هي عادة مكية قديمة كان يتبعها الأهالي حال الاحتفال بانتهاء مناسك الحج حتى يباركون للحجاج تمام مناسكهم و يحتفلون بعودتهم من رحلة الحج التي كانت عسيرة في ذلك الزمان بسلامة و عافية.
و كان اهالي مكة سابقاً يحتفلون بالشاب أو الفتاة الذين يتمون أول حجة لهم عن طريق ملء أحد الأواني الفارغة بمكونات مفرحة متنوعة من بينها المكسرات كاللوز و الفستق، و كذلك الحلويات الصغيرة و اللبان، بالإضافة ادإلى بعض القطع المعدنية النقدية، و يسمى كل ما يوضع في الإناء (النُقل ) إذ يتم خلطه جميعه و نثره على رؤوس العائدين من الحج وسط أهازيج شعبية و زغاريد و مباركات.
و تحرص السيدات منذ وقت مبكر من شهر ذي الحجة على تجهيز مكونات النثيرة، إذ يحملنا بصحبة الأطفال و الرجال الموجودين ليستقبلوا بها مواكب الحجيج العائدين.
و لارتباط هذه العادة منذ سنوات بانتهاء موسم الحج أصبحت مكونات النثيرة من أكثر ما يحرص الحجاج على شرائه و حمله معهم كهدايا لأهاليهم و ذويهم في بلدانهم باعتبارها شيئاً قيماً جلبوه لهم من مكه المكرمة و مشاعرها المقدسة، بإلإضافة إلى ما تتميز به هذه المكونات من طعم خاص ونكهة لا تنسى بسهولة مع ألوانها الزاهية والتي تحمل ذكرى غالية وهي أداء فريضة الحج والاحتفال بعيد الأضحى.
و مع اندثار هذه العادة المكية القديمة إلا إن ذكرها و تفاصيلها ما زالت باقية حية في أذهان الكثيرين، حيث يقول العم محمد طاهر إنه يتذكر حرص والده على المشاركة في استقبال الحجيج عند قدومهم إلى مكة المكرمة بماء زمزم المبارك والحلويات المكية القديمة مثل اللدو واللبنية، بالإضافة إلى الورود و البخور، في حين كانت تحرص والدته على شراء مستلزمات النثيرة منذ وقت مبكر حتى تستعد هي و الأمهات الأخريات لاستقبال الحجيج حال عودتهم من المناسك.