أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل غزاوي، أن الله تعالى خلق عباده على الفطرة السوية وجعلهم مجبولين على محبة الخير وإيثاره واستحباب المحاسن والفضائل، وكراهية الشر ودفعه واستهجان القبائح والرذائل.
وشدد على أن الشيطان صرف الناس عن الدين الحق فجعلهم يخالفون سنن الله وشرائعه وأحكامه وينحرفون عما تقتضيه العقول السليمة والفطر الكريمة. ومن أمثلة ذلك أن الله تعالى الذي خلق البشر وجعلهم صنفين ذكرا وأنثى قد قرر فقال: ﴿وليس الذكر كالأنثى﴾ ففرق بينهما وهو الأعلم بالحكم والمصالح سبحانه، وجعل لكل منهما خصائصه وسماته، ثم يأتي من يخالف فطرته ويعاند أمره فيسعى في تغيير جنسه الطبيعي، بأن يتحول الرجل إلى امرأة، وتتحول المرأة إلى رجل، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن فيما دون ذلك؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء».
وقال في خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة اليوم (الجمعة)، إن الله تعالى جعل الزواج الإنساني بين الرجل والمرأة شريعة كونية لكن الشيطان يعمد إلى أن يتعدى العبد حدود الله ويرتكب ما تنفر منه الطباع السليمة، حتى بلغ الحال بأولياء الشيطان أن يتداعوا لطمس الفطرة وإفساد الخلقة بفرض قوانين لتشريع زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة والتزاوج مع الحيوانات والتحريض على الانحراف الجنسي والشذوذ وكل أنواع الإباحية وجعلوه تطورا وحضارة، واتخذوا موقفا عدائيا ممن أنكر ذلك وعدوه متخلفا متطرفا، فانظروا كيف ارتكست فطرهم واختلت مفاهيمهم؛ فحاربوا الطهر والفضيلة وعاقروا الفجور والرذيلة وبلغوا الغاية في الانحطاط الأخلاقي والانهيار القيمي والهبوط إلى الدرك البهيمي.
وشدد على أن أولياء الشيطان فاقوا ما كان عليه قوم لوط الذين أتوا الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من بني آدم ولا غيرهم، فعاجلهم الله عز وجل بعقوبة لم يعاقب بها أحدا غيرهم، وجمع عليهم من أنواع العقوبات بين الإهلاك، وقلب ديارهم عليهم، والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة الشنعاء التي غيروا بها الفطرة وقلبوا الحقائق، وليس ببعيد أن تصيب نقمة الله وينزل عذابه الشديد بمن تشبه بهم وفعل فعلهم واتبع آثارهم، كما قال سبحانه ﴿وماهي من الظالمين ببعيد﴾. فلا تأتي مخالفة الفطرة التي خلق الله الناس عليها إلا بالويل والفساد والدمار.
وواصل قائلا: إن هؤلاء المفترين منتكسي الفطر المبدلين لخلق الله قد أفلسوا روحيا وانهارت عندهم كل القيم الإنسانية والحضارية، وأصبحوا يعانون من أزمات أخلاقية ومشكلات اجتماعية، فلم يرق لهم أن يبقى المسلمون على أخلاقهم وآدابهم وسلوكياتهم المستقاة من الوحي المطهر والمتفقة مع الفطرة السليمة، فقام بعضهم باستفزاز مشاعر المسلمين في كل مكان واستثارة غضبتهم، بشن حملات محمومة وأفعال عدائية معلنة متكررة ضد العالم الإسلامي بدعوى حرية الرأي، وما حرق المصحف الشريف وامتهانه وتدنيسه والنيل من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والسخرية منه والطعن فيه والتشكيك في سنته إلا صورة من صور ذلك؛ فأظهروا بذلك حقدهم الدفين ضد المسلمين وأججوا نار الكراهية والعنف، لكنها كلها بفضل الله محاولات يائسة في الصد عن سبيل الله وتشويه صورة الإسلام لا تلبث أن تعود عليهم بالخسارة والوبال. ﴿والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾.