاوزت 250 مليون دولار منذ بداية الفترة الانتقالية، للتخفيف من أي أثر سلبي على المواطن السوداني. وتعهدت المملكة في مارس 2021 باستثمار ثلاثة مليارات دولار في صندوق مشترك للاستثمار في السودان، وتحرص على التأكد من أن تكون هذه الاستثمارات محفزاً لاستثمارات أخرى حكومية وخاصة.

كما قررت المملكة بالشراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، في أبريل 2021، تقديم 400 مليون دولار للسودان، لمساعدته في توفير مدخلات الإنتاج الزراعي للموسمين الصيفي والشتوي للعام 2021م.

وقدم الصندوق السعودي للتنمية قرضين لتمويل مشروعات في قطاعي الصحة والتعليم في السودان 2020م، بقيمة 487.5 مليون ريال سعودي بواقع 243.75 مليون ريال لكل قطاع، ويعد هذان القرضان جزءاً من التمويل المقدم من الصندوق لدعم تنفيذ عشرات المشروعات التنموية في السودان.

كما نفذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية 93 مشروعًا في السودان، بلغت قيمتها الإجمالية حتى 28 فبراير الماضي نحو 63 مليون دولار أمريكي.

و بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين، قام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في أغسطس 2022م، بتسيير جسر جوي عاجل يشتمل على مساعدات غذائية وإيوائية عاجلة لإغاثة المتضررين من الفيضانات والسيول التي ضربت بعض المدن والمحافظات في جمهورية السودان الشقيقة

قمة اللاءات تحوّل في العلاقات

شهدت العلاقات السياسية بين البلدين الشقيقين تطوراً مستمراً منذ استقلال السودان في 1956م، وإنشاء أول تمثيل دبلوماسي بين البلدين، فضلاً عن التواصل القائم بين البلدين عبر البحر الأحمر.

ومثلت قمة الخرطوم في 1967م، والتي عرفت بقمة اللاءات الثلاث تحولاً كبيراً في العلاقات السياسية، وذلك عند زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز، وأدت المملكة دوراً مهماً في مشروعات التنمية في السودان، من خلال الاستثمارات والمشروعات الكبيرة التي تبنتها، ومنها المشاركة في مشروع مصنع «سكر كنانة» والعديد من المشروعات التنموية الأخرى، ويمثل البعد الاقتصادي أيضاً ركيزة أساسية في العلاقة بين البلدين في مجال الزراعة بشقيها النباتي والحيواني.

ونما النشاط الثقافي المشترك بين البلدين الشقيقين، خاصة فيما يتعلق بوجود الطلاب السودانيين في بعض الجامعات السعودية، وإسهام المملكة في جامعة أفريقيا العالمية، إلى جانب التعاون في ميدان الثقافة الواسع عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية والمنتديات والمهرجانات وغيرها.

35.7 مليار دولار استثمارات سعودية

تطورت العلاقة بين البلدين خلال الأعوام الأخيرة في المجال الاقتصادي، حيث وصل حجم الاستثمارات السعودية المصادق عليها من الجانب السوداني في الفترة من 2000 حتى 2020م، إلى 35.7 مليار دولار، نفذت منها على أرض الواقع مشروعات بنحو 15 مليار دولار، وتعمل الحكومة السودانية على تسهيل دخول الاستثمارات السعودية وإزالة العوائق التي تواجهها كافة.

وتعد المملكة من أوائل الدول العربية التي استثمرت في السودان، وتتميز الاستثمارات السعودية في السودان بتنوعها، إذ تشمل المجالات الزراعية والصناعية والخدمية.

وبلغت صادرات المملكة إلى السودان في 2021م، نحو 1.8 مليار ريال من الصادرات النفطية، و2.6 مليار ريال من الصادرات غير النفطية، فيما بلغت واردات المملكة غير النفطية من السودان 1.28 مليار ريال.

وتعد المركبات وقطع الغيار، والبتروكيماويات، والمنتجات الغذائية، والتعبئة والتغليف، والأدوية، من أهم صادرات المملكة للسودان، فيما تستورد أوراقا خشبية ومنتجات غذائية من السودان الشقيق.

إجلاء رعايا 110 دول

ونظراً إلى التطورات التي شهدتها جمهورية السودان أخيراً، طلبت المملكة ومصر في أبريل الماضي عقد اجتماع عاجل لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة مصر، لبحث تطورات الوضع في السودان.

وإنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، بمتابعة ورعاية مواطني المملكة في جمهورية السودان إضافة إلى رعايا الدول الشقيقة والصديقة، بدأت وزارة الخارجية في 22 أبريل 2023م، إجلاء المواطنين السعوديين والعديد من رعايا الدول الشقيقة والصديقة من جمهورية السودان إلى المملكة، حيث بلغ إجمالي من تم إجلاؤهم من السودان منذ بدء عمليات الإجلاء نحو 8498 شخصاً منهم 278 مواطناً، ونحو 8220 شخصاً ينتمون لـ 110 جنسيات.

استضافة لحقن الدماء

حرصاً على مصالح الشعب السوداني وحقن دمائه استضافت المملكة بجدة في 6 مايو 2023م، ممثلين عن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم، وقد حثّت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية الطرفين على الانخراط بجدية في المحادثات وذلك لتحقيق الأهداف التالية: تحقيق وقف فعال قصير المدى لإطلاق النار، والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة، واستعادة الخدمات الأساسية، ووضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للوصول لوقف دائم للأعمال العدائية.

وقد أعربت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، عن ترحيبهما بالتزام الطرفين بتوجه بناء قائم على الاحترام المتبادل، وحثتا كلاً منهما على احترام وقف إطلاق النار القائم حاليًا، والامتناع عن القيام بأي أفعال استفزازية على الأرض للحفاظ على مناخ إيجابي للمحادثات التمهيدية الحالية.

إغاثة بـ 100 مليون دولار

من منطلق الدور الإنساني المعهود الذي دأبت عليه المملكة، واستشعاراً من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، للأوضاع الراهنة التي يعاني منها الشعب السوداني الشقيق، فقد صدر توجيه كريم بتقديم مساعدات متنوعة (إغاثية وإنسانية وطبية) بقيمة 100 مليون دولار أمريكي.

وتأتي المساعدات المقدمة من المملكة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، انطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين وولي العهد على الوقوف إلى جانب أبناء الشعب السوداني الشقيق، والتخفيف من آثار الأزمة التي تشهدها السودان.