انطلقت اليوم (الاثنين) في الرياض، أعمال أول منتدى عالمي للمدن الذكية في المملكة العربية السعودية الذي تنظمه الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان ويستمر يومين، تحت شعار «حياة أجود»، بمشاركة 100 متحدث يمثلون 40 دولة حول العالم، وبحضور عدد من الوزراء، وخبراء المدن الذكية والذكاء الاصطناعي وصنّاع السياسات الاقتصادية، وكبار المسؤولين من القطاعين الحكومي والخاص، والمستثمرين في من مختلف دول العالم.
ويأتي المنتدى في إطار ما تحظى به «سدايا» من دعم ورعاية من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، للوصول بالسعودية إلى الريادة ضمن الاقتصادات القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي، حيث تسعى «سدايا» بوصفها المرجع الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي في السعودية من خلال هذا المنتدى إلى تشكيل رؤية طموحة لمستقبل المدن في العالم ومنها مدن السعودية.
واستهل الحفل بأكبر عرض مرئي شارك فيه أكثر من 101 عارض يمثلون جنسيات متنوعة يستعرض فيه النقلة النوعية التي ستشهدها مدن العالم في التحول لمدن ذكية تتمتع بخدمات متقدمة يستفيد منها الإنسان وتحقق له حياة أجود إلى جانب ما تقدمه التقنيات المتقدمة متمثلة في الذكاء الاصطناعي من تسهيلات لهذه المدن تسهم في بناء بيئة عصرية محورها الإنسان.
عقب ذلك ألقى رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي كلمة قال فيها: إننا نقف اليوم على مفترق طرق بين التقليد والابتكار، ونتذكر أنه بينما يمكننا أن نصل عنان السماء بواسطة البيانات والتقنية؛ فإن أقدامنا لاتزال راسخة في خدمة مواطنينا وسكان مدننا، وفي هذا المنتدى لدينا أكثر من 100 متحدث يمثلون 40 دولة مختلفة، ونحن نجتمع اليوم وغداً لتحقيق ثلاثة أهداف، هي: استشراف المدن الذكية المستدامة في المستقبل، وتعزيز المبادرات الحكومية الذكية على مستوى العالم، وتحفيز الشركات للاستثمار في بناء الحلول الذكية.
وأضاف: خلال هذا المنتدى العالمي، سنناقش موضوعات مهمة منها: دور التقنيات في المدن العالمية، ومستقبل التنقل الحضري وحلول الزحام، والابتكارات في تشكيل مدن المستقبل، والتخطيط للمدن الخضراء والمستدامة في العقد القادم، والمزيد، حيث بدأنا في بناء منصة المدن الذكية الوطنية «سمارت سي» في السنوات القليلة الماضية؛ لتنفيذ رؤية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة «سدايا» الأمير محمد بن سلمان، ونحن ممتنون للغاية لتوجيهاته التي كان لها دور فعال في تحقيق نتائج رائعة تتماشى مع رؤيته المستقبلية للسعودية.
وأوضح أنه في عام 2023 أسهمت الجهود المشتركة للجهات الحكومية التي تستخدم منصة المدن الذكية الوطنية «سمارت سي» في تقليل الزحام المروري على شبكة الطرق المؤدية إلى موقع انعقاد مؤتمر ضخم في الرياض بنسبة 36%، مقارنة بعام 2022، كما قمنا بتطوير خوارزميات ونماذج للكشف المستمر عن التلوث البصري في شوارعنا، باستخدام لقطات أسبوعية للمدن الكبرى في السعودية، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في مبادرة لدعم الجهود الوطنية لاستدامة المناظر الطبيعية الحضرية في المملكة وتحسين نوعية الحياة.
وأفاد بأنه خلال موسم الحج الماضي، وبالتعاون مع وزارة الداخلية، دعمت «سدايا» إدارة حركة المرور والحشود من خلال التحليلات المتقدمة وحلول الذكاء الاصطناعي، وقد ساهمنا في الجهود الوطنية الرامية إلى زيادة نصيب الفرد من المساحات الخضراء بنسبة 9%، وذلك باستخدام إمكانات منصة «Smart C» لكشف مستوى التشجير ومراقبته في مدينة الرياض.
وتابع قائلاً: إننا نؤمن بأهمية تعزيز منظومة المدن الذكية لتمكين النمو المستدام، وأحد الأمثلة يشمل: إطلاق مسرعة المدن الذكية بمشاركة قوية من شركات ناشئة محلية وعالمية، حيث أوجدت هذه المبادرة فرصاً تجارية في مجال المدن الذكية ويسَّرت وصول أكثر من 100 فريق من 39 جامعة إلى الأسواق، ولقد أطلقنا تحدي سمارتاثون خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركائنا، وذلك لتقديم حلول حديثة لتحسين المشهد الحضري، بمشاركة أكثر من 16,000 متسابق من أكثر من 90 دولة، لابتكار 650 حلاً فعلياً لمشاكل حقيقية، مشيراً إلى أن تطوير منصة الهوية الرقمية الوطنية «نفاذ» والتطبيق الشامل توكلنا أدى إلى توفير ما يعادل 19 يوماً سنوياً من وقت الفرد، مؤكداً أن من خلال اتحادنا في هذا المسعى، فإننا نقدم أكثر بكثير من مجرد تخطيط المساحات الحضرية؛ إذ إننا نغرس بذور مستقبل آمن وأكثر كفاءة واستدامة «لحياة أجود!».
بعد ذلك ألقى وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل كلمة أكد فيها أن مفهوم «المدن الذكية» ليست مجرد مناطق حضرية مجهزة بالتكنولوجيا؛ بل يتطلب لتحقيقها خلق نظم بيئية وتشغيلية تدمج الخدمات البلدية، والنقل، والتعليم، والصحة، والسياحة، وغيرها من الأعمال والخدمات، بحيث يتم تصميمها لتحسين جودة حياة السكّان، مشيراً إلى أن رؤية 2030 هي المسار المُحدّد لرحلة تحولنا، ومن خلالها عملنا على إطلاق إستراتيجية تهدف للنمو الحضري وتصوير المدن كمراكز نابضة بالحياة والتنمية المستدامة والتكنولوجيا، حيث يعيش الناس حياة تُلبي تطلعاتهم وتُحقق لهم الرفاهية وتمكّنهم من الإنجاز.
عقب ذلك، شارك أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عبدالعزيز بن عياف، في جلسة حوارية بعنوان «قيادة الابتكار والتقدم المستدام: حالات استخدام المدن الذكية في تحول المشهد الحضري للرياض»، ضمن أعمال المنتدى، أكد خلالها أن الرياض ستفاجئ العالم بمشاريعها الضخمة التي ستكون نموذجًا عالميًا في جميع المجالات، مبيناً أن الرياض تعمل اليوم على رحلة تحول شاملة وإستراتيجية واضحة تنطلق من طموحات ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز التي تقود حراكًا كبيرًا في العاصمة وتحقق تقدمًا في مؤشر التحول لمدينة ذكية يومًا بعد يوم.
وقال: إن الرياض ستفاجئ الجميع وطموحنا عالٍ جداً وسنحققه ونحن محظوظون بوجود مقومات تحلم فيها أي مدينة ويوجد لدينا قائد هو ولي العهد وهو محرك كبير لكل ما يحصل بالمدينة ويوجد خطط وبرامج ومشاريع كبيره تحصل بالمدينة ومتفائلين بأن الرياض ستكون قدوه للعالم ونموذج يحتذى به.
وفي سياق متصل، كشف وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل، تصنيف 4 مدن سعودية ضمن مؤشر المدن الذكية خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن الوزارة تستهدف تصنيف ما لا يقل عن 10 مدن سعودية ضمن أفضل 50 مدينة عالمية؛ عبر تحقيق عوامل الحوكمة والاستدامة والتفاعل مع السكّان لتلبية تطلّعاتهم ورغباتهم وتحقيق رفاهية عالية لهم.
جاء ذلك في كلمة له بعنوان «تشكيل بلديات المستقبل.. رحلة المملكة في الابتكار والمشاركة» خلال مشاركته في المنتدى، وقال: «إن الحلم الكبير الذي أطلقه ولي العهد الذي يتمثّل برؤية 2030؛ استثمرت فيه كل إمكانات وقُدرات الوطن؛ لتنعكس هذه النهضة التي نعيشها اليوم في بلادنا إيجاباً على المنطقة بأكملها، وهذا الدعم والطموح العالي من قيادتنا؛ جعلنا في منظومة البلدية والإسكان نبحث عن التجارب المُميزة ونستقطب النماذج الاستثنائية؛ لنعبر نحو أهدافنا، وننطلق في رحلتنا لإعادة تشكيل المشهد الحضري لمدننا ومحافظاتنا، ليُصبح الجميع شريكاً مُتكاملاً معنا في البناء والتنمية واستدامة ازدهار المُدن».
وأشار وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان إلى أن مفهوم المدن الذكية ليس مجرد مناطق حضرية مجهزة بالتكنولوجيا؛ بل يتطلب لتحقيقها إيجاد نظم بيئية وتشغيلية تدمج الخدمات البلدية، والنقل، والتعليم، والصحة، والسياحة، وغيرها من الأعمال والخدمات، بحيث يتم تصميمها لتحسين جودة حياة السكّان.
ولفت النظر إلى أن هذه الإستراتيجية تحقق مفهوم البلديات الذكية، وتطور المراكز الحضرية في المدن القائمة، وذلك بالاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والبيانات، ليؤدي القطاع البلدي دوراً في تكوين المدن الذكية من خلال إنشاء نُظُم بيئية وتشغيلية تعزز جودة الحياة؛ وتغذي الابتكار في خدمات المدينة واقتصادها وكافة عناصرها.
وقال: من خلال عملنا على إيجاد حلول للعديد من التحديّات؛ قدمنا في جدة حلاً لإدارة النفايات بالاعتماد على التقنيات الناشئة مثل الـ(IOT) إنترنت الأشياء، وكانت النتيجة تقليص المخالفات المتعلقة بالنفايات والنظافة بنسبة 25%، ونجحنا بالوصول لمدينة نظيفة، وخفضنا تعطيل السكّان الناجم من تحركات طواقم النظافة، كما أوجدنا في الدمام تطبيقاً لإدارة أكثر من 20 ألف موقف للسيارات، ونجحنا من خلاله بتيسير الوصول إلى مناطق المدينة الأكثر ازدحاماً، وذلك لإيجاد تجربة سلسة للسكّان في إيجاد مواقف متاحة، ونعمل حالياً من خلال «عدسة بلدي» على فحص 270 ألف كم من الطرق، مع تحديد الأضرار أو التلوث في المدينة بشكل آلي، الذي سيسهم في التقليل من التشوّه البصري ويرفع من معدلات جودة الحياة وامتثال المدن.
وإيماناً بأهمية الاستمرار في تقديم الحلول الابتكارية؛ أكد الحقيل، أن الوزارة تستهدف رفاهية السكّان من خلال وضع الأسس لمدن وبلديات ذكية؛ وذلك ضمن خطواتها لتعزيز التفاعل المجتمعي في تطبيق بلدي - الذي حصد إشادة عالمية كأحد أبرز التطبيقات الذكية في الأمم المتحدة -، حيث يتيح التطبيق للمستفيدين تقديم طلباتهم وإدارة تراخيصهم البلدية، والتفاعل مع البلديات لطلب الخدمات وتحسين المشهد الحضري.
وأضاف: كما يتيح التطبيق استكشاف مدن المملكة بخارطة تفاعلية من خلال الإطلاق التجريبي لخدمة «بلدي Map & Navigation» التي تعتمد على بياناتنا ذات الدقة العالية حول الأعمال والأحداث وتحديثات حالة الطرق، وتنبيهات السرعة، وحالة الطقس، وغيرها من المزايا المتعددة.
واختتم الحقيل كلمته بالتأكيد على مواصلة العمل لبناء أحد أبرز التطبيقات والنماذج الوطنية وهو «دجتل توين»، الذي يُحول طريقة التخطيط والتشغيل للمدن السعودية، إذ سنكون بحلول عام 2025 قادرين على محاكاة تأثير سياساتنا الحضرية والتخطيط لحالات الطوارئ والكوارث، وربط المزيد من الهيئات والسكان للمساهمة في التصميم المشترك للمدن.