في وقت تمارس الألغام أبشع المكائد والجرائم الإنسانية بحق ضحاياها الأبرياء في اليمن، يواصل مشروع مسام مسيرة كفاحه الإنسانية من أجل تأمين حياة اليمنيين من أكبر جائحة ملغومة عرفها هذا البلد العربي في تاريخه وتاريخ المنطقة برمتها.
وفي هذا الإطار، أصدر المركز الإعلامي لمشروع «مسام» لنزع الألغام في اليمن تقريره الشهري، عن أكتوبر 2023، إذ بلغ إجمالي ما تم نزعه في إطار مهمته الإنسانية المستمرة في هذا الشهر 2,894 لغماً وقذيفة غير منفجرة وعبوة ناسفة.
كما تمكن المشروع خلال أكتوبر 2023 من نزع 2,409 ذخائر غير منفجرة، و450 لغماً مضاداً للدبابات، بينما بلغ إجمالي المساحة المطهرة خلال الشهر نفسه 755,281 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية.
وأشار المركز الإعلامي إلى أن إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق عمل مشروع «مسام» نهاية يونيو 2018 وحتى الآن، قد بلغ 420,832 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة زرعتها مليشيا الحوثي بعشوائية في مختلف المحافظات اليمنية، وقد وصل إجمالي المساحة المطهرة إلى 51,082,121 متراً مربعاً، منذ انطلاق المشروع وحتى اليوم.
وخلال أكتوبر قام المشروع بإتلاف 2,665 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، في إطار سعي المشروع الدؤوب لحفظ أرواح الأبرياء.
سباق النزع والإتلاف
رهانات إنسانية يبذل من أجلها «مسام» جهوداً كبيرة ومتواصلة مرتبطة بعمليات نزع وإتلاف للألغام، حيث نفذ هذا المشروع أخيراً عملية إتلاف وتفجير 1,485 لغماً وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة في باب المندب بمحافظة تعز.
وقد شملت عملية الإتلاف التي نفذها فريق المهمات الخاصة لـ«مسام» 128 لغماً مضاداً للدبابات و1,338 قذيفة وذخيرة غير منفجرة، إضافة إلى ثلاثة ألغام مضادة للأفراد و16 عبوة ناسفة مرتجلة.
وفي تصريح خاص بمكتب «مسام» الإعلامي، قال مساعد مدير عام المشروع قاسم الدوسري إن الألغام التي تم تدميرها اليوم هي نتيجة جهود فرق «مسام» خلال الأسبوعين الماضيين من أكتوبر في مديريات حيس، الخوخة، موزع، الوازعية، والمخا.
كما نفذ «مسام» أيضاً عمليتي إتلاف 1,180 لغماً وعبوة ناسفة وقذيفة غير متفجرة في محافظة مأرب.
ويحرص مشروع مسام على نزع الألغام خصوصاً من المناطق عالية التأثير لتعود الحياة لدورتها الطبيعية وتستعيد الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إيقاعها ونشاطها وتجد التنمية موطنا جديداً لها، مع حرص لا متناهٍ لحفظ أرواح الأبرياء من الهلاك الملغوم الغادر.
إنجازات وإشادات
إنجازات ميدانية رائدة، تواجه بإكبار وتقدير واسعين، إذ قال المستشار في وزارة الخارجية السعودية ماجد أبا العلاء إن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام يخوض منذ اليوم الأول لبدء أعماله في اليمن سباقاً مع الزمن.
وقال إنه رغم التحديات التي يواجهها المشروع إلا أنه تمكن من نزع نحو 420 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، في حين أن إجمالي المساحة المطهرة يفوق 51 مليون متر مربع.
كما تأتي زيارة مساعد الفريق السياسي والعسكري السعودي لدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني المهندس عادل عبدالله النغيمش، إلى مكتب مشروع مسام في عدن في إطار التعاون والتنسيق الوثيق بين الجانبين في جهود إعادة الحياة إلى اليمن وتأمينها من الألغام والعبوات الناسفة، وتعكس التزام وحرص المملكة العربية السعودية على دعم اليمن ومد يد العون له لتحقيق الاستقرار والأمن والتنمية.
وقد أشاد أيضاً وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن الداعري، بالدور الريادي لمشروع مسام في أزمة الألغام في اليمن، إذ قال «حجم الألغام والكميات المهولة منها في اليمن تتطلب تعاوناً وتدخلاً كبيراً لنزعها، ومشروع مسام يقوم بدور كبير من خلال انتزاع مئات الآلاف من هذه الألغام، إذ يبذل هذا المشروع الإنساني جهوداً جبارة لإنقاذ حياة الأبرياء من الألغام في اليمن».
المرأة اليمنية.. أولوية إنسانية قصوى
وضعت الألغام في اليمن المرأة اليمنية على محك مشاكل صحية واجتماعية ونفسية واقتصادية كبيرة، وقد عمل «مسام» وما زال على تذليلها لتستعيد المرأة اليمنية الأسباب الملائمة لحياة متوازنة وسليمة وصحية بمختلف المقاييس.
الجدير بالكر أن عدد النساء والأطفال يبلغ ما يناهز 75٪ من النازحين، إذ تعيل النساء 26٪ من الأسر النازحة، وتضيق فرص كسبهن بسبب سوء الأوضاع الصحية التي يعانين منها، ما يجعل من النزوح كابوساً بالنسبة لهن بالذات، ولذلك يبذل «مسام» جهوداً مضاعفة لتطهير المناطق عالية التأثير لتتمكن الأسر النازحة وعلى رأسها النساء من استعادة بيوتهن الآمنة ومزاولة نشاطهن في الرعي والزراعة واستعادة حياتهن الآمنة والمتوزانة صحياً واجتماعياً ونفسياً.
المرافق الحيوية على رأس أولويات «مسام»
وأمام جائحة الألغام، يسهر «مسام» على تحرير المرافق الحيوية التي تمكن اليمنيين من استعادة دورة حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والصحية والثقافية بشكل عادي وسلس، وتعتبر مهمة تحرير مصادر التزود بالماء أولوية قصوى يعمل المشروع على القيام بها على أكمل وجه.
وفي هذا السياق، ثابر الفريق 11 ليعيد لأهل منطقة مبلقة في مديرية بيحان بئرهم التي يعيشون على السقيا منها، وهي مهمة حيوية نجح فيها هذا الفريق بامتياز.
وتُعتبر هذه العملية جزءاً من الجهود المستمرة للفريق 11 مسام، إذ تحتل البئر مكانة حيوية كمصدر للمياه في المنطقة، وتم تعطيل استخدام البئر لفترة طويلة بسبب وجود الألغام المحيطة بها، ولكن بعد إزالة الألغام وتأمين المنطقة المحيطة، أصبح بإمكان السكان المحليين الوصول إلى المياه النقية واستخدامها في حياتهم اليومية وأنشطة الزراعة.
وكذلك «النحالة» من المجموعات التي استفادت أيضاً من جهود «مسام»، ففي منطقة مبلقة التابعة لمديرية بيحان المعروفة بإنتاج العسل، يعمل العديد من سكان المنطقة في مجال تربية النحل، وقد واجه هؤلاء النحالون الكثير من الصعوبات بسبب الألغام التي زرعت في المناطق المخصصة للنحل، ما اضطر الغالبية منهم إلى النزوح خارج المحافظة، وركود هذا القطاع بشكل ملحوظ.
«مسام».. صوت اليمن يصل إلى العالم
وإضافة للجهود الميدانية، يبذل «مسام» جهوداً إعلامية كبيرة لإيصال صوت معاناة اليمن مع الألغام لكل أصقاع الأرض، وفي هذا السياق أقام مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، بالشراكة مع منظمة ميون لحقوق الإنسان بتاريخ 26/10/2023 في العاصمة المؤقتة عدن، معرضاً فوتوغرافياً لإبراز أنماط الانتهاكات بحق الطفولة، من ضحايا الألغام والمتفجرات وضحايا تجنيد الأطفال، تحت عنوان «نتحرك معاً من أجل حماية الأطفال من خطر النزعات».
وقال مستشار رئيس الجمهورية اليمنية للقوات المسلحة الدكتور اللواء طاهر علي العقيلي، إن المعرض بمثابة رسالة إنسانية لإنقاذ اليمنيين من خطر المتفجرات والألغام التي زرعتها المليشيات في جميع أنحاء أراضي الجمهورية اليمنية التي وقعت تحت سيطرتها، موجهاً شكره إلى فرق مشروع مسام لجهودها من أجل العمل المستمر على مكافحة خطر الألغام في اليمن وتأمين حياة اليمنيين.
التضليل الحوثي والتخاذل الدولي
وتبقى المغالطات الحوثية والصمت الدولي تحدياً إضافياً يعمل «مسام» على قهره، إذ قال مدير عام مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام أسامة القصيبي إن لغة الأرقام الحقيقية تشير إلى نجاح فرق المشروع في إزالة 420 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة منذ يونيو 2018 وحتى الآن.
وفي إشارة إلى الأرقام المضللة التي يقدمها الحوثي في ما يتعلق بمخلفات الحرب، تطرق القصيبي إلى تقارير دولية صادرة تشير إلى أن عدد القنابل العنقودية لم يتجاوز خمسة آلاف قنبلة، متسائلاً «أين الثلاثة ملايين التي يتحدث عنها القتلة؟». وأضاف «لا يمكن لمن يزرع الموت أن ينجح في أداء دور الضحية.. حتى لو فتحت له جميع المسارح الدولية». وقال القصيبي أيضا في سلسلة تغريدات إن «50 مليون متر مربع تم تطهيرها بالكامل من قبل فرق مسام.. كل شبر فيها شاهد على جرائم الحوثي في حق اليمنيين».