يمثِّل محور ذاكرة المكان الرمضانية أحد أهم مصادر توثيق العادات والتقاليد في الشهر الفضيل؛ كونها تحتفظ بالتفاصيل التي يجهلها الأبناء، إذ تنشط هذه الذاكرة في الأحداث والمناسبات الاجتماعية والدينية مثل قدوم شهر رمضان المبارك.
تزخر حائل بالعديد من الأمكنة، وأصبحت اليوم مواقع أثرية وتاريخية تعود إلى أزمان مختلفة تمتد إلى ما قبل التاريخ الحديث، وتشتمل على أجمل البيوت والقصور التقليدية بطرازها المعماري والزخرفي الفريد؛ ومنها مدينة جبة الأثرية التي تقع في الشمال الغربي من مدينة حائل على بعد 100 كيلومتر داخل صحراء النفود، وهي عبارة عن أرض سبخة (بحيرة قديماً)، تحيط بها من جميع جهاتها كثبان رمال النفود الكبير، وتعلوها من الجهتين الغربية والجنوبية مجموعة من الجبال الرسوبية الرملية (جبال أم سنمان وغوطا وقطار وشويحط والغرا وعنيزة ومويعز). واشتهرت بعادات رمضانية مختلفة، ومنها ما يروى على ألسنة كبار السن، مستذكرين حياة الأجداد ومعاناتهم من شظف العيش طوال أيام السنة في زمن مضى قبل قيام هذه الدولة المباركة وما حملته من تباشير وخيرات وفيرة سعد بها الإنسان وعمت أقطار الوطن.
وتعتبر مدينة جبة إحدى أهم القرى التراثية الصحراوية في منطقة حائل التي تعد وجهة سياحية متكاملة؛ لأنها تضم أقدم المواقع الإنسانية التي تعود للعصور الحجرية، وتضم أشهر الرسوم والنقوش الصخرية في المملكة، حيث دخلت مواقع الرسوم الصخرية في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، لتكون بذلك رابع موقع تراثي للمملكة يسجل في قائمة التراث العالمي؛ بوصف هذه الرسوم ضمن الآثار النادرة، التي تصور الحياة اليومية للإنسان في فترة ما قبل التاريخ.
وتعد مدينة جبة مدينة بلا أبواب قبل رمضان نتيجة الكرم الحاتمي الذي يولد مع كل إنسان في هذه المدينة التاريخية. واليوم في رمضان ستكون مدينة بلا جدران. وتزامناً مع الشهر الكريم تختلط عادات تناول الطعام بطقوس العبادة والتقرب، وتتمايز أنواعها عن غيره من شهور السنة، فترتبط الذاكرة بها، ويتسارع إلى الأذهان عطره الندي، ورحماته المتناثرة، ويظل الارتباط قائماً، وتشهد موائد الإفطار الرمضانية في مدينة جبة تنوعاً كبيراً في أصناف الأطعمة المقدمة، والسبب يعود للتنوع الثقافي الثري في المدينة؛ كونها مدينة حضارات منذ القدم. وما بين المكبوس، والفتيتة، والثريد يبرز الاهتمام بالأكلات المرتبطة بالعادات والتقاليد الخاصة مثل وجبة التمن الشعبية، وهي مزيج من الجريش والهريسة، كما تتسيّد أطباق المرقوق، والمطازيز مع الفقع، ويعد الجريش أو الهريس من أقدم الأكلات التي تعود إلى مئات الأعوام. ويُصنع الجريش في مدينة جبة من حبوب القمح الخشنة المسلوقة مع الأرز والبصل والتوابل واللحم والمرق. وتجسد (الطعمة) التي تُمنح للجيران والأقارب في المدينة التواصل والتراحم والمحبة بين الأهالي في تقديم أفضل ما لديهم، ما يسهم في تقوية الصلات الاجتماعية.
عشوة رمضان:
(العشوة) عادة درج أهالي حائل ومحافظاتها، ومنها مدينة جبة، على إقامتها في شهر رمضان، وما إن ينتهي الشهر إلا وتغيب معه هذه العادة التي توارثوها، خصوصاً أهالي جبة ومدن حائل بشكل عام منذ القدم. ويتجلى مفهوم (العشوة) في قيام الشخص بذبح المواشي بقصد التصدق بها على أمواته، من أقاربه، ويقيم بها وليمة عشاء في منزله، يدعو لها الأقارب والجيران، بعد أن يتصدق بجزء منها للفقراء والمحتاجين. ويعد الأهالي هذه العادة واجبة على الشخص القادر، إذ يقول فهد الشمري: «(العشوة) مصطلح مأخوذ من العشاء، وفيها نتذكر أمواتنا ونتصدق عليهم، فيما يدعو المدعوون للميت عقب تناولهم الوليمة». مضيفاً: يذكرنا رمضان بأمواتنا، وهو الشهر المفضل للتصدق عليهم عبر هذه العادة التي ورثناها عن الآباء.
أما سلمان حميد الرمالي فيقول: العشوة هي عزيمة بنية الصدقة على الأموال، تؤدى مع دخول العشر الأواخر من الشهر الكريم، وهي عادة حميدة اهتم بها الآباء والأجداد، فتوارثناها في بعض المدن الكبرى. واستدرك العوض: «بمجرد خروجي من منطقة حائل تنقطع هذه العادة»، مستذكراً كيف يقيم أقاربه وليمة (العشوة) بالتوالي، وتشهد إقبالاً كبيراً من المدعوين تلبية لدعوة الصدقة على السابقين.
تزخر حائل بالعديد من الأمكنة، وأصبحت اليوم مواقع أثرية وتاريخية تعود إلى أزمان مختلفة تمتد إلى ما قبل التاريخ الحديث، وتشتمل على أجمل البيوت والقصور التقليدية بطرازها المعماري والزخرفي الفريد؛ ومنها مدينة جبة الأثرية التي تقع في الشمال الغربي من مدينة حائل على بعد 100 كيلومتر داخل صحراء النفود، وهي عبارة عن أرض سبخة (بحيرة قديماً)، تحيط بها من جميع جهاتها كثبان رمال النفود الكبير، وتعلوها من الجهتين الغربية والجنوبية مجموعة من الجبال الرسوبية الرملية (جبال أم سنمان وغوطا وقطار وشويحط والغرا وعنيزة ومويعز). واشتهرت بعادات رمضانية مختلفة، ومنها ما يروى على ألسنة كبار السن، مستذكرين حياة الأجداد ومعاناتهم من شظف العيش طوال أيام السنة في زمن مضى قبل قيام هذه الدولة المباركة وما حملته من تباشير وخيرات وفيرة سعد بها الإنسان وعمت أقطار الوطن.
وتعتبر مدينة جبة إحدى أهم القرى التراثية الصحراوية في منطقة حائل التي تعد وجهة سياحية متكاملة؛ لأنها تضم أقدم المواقع الإنسانية التي تعود للعصور الحجرية، وتضم أشهر الرسوم والنقوش الصخرية في المملكة، حيث دخلت مواقع الرسوم الصخرية في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، لتكون بذلك رابع موقع تراثي للمملكة يسجل في قائمة التراث العالمي؛ بوصف هذه الرسوم ضمن الآثار النادرة، التي تصور الحياة اليومية للإنسان في فترة ما قبل التاريخ.
وتعد مدينة جبة مدينة بلا أبواب قبل رمضان نتيجة الكرم الحاتمي الذي يولد مع كل إنسان في هذه المدينة التاريخية. واليوم في رمضان ستكون مدينة بلا جدران. وتزامناً مع الشهر الكريم تختلط عادات تناول الطعام بطقوس العبادة والتقرب، وتتمايز أنواعها عن غيره من شهور السنة، فترتبط الذاكرة بها، ويتسارع إلى الأذهان عطره الندي، ورحماته المتناثرة، ويظل الارتباط قائماً، وتشهد موائد الإفطار الرمضانية في مدينة جبة تنوعاً كبيراً في أصناف الأطعمة المقدمة، والسبب يعود للتنوع الثقافي الثري في المدينة؛ كونها مدينة حضارات منذ القدم. وما بين المكبوس، والفتيتة، والثريد يبرز الاهتمام بالأكلات المرتبطة بالعادات والتقاليد الخاصة مثل وجبة التمن الشعبية، وهي مزيج من الجريش والهريسة، كما تتسيّد أطباق المرقوق، والمطازيز مع الفقع، ويعد الجريش أو الهريس من أقدم الأكلات التي تعود إلى مئات الأعوام. ويُصنع الجريش في مدينة جبة من حبوب القمح الخشنة المسلوقة مع الأرز والبصل والتوابل واللحم والمرق. وتجسد (الطعمة) التي تُمنح للجيران والأقارب في المدينة التواصل والتراحم والمحبة بين الأهالي في تقديم أفضل ما لديهم، ما يسهم في تقوية الصلات الاجتماعية.
عشوة رمضان:
(العشوة) عادة درج أهالي حائل ومحافظاتها، ومنها مدينة جبة، على إقامتها في شهر رمضان، وما إن ينتهي الشهر إلا وتغيب معه هذه العادة التي توارثوها، خصوصاً أهالي جبة ومدن حائل بشكل عام منذ القدم. ويتجلى مفهوم (العشوة) في قيام الشخص بذبح المواشي بقصد التصدق بها على أمواته، من أقاربه، ويقيم بها وليمة عشاء في منزله، يدعو لها الأقارب والجيران، بعد أن يتصدق بجزء منها للفقراء والمحتاجين. ويعد الأهالي هذه العادة واجبة على الشخص القادر، إذ يقول فهد الشمري: «(العشوة) مصطلح مأخوذ من العشاء، وفيها نتذكر أمواتنا ونتصدق عليهم، فيما يدعو المدعوون للميت عقب تناولهم الوليمة». مضيفاً: يذكرنا رمضان بأمواتنا، وهو الشهر المفضل للتصدق عليهم عبر هذه العادة التي ورثناها عن الآباء.
أما سلمان حميد الرمالي فيقول: العشوة هي عزيمة بنية الصدقة على الأموال، تؤدى مع دخول العشر الأواخر من الشهر الكريم، وهي عادة حميدة اهتم بها الآباء والأجداد، فتوارثناها في بعض المدن الكبرى. واستدرك العوض: «بمجرد خروجي من منطقة حائل تنقطع هذه العادة»، مستذكراً كيف يقيم أقاربه وليمة (العشوة) بالتوالي، وتشهد إقبالاً كبيراً من المدعوين تلبية لدعوة الصدقة على السابقين.