الغبقة تجمع العائلة وأهل الحارة في بيوتاتهم المختلفة.
الغبقة تجمع العائلة وأهل الحارة في بيوتاتهم المختلفة.
-A +A
محمد الشهراني (الدمام) mffaa1@
الغبقة: تراث شعبي في كل القرى والبلدات، وتعدت لدول الخليج، تساهم في جمع العائلة وأهل الحارة في بيوتاتهم المختلفة، ويتهادى فيها الجميع مأكولاتهم.

لا تزال «أم سعد» تتذكر تلك الليالي الرمضانية الخوالي، التي كانت تجمعها مع أهلها وجيرانها في أحد بيوتات قريتهم الصغيرة، قبل أن تتمدد أطرافها، وقبل أن تضيء الكهرباء كل الأمكنة، كنا هناك في لمة أهل، نتعشى بما تبقى لنا من أكلات ذاك الزمن الجميل من الرز الحساوي والمفلق والهريسة، والكبسة بالدجاج البلدي، تلك هي أيام زمان للغبقة الرمضانية التي اشتهر بها سكان الساحل الشرقي في السعودية.


وتروي أم سعد قصة الغبقة التي لم تحدد لها تاريخاً، إلا أنها ولدت على الحياة فوجدتها تراثاً شعبياً أمامها، وفي كل القرى والبلدات، حتى أنها تعدت دول الخليج الأخرى، وتشير إلى أنها تساهم في جمع العائلة وأهل الحارة في بيوتاتهم المختلفة، ويتهادى فيها الجميع مأكولاتهم، ومع أن شهر رمضان تتنوع شهور صيامه على مدار الفصول الأربعة ومن هنا تختلف الأكلات حسب الجو، فتكون العصيدة حاضرة في الشتاء، والدجاج البلدي المحشي بالبهارات، أما سيد المائدة الرمضانية وهو الثريد فيكون حاضراً في كل الأوقات.

بينما الخالة أم محمد تضيف: كانت غبقتنا في السابق لا تتأخر عن الساعة 11 مساءً، حيث لا ملهيات تساعدنا على السهر، ولا كهرباء ولا تكييف، فقبل منتصف الليل نغبقُ ونخلد للنوم إلى ما قبل الفجر بساعة، ثم نشرب الماء ونأكل بعض التمرات وما تيسر، ثم نصلي الفجر، وننام إلى ما قبل الضحى، حيث رجالنا يعملون في الحقول، وساعدهم الله إذا كان شهر الصيام صيفاً، والآن لم نعد نجتمع مع هذه الجائحة التي غيرت تقاليدنا وحياتنا، وكم نحن في اشتياق إلى عودة التجمع العائلي للإفطار الرمضاني، والغبقة التي نشم فيها رائحة الأجداد القدامى.