لا تزال عِلّة الوضع في المنطقة تتمثل في شخصية بنيامين نتنياهو. وبدا واضحاً من شروطه الجديدة لقبول صفقة محتملة مع حماس ليست سوى تأكيد للمؤكد، وتجربة للمجرَّب. ويؤكد ذلك أن نتنياهو لا يرغب في سلام، معتقداً أنه بشراهته لشرب دم أطفال غزة ونسائها وفتيانها سيتمكن من إبادة سكان القطاع والضفة الغربية، ليحصل على لقب بطل قومي إسرائيلي، ما قد يعفيه من قضايا الفساد التي تلاحقه، وفي صدارتها عجز جيشه وحكومته عن كشف هجوم 7 أكتوبر وإحباطه قبل وقوعه. والناظر إلى وجه نتنياهو سيلحظ البؤس الذي يعاني منه، والإرهاق الذي يحطمه، وهو يتحدى احتجاجات أمهات الرهائن الإسرائيليين وآبائهم، ومطالبة الشعب الإسرائيلي بانتخابات مبكرة لاختيار حكومة قادرة على حماية الإسرائيليين، وتحقيق السلام مع جيرانهم الفلسطينيين. فمن أول جرائمه سحب اعتراف إسرائيل بحل الدولتين، وقصف الفلسطينيين بأسلحة محرمة دولياً. كما أنه لا يريد أن يفهم استحالة تحقيق شروطه لوقف الحرب. فها هو يعلن أنه يشترط أن يمنحه أي اتفاق محتمل في غزة الحق في استئناف القتل والتشريد والتعذيب والتدمير. ولا بد من أنه سيواصل عربدته بسبب اضطراب المشهد في أمريكا قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية، والجدل حول كفاءة الرئيس جو بايدن للفوز بولاية رئاسية ثانية. وهي تعقيدات تتطلب تكثيف تدخلات المجتمع الدولي، والمؤسسات العدلية الأممية لاجتثاث هذا السُّعار الإسرائيلي لإبادة الشعب الفلسطيني، وتغيير ديموغرافية المنطقة.