شارك وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، أمس، في الجلسة الطارئة رفيعة المستوى لمجلس الأمن بشأن الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية، بناءً على دعوة تلقاها من وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية وانغ يي، بمدينة نيويورك الأمريكية.
وذكر وزير الخارجية في بداية كلمته، أن هذا اللقاء في المجلس تكرّر للمرة الثانية تحت ظل الظروف العصيبة والمؤلمة ذاتها في قطاع غزة، وأنه منذ الجلسة السابقة وصل مجموع الضحايا المدنيين في غزة إلى أكثر من 14 ألف قتيل، 67% منهم من النساء والأطفال، كما تعدى مجموع النازحين المليون ونصف المليون شخص، هُجّروا من منازلهم نتيجة التصعيد العسكري المريع لقوات الاحتلال الإسرائيلي، في انتهاك متواصل لمواثيق وقرارات الشرعية الدولية، ومبادئنا الإنسانية المشتركة، مشدداً على أن الغياب التام لآليات المحاسبة الدولية هو السائد في ظل عجز هذا المجلس عن اتخاذ أيَّ إجراءات رادعة أمام هذه الانتهاكات.
وأشار إلى أن استضافة المملكة القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية في الرياض، بتاريـخ 11 نوفمبر 2023، جاءت انطلاقاً من رفض المملكة القاطع لهذا الواقع المرير، وضرورة التحرّك لإنهائه، وأن القرارات الصادرة عن هذه القمة الاستثنائية تمثل إرادة الشعوب العربية والإسلامية، التي تسعى لحقن الدماء، وإيصال المساعدات دون قيود، وإيقاف الانتهاكات، وتجاوز الأزمة والمعاناة غير المبررة في فلسطين، والوقوف بجانب الشعب الفلسطيني لتحقيق مطالبه المشروعة باستعادة أراضيه المحتلة وإقامة دولته المستقلة.
وأوضح أن رسالة القمة العربية والإسلامية المشتركة واضحة وموحّدة، وهي: وقف فوري ودائم لإطلاق النار يؤسس لعملية سلام جادة وذات مصداقية، مضيفاً «على الدول التي تنشُد السلام والعدالة، وتسعى للحفاظ على شرعية ومتانة النظام الدولي، الذي اهتزت مصداقيته إثر تعاطيه البطيء مع هذه الأزمة الإنسانية، أن تضم أصواتها إلى أصواتنا».
وأعرب عن ترحيب المملكة بالهدنة الإنسانية، وتثمينها الجهود القطرية والمصرية والأمريكية في إتمامها، التي تأتي كخطوة أولى لتحرير الأسرى والمحتجزين، وتمكين عودة النازحين وإدخال المساعدات الكافية والوافية لهم، موضحاً أن هذه الخطوة غير كافية، بالذات في ظل القيود المستمرة على عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة.
وطالب وزير الخارجية بضرورة إيصال المساعدات بشكل مستمرٍ ومستدامٍ وكافٍ، دون قيود غير مبررة وتعقيدات إضافية، لأنّ وضع المدنيين لم يعد يستحمل أي تأخير في وصول المساعدات الماسّة إليهم، مع ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2712 بشكلٍ كامل، والبناء عليه بوقف شامل وفوري لإطلاق النار، وأن الهدنة لا تعفي الجانب الإسرائيلي من مسؤولياته في إطار القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما أن الذرائع الواهية للدفاع عن النفس غير مقبولة وغير معقولة في ظل مشاهد المآسي الإنسانية المتكررة بشكل يومي في غزة.
وشدّد على أن السماح باستمرار التصعيد العسكري فور انقضاء الهدنة، والرجوع خطوتين إلى الوراء، سيشكّل وصمة عار على منظمة الأمم المتحدة، وعلى مجلس الأمن.
وأضاف «سمعنا خلال هذه الجلسة أن الماء والغذاء والدواء لن تفضي بنا إلى حل، إذن ماذا سيفضي بنا إلى الحل؟ مزيدٌ من الموت، مزيدٌ من المعاناة للمدنيين، لا، إن ما يقرّبنا من الحلّ هو وقف لإطلاق النار، واستجابة إسرائيل لمساعي السلام التي استمرت لعقود».
وقال وزير الخارجية «المملكة العربية السعودية قدّمت خطة السلام العربية في قمة فاس العربية عام 1982، كما قدّمت مبادرة السلام العربية في قمة بيروت العربية عام 2002، وأيدتها منظمة التعاون الإسلامي، كما اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل عام 1993. فأين خطة السلام الإسرائيلية؟ وأين الاعتراف الإسرائيلي بدولة فلسطين؟ نحن دعاة سلام، ولطالما كان السلام خيارنا الإستراتيجي، ونريده أن يكون خيار الجانب الآخر أيضاً».
وفي ختام كلمته قال إن الوقت قد حان لصدور اعتراف دولي بقرار من مجلس الأمن بدولة فلسطين المستقلة، وأن تنال العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مجدداً الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام، برعاية الأمم المتحدة، تنطلق من خلاله عملية سلام جادّة وذات مصداقية تكفل تنفيذ حلّ الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية.
شارك في الاجتماع، مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك الدكتور عبدالعزيز الواصل، ومدير عام مكتب وزير الخارجية عبدالرحمن الداود.