لم تغيّر المملكة العربية السعودية موقفها من حلِّ المشكلة المركزية للعرب (قضية فلسطين)؛ فقد ظل ذلك دأبها منذ مبادرة الملك فهد بن عبدالعزيز؛ التي أضحت مبادرة عربية للسلام، بعدما تبنتها قمة بيروت العربية في 2003. والتزمت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بهذا الموقف، على رغم تبدّل من يحكم البيت الأبيض في واشنطن. وتمسّكت الحكومة السعودية بأن أي مفاوضات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل يجب أن تضمن تقديم إسرائيل تعهداً مشهوداً دولياً بفتح مسار يفضي إلى دولة فلسطينية، وهو ما يعني تطبيق «حل الدولتين»؛ الذي أقرّه المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وتعهد العرب بموجبه بإلقاء السلاح في مقابل الأرض والدولة الفلسطينية. بيد أن ما يعوق السلام في المنطقة ليس السعودية، ولا الدول العربية الأخرى؛ بل هو السماح لإسرائيل بالإفلات من العقاب، على رغم ارتكابها مذابح إبادة جماعية في قطاع غزة، وتدميرها بنيته الأساسية، ومحاولات تهجير الفلسطينيين، وحرمانهم من الدواء، والأغذية، ومن مؤسساتهم الصحية، بشكل يجعل الموت والفناء أقرب للفلسطينيين من الأقدار المُقدّرة من خالق الكون والبشر. إن مبادرة السلام العربية خطة جاهزة منذ أكثر من عقدين، ولا معنى لأن تقبلها حكومة إسرائيلية لتأتي حكومة يمينية متطرفة فتقرر رفضها. ولذلك كله توجهت السعودية، في مؤتمر المنامة الأمني، إلى شركائها في العالم لتحقيق هدف السلام، والاستقرار في المنطقة. وهو هدف يحتاج إلى توفير ضمانات أمنية كافية؛ لأن جميع الشركاء يدركون أن كلفة إفلات إسرائيل من العقاب ستكون فادحة لأرجاء العالم كلها.