ترأس وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، اليوم (الخميس)، الجانب العربي في جلسة الحوار التفاعلية غير الرسمية على مستوى وزراء الخارجية بين ترويكا القمة العربية مع مجلس الأمن، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78.
وألقى وزير الخارجية كلمة في الاجتماع، أكد فيها أن المجتمع الدولي يواجه العديد من التحديات المشتركة التي تحتّم العمل الجماعي لمواجهتها بشكل فعّال، ولكن لن يتم تحقيق تقدّمٍ في معالجتها دون توفير البيئة الإقليمية والدولية الآمنة والمستقرة، التي تمكّن الدول من العمل بالشراكة في ما بينها.
وأشار إلى أنه وبحكم أن القضايا العربية تشكّل نصيباً بارزاً من المسائل المطروحة في مجلس الأمن، فإنّ تعزيز التعاون والعمل المشترك بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن لإحلال السلم والأمن في العالم العربي يحظى بأهمية بالغة، وأن المملكة مهتمة بالارتقاء بهذا التعاون، وأن يسفر عنه منظور مشترك للتعاطي مع الأزمات والحلول السلمية لها.
ونبّه وزير الخارجية بتنامي دور الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة في خلق هذه الأزمات، وتهديدها للسلم والأمن الدوليين، مشيراً إلى أن سهولة امتلاكها للتقنية والأسلحة المتطورة تمكنها من تقويض مؤسسات الدولة، وتجاوز تأثيرها للحدود الجغرافية، مما يشكل تهديداً متصاعداً للأمن والاستقرار، والوقوف عقبةً أمام التنمية والازدهار، وأن على مجلس الأمن اتخاذ إجراءات جادّة وصارمة تجاه تلك الجماعات للحد من أضرارها.
ورحب وزير الخارجية بالنتائج الإيجابية للنقاشات الجادة بشأن التوصل إلى خريطة طريق لدعم مسار السلام في اليمن، التي جمعت فريق التواصل والتنسيق السعودي مع وفد صنعاء في الرياض، بمشاركة الأشقاء في سلطنة عمان، معرباً عن تطلع المملكة لأن يسهم الحوار بين الأطراف اليمنية في الانتقال باليمن إلى الأمن والاستقرار، الذي يمهد لمستقبل تنعم فيه اليمن بنهضة شاملة وتنمية مستدامة.
من جهة ثانية، شارك وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله اليوم في الاجتماع الوزاري التحضيري لـ«قمة المستقبل 2024»، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78.
وألقى وزير الخارجية كلمة في الاجتماع، أوضح فيها أنّ قمة المستقبل فرصة لإعادة التأكيد على المبادئ المشتركة، وتوثيق التعاون بشأن التحديات، والتحرّك ضمن أُطر متعددة الأطراف تكون أكثر فاعليةً وتأثيراً، وتساهم بتحقيق السلام وتعزيزه، حيث أشار وزير الخارجية إلى أنه من المهم تطوير وإصلاح أطر التعاون الدولي متعدد الأطراف ليشمل هواجس واحتياجات الدول كافة، بما فيها الدول النامية، ولتكون مواكبة لتطورات المجتمع الدولي نحو عالمٍ أكثر سلماً واستدامةً، مؤكداً على أنه من المهم أن تطال هذه الإصلاحات أجهزة الأمم المتحدة، ومنها إجراء إصلاحات شاملة على مجلس الأمن توسّع المشاركة والتمثيل فيه، وتعزّز من استجابته للأزمات.
وأوضح أنه وفقاً للتقرير العالمي للتنمية المستدامة لعام 2022، فإن المملكة حقّقت تقدماً ملحوظاً، كونها وضعت التنمية المستدامة في طليعة أولوياتها وضمن رؤيتها 2030، وأن المملكة تعمل دون كلل من خلال عضوياتها في المنظمات والتكتلات الدولية لإعادة تنشيط مسار التنمية في العلاقات بين الدول، وجعلها من العوامل الممكنة له، وداعمة للتعاون والتفاهم في ما بينها.
وذكر وزير الخارجية أن العلاقات البناءة التي تعتمد على الحوار في حلّ الخلافات، والتعاون في إرساء الأمن والاستقرار، ستكون سبيلاً لتحقيق التنمية الشاملة، موضحاً أن أُطر التعاون الدولي يجب أن تكون ميسرةً وداعمةً للشراكة والتعاون، ومقاومةً لضغوط التنافس والاستقطاب، ومثبّطةً لأي نداءاتٍ تبثّ الكراهية بين الشعوب وعدم احترام الأديان، وتؤجج التطرف والإرهاب.
وشدّد على أهمية أن تراعي قمة المستقبل، التي ستنطلق أعمالها في شهر سبتمبر 2024، شمولية مفاهيم حقوق الإنسان وخصوصيتها في الوقت ذاته، على أمل أن تعالج القمة الحقوق الأصيلة، كالحق في التنمية والغذاء، والحفاظ على الدور المحوري للأسرة، ونبذ ازدراء الأديان أو استنقاصها.
كما شارك وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله اليوم في الاجتماع التنسيقي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78.
وألقى وزير الخارجية كلمة رئاسة مؤتمر القمة الإسلامي في الاجتماع، حيث أعرب فيها عن تعازي المملكة وصادق مواساتها وتضامنها مع المملكة المغربية وشعبها الشقيق، إثر ما خلّفه الزلزال الذي شهدته بعض المناطق في المغرب. وعن خالص تعازي المملكة لليبيا وشعبها الشقيق في ضحايا الفيضانات التي وقعت في درنة.
وأشاد وزير الخارجية بجهود منظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء في استجابتها لدعوة المملكة بعقد الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بشأن جريمة التدنيس والحرق المتكررة لنسخ من المصحف الشريف في مملكتي السويد والدنمارك، والتي نتج عنها صدور قرارٍ يهدف إلى وضع الإجراءات المناسبة لعدم الاعتداء أو الانتقاص من مقدسات ومعتقدات الآخرين، والسعي إلى إيقاف تلك الأفعال التي تبثّ الكراهية، وتعكّر صفو الوئام العالمي، مؤكداً موقف المملكة الثابت الذي يدين ويستنكر تلك الممارسات التي تتنافى مع التسامح بين الأديان، وثقافة قبول الآخر، وتمثّل تجسيداً للعنصرية والكراهية، ومظهراً من مظاهر الإسلاموفوبيا.
وعبّر عن وقوف المملكة إلى جانب قضايا العالم الإسلامي، ومساندتها لسعي الشعوب الإسلامية المشروع للحصول على حقوقها المكفولة بالقانون والمواثيق الدولية والقرارات الأممية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والسعي لإيجاد حل عادل وشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية.