تساءلت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس: هل أضحت الفواكه أكثر حلاوة؟ فقد أفاد كثيرون بأنهم يجدون الفواكه المتوافرة حالياً في الأسواق أكثر طعماً حلواً من الفواكه التي أنتجت قبل 30 سنة. وقاد ذلك الى تساؤل مهم: هل تتم زراعة الفواكه، حالياً، بطريقة تجعلها أكثر حلاوة في طعمها مما كان عليه الأمر في الماضي؟ وأجابت «الجورنال»: الإجابة القصيرة نعم، لكن الإجابة الطويلة أكثر تعقيداً. وأضافت أن أقوى الأدلة على أن الفواكه أضحت أشد حلاوة، أخيراً، جاءت من حدائق الحيوانات؛ ففي سنة 2018، ذكرت أنباء أن حديقة الحيوان في مدينة ملبورن، عاصمة مقاطعة فكتوريا الأسترالية، توقفت عن تقديم الفواكه إلى حيوانات الحديقة، لأن الفواكه أضحت شديدة الحلاوة إلى درجة أن حيوانات الحديقة بدأت تصاب بتسوس الأسنان، وزيادة الوزن. وتم التوقف عن تقديم الموز إلى قرود الحديقة، وتقديم وجبة غنية بالخضار، وقليلة السكر. وأضحى منتجو الفواكه يتحدثون عن «جودة» منتوجهم. وهو لفظ يعني بالنسبة اليهم شدة الطعم الحلو، إلى جانب لون وحجم قطعة الفاكهة، وصلابة ملمسها. وكان علماء نبات كورويون تحدثوا، في مقال نُشر في سنة 2010، عن كيفية تعزيز حلاوة الفاكهة من خلال المقاربات الجزيئية. وخلصوا إلى أن محتوى السكر في الفواكه، حالياً، أضحى أكثر من السابق، «نتيجة لعمليات الإنماء». ولاحظ العلماء الكورويون أن أصناف التفاح المختلفة صارت اليوم، أشد طعماً حالياً مما كانت عليه في ما مضى. ويرى العلماء اليابانيون أن الفواكه الحالية أكثر طعماً حالياً ليس بسبب المقاربات الجزيئية وحدها، بل بسبب التغير المناخي أيضاً. وأضافوا أنهم لاحظوا ذلك منذ سبعينيات القرن العشرين. وأضافوا أن تفاح فوجي، وهو أصلاً صنف من التفاح الحلو، أضحت أشد حلاوة ونعومة. وقال رئيس فريق الباحثين اليابابانيين توشيهوكو سوغيرا إنه إذا هيئ لك أن تتذوق طعم تفاحة أنتجت قبل 30 سنة فستشعر بأن التفاحة المنتجة اليوم أشد طعماً حالياً. ويزعم علماء آخرون أن مشكلة الفواكه الحالية ليست زيادة طعمها الحلو، ولكن لأن حموضة الفاكهة تم التخلص منها كلياً؛ وهي مقولة تحتوي قدراً من الحقيقة. لكنها ليست كل الحقيقة؛ إذ إن الدراسات التي أجريت على التفاح البري تشير الى أن بعض أصنافه القديمة كانت أشد حلاوة في ما مضى. كما أنه كان في السابق يتوافر بخيارات مختلفة من حيث محتواه السكري. بيد أن التفاح المعروض في محلات اليوبرماركت، حالياً، لا يتغير محتواه السكري عن درجة بعينها. ويتم قياس حلاوة الفاكهة من خلال ما يعرف بـ«ميزان بريكس»؛ الذي يحدد محتوى السكر في الفاكهة من حيث حجمها. وتم التوصل إلى أن فاكهة الكرز الحالية يزيد معدل حلاوتها على 20 درجة على مقياس بريكس، فيما تراوح حلاوة المشمش المعروض في محلات السوبرماركت الأوروبية بين 9 و12 درجة على مقياس بريكس. وقال عالم النباتات الإيطالي ماركو سيريللي إن ذلك يعني أن فاكهة المشمش الحالية لا يزال بعضها خالياً من أي طعم. ويشرف سيريللي على مشروع في إيطاليا يهدف لإنتاج أصناف من المشمش تكون فائقة الطعم الحالي. وأضاف أن تجاربهم المخبرية توصلت إلى إنتاج مشمش يزيد معدل حلاوة طعمه على 25 درجة على مقياس بريكس. لكن إنماء هذا النوع النباتي ليس سهلاً. ويرى علماء آخرون أن مقدار حلاوة قطعة الفاكهة لا يتوقف على طريقة إنمائها فحسب؛ بل على ظروف الإنماء نفسه. فمن المعروف أن تعريض الفاكهة أثناء نموها لمزيد من الشمس يجعلها أكثر حلاوة، وأكثر منتوجاً، وكذلك على طريقة حصادها، إذ إن الفاكهة إذا تركت فترة أطول في شجرتها فستصبح أكثر طعماً حلواً. وقال البريطاني جيم كوبر، الذي يملك مزرعة لإنتاج التفاح في بريطانيا، إن التفاح الحالي أضحى يُقطف من أشجاره حال نضجه، قبل أن تكتمل حلاوة طعمه، وخصائص رائحته. غير أن الشعوب تختلف من قارة إلى قارة في شأن الطعم الذي تفضله في فاكهتها. فمن جهة، يميل الأوروبيون والأمريكيون إلى الفاكهة التي تكون حلوة وحامضة في آنٍ معاً. في حين يفضل الآسيويون أن تكون فاكهتهم حلوة، خالية من أي حموضة. وتشير الأدلة حول العالم إلى أن الشعوب لا تريد من الفاكهة شيئاً أكثر من حلاوتها.