شارك مجموعة من طلبة الهندسة السعوديين من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية في تحدي هاكاثون «الذكاء الاصطناعي للجميع» الذي استضافته جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في الفترة من 20 إلى 24 أغسطس لمعالجة التحيزات في برمجيات الذكاء الاصطناعي.
وهذا الهاكاثون هو المرحلة الثانية من حملة «إلى الذكاء الاصطناعي» التي نظمتها كاوست في شهر مارس من هذا العام لمعالجة مشكلة التحيز ورفع مستوى الوعي حول أوجه القصور في تدريب الشبكات العصبية للذكاء الاصطناعي، واستنباط حلول لبناء عالم أكثر شمولا وترابطا.
وشارك الطلبة في دورة صيفية للذكاء الاصطناعي عُقدت في كاوست وجامعة أكسفورد، تناولت ثلاثة مجالات للتحدي هي التحيز، واللغة، والأمن، بهدف اكتشاف وتحسين أداء نماذج الذكاء الاصطناعي، والأخذ في الاعتبار الاختلافات بين الجنسين والأعراق، واللغات، وغيرها من مجالات الدراسة المهمة الأخرى.
تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بمعالجة كميات كبيرة من البيانات لصالح قطاعات متعددة من المجتمع. ومع ذلك، يمكن لخوارزميات التعلم الآلي أن تتعلم التحيزات المجتمعية من البشر الذين دربوها وتعيد إنتاجها عن غير قصد، مما يؤدي إلى نتائج تمييزية قد تكون ضارة أحيانًا. وبما نشهده اليوم من زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي واستقلاليته، يجب أن تعكس نتائجه البحثية بدقة مختلف أطياف المجتمع التي تتعامل معه.
على سبيل المثال، يبلغ معدل تمثيل النساء بين رواد الأعمال في المراحل المبكرة واحد إلى ثلاثة، كما يشكلن 20 % من علماء الحاسب الآلي على الصعيد العالمي. وفي المملكة العربية السعودية، تمتلك النساء 45 % من الشركات الناشئة، ويعمل ما يقرب من 33 % منهن في مجالات المعلومات والاتصالات والتقنية. ومع ذلك، فإن نتائج برنامج ميدجورني (Midjourney)، وهو برنامج شائع لتحويل النص إلى صور، لا تعكس مطلقًا هذه الحقائق. حيث بلغ متوسط معدل الصور التي تظهر النساء في نتائج بحثه 1 % فقط.
لا بد أن يدعم التمثيل الدقيق في أنظمة الذكاء الاصطناعي التواصل الصحي بين الثقافات، والفرص الاقتصادية، والوصول إلى المعلومات والخدمات، والحفاظ على اللغة، والتعاون العالمي، وغيرها من الفوائد الأخرى.
يشار إلى أن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، وهما من الجهات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية، إضافة إلى وكالة التسويق العالمية (VMLY&R) شاركوا في تنظيم هذا البرنامج لتشجيع الطلبة السعوديين على المشاركة بخبراتهم في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي.
حصل الفريق الفائز، حَنين، على المركز الأول في هاكثون اللغة، عن تحدي اللغة العربية الذي كلف الطلبة المشاركين بتقييم وتحسين نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية لتعزيز قدراتها في معالجة النصوص العربية وتحسين التواصل بين الثقافات. وقد أثار الحل الذي توصلوا إليه إعجاب لجنة التحكيم بتبنيه منهج «الترجمة الاستدلالية من المعنى» من الإنجليزية إلى العربية. يذكر أن اسم حَنين مستوحى من العالم العربي حنين بن إسحاق، وكان من كبار مترجمي النصوص الطبية والعلمية في العصر العباسي الإسلامي.
ويؤكد ناصر الموسى، طالب الهندسة الكهربائية في جامعة الملك سعود، وأحد المشاركين من فريق حَنين أهمية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للحفاظ على جمال اللغة العربية، يقول «كان هدف فريقنا هو الابتعاد عن الترجمة الحرفية للغة العربية التي غالبًا ما تغفل ثراء لغتنا وبلاغتها، واعتماد الترجمة الاستدلالية من المعنى التي تحافظ على جمال اللغة العربية وتفردها».
كما حصل فريق (FHE GPT) على المركز الثاني في الهاكاثون لتطويره تقنية تشفير آمنة تنفذ العمليات مباشرة على البيانات المشفرة دون الحاجة إلى فك التشفير بحيث تظل النتيجة مشفرة طوال الوقت. وحصل فريق (HAQQ) على المركز الثالث في هاكاثون اللغة عن فكرتهم لتطوير كاشف صوتي عربي يمكنه الكشف عن عمليات الاحتيال التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقليد الأصوات.
ساهمت هذه الفعالية في إيجاد حلول مبتكرة وذكية لتحسين الذكاء الاصطناعي، وقدمت للطلبة المشاركين تجربة غنية وملهمة في بداية رحلتهم التعليمية، لتعزيز ثقتهم بقدراتهم على صناعة مستقبل هذا المجال الواعد.