«إبراهيم».. على مشارف الستين، يتمتع بصحة جيدة، على الرغم من معاناته من السكري وضغط الدم. استيقظ ذات يوم من نومه، وكعادته بدأ يستعد للذهاب إلى عمله، وعندما همَّ بلبس حذائه فوجئ أن قدميه متورمتان، فاستغرب، وبدا يسأل نفسه عن سر هذا التورم، وهل بدأ الدخول في مرحلة الكهولة؟ لم يشكُ «إبراهيم» يوماً من أي مرض غير السكري والضغط، وهو متابع ومواظب على تناول أدويتهما، وظهور هذا الانتفاخ والتورم غير طبيعي ويحتاج إلى مراجعة الطبيب دون تأخير. حاول الطبيب تهدئته، وطلب منه بعض التحاليل، فالأمر قد يعود إلى تفاعلات بعض أدوية السكري والضغط التي تكون أحياناً، ذات مضاعفات على صحة الإنسان؛ ولذلك يلجأ بعض الأطباء عند ظهور أية أعراض إلى تغيير أنواع الأدوية، وجاءت نتائج التحاليل جيدة، ونصحه الطبيب بان يعرض نفسه على مختص في الكلى. وبدا مشوار «إبراهيم» في التردد على أطباء الكلى، والقلب، والكبد، والأوعية الدموية، والمسالك البولية، والبروستاتا، وأجرى العديد من الفحوصات والتحاليل، وأخيراً وجد نفسه في مركز للطب النووي باحثاً عن إجابة، وفك لسر انتفاخ القدمين. وخرج من المركز يسائل نفسه: هل يستطيع الطب النووي الوقوف على سر حالتي؟.. وبقي في حيرة ينتظر النتائج، وفي الوقت نفسه يسأل: ماذا يفعل المركز النووي؟ وهل معاناته هي إحدى الأمراض السرطانية؟
أسس
وبروتوكولات
المدير التنفيذي للجمعية السعودية للطب النووي والتصوير الجزيئي عبدالعزيز آل منصور، قال: الجمعية السعودية للطب النوويّ والتصوير الجزيئي تأسست 2020م، هدفها وضع أسس وبروتوكولات لإجراءات الطب النووي؛ بهدف توحيد جودة الخدمة على مستوى المملكة، والعمل مع الجهات الرسمية لرفع مستوى التدريب والتثقيف في مجال الطب النووي، وتعزيز وتشجيع تطوير أفضل ممارسات الطب النوويّ، البحث والتعليم؛ وأن تكون الجمعية المرجع الأول للمتخصصين بهذا المجال؛ وذلك لتحسين رعاية المرضى، وتضم ما يزيد على 300 عضو جميعهم من أبناء الوطن العاملين والمهتمين في مجال الطب النووي.
استهداف الخلايا بدقة بالغة
«عكاظ» وضعت الأسئلة الحائرة على طاولة استشاري الطب النووي بمدينة الملك عبدالله الطبية بمركز أورام جدة عضو مجلس الجمعية السعودية للطب النووي والتصوير الجزيئي الدكتور عاقب بخش؛ لمعرفة سر الطب النووي.. ولماذا يلجأ إليه بعض الأطباء، فأوضح قائلاً: إن الطب النووي هو تخصص طبيّ دقيق، يستخدم المواد الصيدلانيّة المشعة لتشخيص وتصوير وظائف الجسم المستهدفة بدقة لتحديد التغيرات الحيويّة، واستهداف الخلايا المرضيّة بدقة، ويلجأ الأطباء إلى فحوصات الطب النووي؛ للكشف المبكر عن عدد من الأمراض منها (القلب والكلى والعظام)، ويتم عادةً طلب الفحص لمتابعة حالة بعض الفحوصات المسبقة للمريض أو لتأكيد النتائج، ومن خلالها يحصل الطبيب على صور أو مسح لأجزاء الجسم الداخلية باستخدام كميات صغيرة من مواد إشعاعية ليقدم خطة علاجية مناسبة، وفعالة للمريض؛ فتصوير الطب النووي، يقدم مسحاً لأجزاء الجسم الداخلية المختلفة باستخدام كميات صغيرة من مواد إشعاعية؛ لإظهار صور لأعضاء الجسم وأجزائه التي لا يمكن رؤيتها جيداً باستخدام الأشعة السينية المعتادة، وهو يتميز عن باقي الوسائل المستخدمة في التشخيص، بينما تقدم الطرق التشخيصية الأخرى، مثل: الأشعة السينية معلومات في تشريح الأعضاء دون تقييم وظائفها وتحديد كفاءتها.
تقليص حجم الأورام
يضيف الاستشاري بخش: أن الطب النووي، يستخدم لتقليص حجم الأورام أو القضاء عليها، خصوصاً في الحالات التي لا يُعد الإجراء الجراحي فعالاً، أو عندما يكون الورم حساساً للإشعاع، كما يُستخدم لتخفيف الأعراض في المراحل المتقدمة من المرض، فالطب النووي العلاجيّ يتم عبر الحقن الوريدي، أو تناولها عن طريق الفم مباشرة، إذ تتميّز (النويدة العلاجيّة) كونها ذات خصائص علاجيّة ومستهدفة للخلايا السرطانيّة، لتقليل الإشعاع للخلايا المحيطة الطبيعية، وبأقل ضرر للمريض، إذ تنتقل وتلتصق بالخلايا السرطانيّة، وتبث إشعاعاً يدمرها أو يبطئ نموّها، علماً أنّ خصائصها الإشعاعيّة تضمحل مع الوقت.
هل المادة المشعة التشخيصية المستخدمة تُشكل خطراً، وأثراً سلبياً على حياة المريض؟
يجيب استشاري الطب النووي بمدينة الملك عبدالله الطبية بمركز أورام جدة الدكتور بخش: المواد الصيدلانيّة المشعة المستخدمة في التصوير التشخيصي تُمتص جزئياً من الجسم، وتُطرح بشكل طبيعي عبر البول أو البراز. وعادةً ما تكون كميات الإشعاع المستخدمة صغيرة، ولا تسبب آثاراً صحية سلبية كبيرة. مع ذلك، يتم اتخاذ احتياطات لتقليل التعرض غير الضروري للإشعاع.
ابتعد مترين عن المريض
وعن أسباب منع المريض من ملازمة الأطفال والنساء الحوامل بعد خضوعه للتصوير التشخيصي، أوضح الاستشاري الدكتور بخش، أنه بعد حقن المادة المشعة يكون المريض مصدر الإشعاع حتى يتخلص الجسم من المادة المشعة؛ لذلك ينصح بإبقاء مسافة مترين بين المريض وأهله، وينصح بعدم الجلوس لمدة أكثر من 15 دقيقة بالقرب منهم خصوصاً الأطفال والحوامل؛ كون هذه الفئة أكثر تحسّساً من الإشعاع مقارنة بالكبار من الرجال والنساء.
وحول كيفية التعامل مع المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وضغط الدم والكلى والقلب، قال الاستشاري بخش: المادة المشعة في فحوصات الطب النووي لا تملك أي تأثيرات جانبية للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكر، ارتفاع ضغط الدم أو قصور في وظائف الكلى والقلب، بعكس الصبغات المستخدمة في التصوير الطبقي أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
وحول أرقام الذين خضعوا للتصوير أو العلاج أوضح عضو مجلس الجمعية السعودية للطب النووي والتصوير الجزيئي الاستشاري بخش، أنه يوجد نحو 80 مركزاً طباً نووياً بالمملكة يخدم جميع المناطق، وفي مدينة الملك عبدالله الطبية بالعاصمة المقدسة، يخدم متوسط 3,000 - 3,500 مريض سنوياً في الطب النووي التشخيصي والعلاجي من مرضى الأورام، والقلب، والعلوم العصبية، ومرضى الكلى، ومرضى الغدد اللمفاوية، ومرضى الغدد الصماء من الكبار والأطفال.
«التبرير».. وتقييم الحالة
لمعرفة كيفية التعامل مع الأطفال والنساء الحوامل التي تستدعي حالاتهم الخضوع للتصوير الطب النوويّ التشخيصي، «عكاظ» سألت أخصائي الطب النووي بمدينة الملك عبدالله الطبية الدكتور جهاد حامد الشريف، فقال: يتم تقييم الحاجة الملّحة للتصوير التشخيصي، بناء على أحد المبادئ المهمة في مجال الحماية من الإشعاع وهو مبدأ «التبرير»، إذ يجب أن تكون المنفعة أعلى من الضرر المحتمل، خصوصاً لدى الأطفال والنساء الحوامل في حالة الضرورة، تُستخدم أقل جرعة ممكنة من الإشعاع، وتُتخذ تدابير وقائية إضافية لحماية الجنين أو الطفل، مثل تقليل الجرعة الإشعاعيّة بناء على الوزن للأطفال، أو الحالة للحامل مع تقنيات تصوير معدلة، في حال وجود أشعة مقطعية مرتبطة بالتصوير النوويّ.
وهل يعد العلاج بالطب النووي خياراً مثاليّاً للمرضى الذين توقفت حالاتهم عن الاستجابة للعلاجات الأخرى؟
أجاب أخصائي الطب النووي بمدينة الملك عبدالله الطبية الدكتور جهاد: يمكن أن يكون العلاج بالطب النووي خياراً مناسباً لبعض المرضى الذين لم يستجيبوا للعلاجات التقليدية، خصوصاً إذا كانت الخلايا السرطانية تستجيب للمواد المشعة المستخدمة، من خلال التصوير بالطب النوويّ التشخيصي المُسبق، إذ يتم تقييم كل حالة على حدة لتحديد أفضل خيارات العلاج المقدمة والمناسبة للمريض.
المسافرون والإشعاع
لكشف تخوف البعض من إصابته بسرطان الدم نتيجة تلقيه العلاج بالطب النووي، يرى أخصائي الطب النووي الدكتور جهاد، أنه على الرغم من أن التعرض للإشعاع يحمل مخاطر نظرية لزيادة احتمالية الإصابة بسرطانات أخرى، إلا أن الفوائد العلاجية للطب النووي غالباً ما تفوق المخاطر، إذ يتم استخدام أقل جرعة ممكنة لتحقيق الأهداف العلاجية، وتُتخذ تدابير لحماية الأنسجة السليمة على نحو أمثل.
ولتوضيح المحاذير الوقائية للمرضى المسافرين بعد إجرائهم فحوصات الطب النوويّ، أوضح الأخصائي الدكتور جهاد: عند تناول المحاذير المحتملة للمرضى الذين تستوجب عودتهم عبر السفر، فيجب تحديد ما إذا كان المريض تلقى المادة الصيدلانيّة المشعة لغرض تشخيصي أو علاجيّ، فالتشخيص عادةً لا يتطلب احتياطات معيّنة للسفر، كون الجرعة المستخدمة قليلة من ناحية النشاط الإشعاعيّ. وفي المقابل، عند تلقي المريض جرعة إشعاعيّة لأغراض علاجيّة، فعادة يتمّ تجنب السفر، والعزل لفترة معينة من الوقت لتقليل التعرض للآخرين، اعتماداً على كمية النشاط الإشعاعيّ، نوع الإجراء ومعدل التعرض الإشعاعي. وفي حال، إذا كان السفر ضروريّاً بعد فترة العزل مباشرة، فيجب حمل وثائق طبية رسميّة، من المنشأة الصحية توضح نوع وجرعة المادة المشعة المستخدمة، إذ قد تكشف أجهزة الأمن في المطارات وجود إشعاع متبقٍّ في جسد المريض.
العملية.. 30 دقيقة
أخصائية الطب النوويّ ومسؤولة حماية الإشعاع بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض أريج الشهري، ترى أنه نظراً للتقدم المستمر في تقنيات التشخيص والعلاج يُعتبر تخصص الطب النووي مطلوباً في العديد من المراكز الطبية والمستشفيات، خصوصاً تلك التي تقدم خدمات متقدمة في تشخيص وعلاج الأورام، وبينت أن مدة فحوصات الطب النووي تختلف بناءً على نوع الفحص، والمنطقة المستهدفة. عموماً، فقد تستغرق العملية من 30 دقيقة إلى ساعات عدة، بما يشمل وقت التحضير الكافي للمادة الصيدلانيّة المشعة والتأكد من تحضير المريض بشكلٍ جيد، ومدى أخذ المادة المشعة للعضو المستهدف في جسم المريض، وتصويره لمدة كافية وكفيلة بإعطاء نتائج دقيقة.
وتوضح مسؤولة حماية الإشعاع بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، الشهري: أن معظم الحالات لا تتطلب تنويم المريض عند حاجته للمواد الصيدلانيّة المشعة، لأغراض تشخيصية. في حين، عندما يكون الغرض علاجيّاً، فعادة يتمّ عزل المريض في جناح التنويم أو المنزل لمدة من الوقت، وتعتمد المدة على كمية النشاط الإشعاعيّ المحسوب، ومعدل التعرض الإشعاعيّ، ونوع الإجراء الذي تم تحديده للمريض.
أسس
وبروتوكولات
المدير التنفيذي للجمعية السعودية للطب النووي والتصوير الجزيئي عبدالعزيز آل منصور، قال: الجمعية السعودية للطب النوويّ والتصوير الجزيئي تأسست 2020م، هدفها وضع أسس وبروتوكولات لإجراءات الطب النووي؛ بهدف توحيد جودة الخدمة على مستوى المملكة، والعمل مع الجهات الرسمية لرفع مستوى التدريب والتثقيف في مجال الطب النووي، وتعزيز وتشجيع تطوير أفضل ممارسات الطب النوويّ، البحث والتعليم؛ وأن تكون الجمعية المرجع الأول للمتخصصين بهذا المجال؛ وذلك لتحسين رعاية المرضى، وتضم ما يزيد على 300 عضو جميعهم من أبناء الوطن العاملين والمهتمين في مجال الطب النووي.
استهداف الخلايا بدقة بالغة
«عكاظ» وضعت الأسئلة الحائرة على طاولة استشاري الطب النووي بمدينة الملك عبدالله الطبية بمركز أورام جدة عضو مجلس الجمعية السعودية للطب النووي والتصوير الجزيئي الدكتور عاقب بخش؛ لمعرفة سر الطب النووي.. ولماذا يلجأ إليه بعض الأطباء، فأوضح قائلاً: إن الطب النووي هو تخصص طبيّ دقيق، يستخدم المواد الصيدلانيّة المشعة لتشخيص وتصوير وظائف الجسم المستهدفة بدقة لتحديد التغيرات الحيويّة، واستهداف الخلايا المرضيّة بدقة، ويلجأ الأطباء إلى فحوصات الطب النووي؛ للكشف المبكر عن عدد من الأمراض منها (القلب والكلى والعظام)، ويتم عادةً طلب الفحص لمتابعة حالة بعض الفحوصات المسبقة للمريض أو لتأكيد النتائج، ومن خلالها يحصل الطبيب على صور أو مسح لأجزاء الجسم الداخلية باستخدام كميات صغيرة من مواد إشعاعية ليقدم خطة علاجية مناسبة، وفعالة للمريض؛ فتصوير الطب النووي، يقدم مسحاً لأجزاء الجسم الداخلية المختلفة باستخدام كميات صغيرة من مواد إشعاعية؛ لإظهار صور لأعضاء الجسم وأجزائه التي لا يمكن رؤيتها جيداً باستخدام الأشعة السينية المعتادة، وهو يتميز عن باقي الوسائل المستخدمة في التشخيص، بينما تقدم الطرق التشخيصية الأخرى، مثل: الأشعة السينية معلومات في تشريح الأعضاء دون تقييم وظائفها وتحديد كفاءتها.
تقليص حجم الأورام
يضيف الاستشاري بخش: أن الطب النووي، يستخدم لتقليص حجم الأورام أو القضاء عليها، خصوصاً في الحالات التي لا يُعد الإجراء الجراحي فعالاً، أو عندما يكون الورم حساساً للإشعاع، كما يُستخدم لتخفيف الأعراض في المراحل المتقدمة من المرض، فالطب النووي العلاجيّ يتم عبر الحقن الوريدي، أو تناولها عن طريق الفم مباشرة، إذ تتميّز (النويدة العلاجيّة) كونها ذات خصائص علاجيّة ومستهدفة للخلايا السرطانيّة، لتقليل الإشعاع للخلايا المحيطة الطبيعية، وبأقل ضرر للمريض، إذ تنتقل وتلتصق بالخلايا السرطانيّة، وتبث إشعاعاً يدمرها أو يبطئ نموّها، علماً أنّ خصائصها الإشعاعيّة تضمحل مع الوقت.
هل المادة المشعة التشخيصية المستخدمة تُشكل خطراً، وأثراً سلبياً على حياة المريض؟
يجيب استشاري الطب النووي بمدينة الملك عبدالله الطبية بمركز أورام جدة الدكتور بخش: المواد الصيدلانيّة المشعة المستخدمة في التصوير التشخيصي تُمتص جزئياً من الجسم، وتُطرح بشكل طبيعي عبر البول أو البراز. وعادةً ما تكون كميات الإشعاع المستخدمة صغيرة، ولا تسبب آثاراً صحية سلبية كبيرة. مع ذلك، يتم اتخاذ احتياطات لتقليل التعرض غير الضروري للإشعاع.
ابتعد مترين عن المريض
وعن أسباب منع المريض من ملازمة الأطفال والنساء الحوامل بعد خضوعه للتصوير التشخيصي، أوضح الاستشاري الدكتور بخش، أنه بعد حقن المادة المشعة يكون المريض مصدر الإشعاع حتى يتخلص الجسم من المادة المشعة؛ لذلك ينصح بإبقاء مسافة مترين بين المريض وأهله، وينصح بعدم الجلوس لمدة أكثر من 15 دقيقة بالقرب منهم خصوصاً الأطفال والحوامل؛ كون هذه الفئة أكثر تحسّساً من الإشعاع مقارنة بالكبار من الرجال والنساء.
وحول كيفية التعامل مع المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وضغط الدم والكلى والقلب، قال الاستشاري بخش: المادة المشعة في فحوصات الطب النووي لا تملك أي تأثيرات جانبية للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكر، ارتفاع ضغط الدم أو قصور في وظائف الكلى والقلب، بعكس الصبغات المستخدمة في التصوير الطبقي أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
وحول أرقام الذين خضعوا للتصوير أو العلاج أوضح عضو مجلس الجمعية السعودية للطب النووي والتصوير الجزيئي الاستشاري بخش، أنه يوجد نحو 80 مركزاً طباً نووياً بالمملكة يخدم جميع المناطق، وفي مدينة الملك عبدالله الطبية بالعاصمة المقدسة، يخدم متوسط 3,000 - 3,500 مريض سنوياً في الطب النووي التشخيصي والعلاجي من مرضى الأورام، والقلب، والعلوم العصبية، ومرضى الكلى، ومرضى الغدد اللمفاوية، ومرضى الغدد الصماء من الكبار والأطفال.
«التبرير».. وتقييم الحالة
لمعرفة كيفية التعامل مع الأطفال والنساء الحوامل التي تستدعي حالاتهم الخضوع للتصوير الطب النوويّ التشخيصي، «عكاظ» سألت أخصائي الطب النووي بمدينة الملك عبدالله الطبية الدكتور جهاد حامد الشريف، فقال: يتم تقييم الحاجة الملّحة للتصوير التشخيصي، بناء على أحد المبادئ المهمة في مجال الحماية من الإشعاع وهو مبدأ «التبرير»، إذ يجب أن تكون المنفعة أعلى من الضرر المحتمل، خصوصاً لدى الأطفال والنساء الحوامل في حالة الضرورة، تُستخدم أقل جرعة ممكنة من الإشعاع، وتُتخذ تدابير وقائية إضافية لحماية الجنين أو الطفل، مثل تقليل الجرعة الإشعاعيّة بناء على الوزن للأطفال، أو الحالة للحامل مع تقنيات تصوير معدلة، في حال وجود أشعة مقطعية مرتبطة بالتصوير النوويّ.
وهل يعد العلاج بالطب النووي خياراً مثاليّاً للمرضى الذين توقفت حالاتهم عن الاستجابة للعلاجات الأخرى؟
أجاب أخصائي الطب النووي بمدينة الملك عبدالله الطبية الدكتور جهاد: يمكن أن يكون العلاج بالطب النووي خياراً مناسباً لبعض المرضى الذين لم يستجيبوا للعلاجات التقليدية، خصوصاً إذا كانت الخلايا السرطانية تستجيب للمواد المشعة المستخدمة، من خلال التصوير بالطب النوويّ التشخيصي المُسبق، إذ يتم تقييم كل حالة على حدة لتحديد أفضل خيارات العلاج المقدمة والمناسبة للمريض.
المسافرون والإشعاع
لكشف تخوف البعض من إصابته بسرطان الدم نتيجة تلقيه العلاج بالطب النووي، يرى أخصائي الطب النووي الدكتور جهاد، أنه على الرغم من أن التعرض للإشعاع يحمل مخاطر نظرية لزيادة احتمالية الإصابة بسرطانات أخرى، إلا أن الفوائد العلاجية للطب النووي غالباً ما تفوق المخاطر، إذ يتم استخدام أقل جرعة ممكنة لتحقيق الأهداف العلاجية، وتُتخذ تدابير لحماية الأنسجة السليمة على نحو أمثل.
ولتوضيح المحاذير الوقائية للمرضى المسافرين بعد إجرائهم فحوصات الطب النوويّ، أوضح الأخصائي الدكتور جهاد: عند تناول المحاذير المحتملة للمرضى الذين تستوجب عودتهم عبر السفر، فيجب تحديد ما إذا كان المريض تلقى المادة الصيدلانيّة المشعة لغرض تشخيصي أو علاجيّ، فالتشخيص عادةً لا يتطلب احتياطات معيّنة للسفر، كون الجرعة المستخدمة قليلة من ناحية النشاط الإشعاعيّ. وفي المقابل، عند تلقي المريض جرعة إشعاعيّة لأغراض علاجيّة، فعادة يتمّ تجنب السفر، والعزل لفترة معينة من الوقت لتقليل التعرض للآخرين، اعتماداً على كمية النشاط الإشعاعيّ، نوع الإجراء ومعدل التعرض الإشعاعي. وفي حال، إذا كان السفر ضروريّاً بعد فترة العزل مباشرة، فيجب حمل وثائق طبية رسميّة، من المنشأة الصحية توضح نوع وجرعة المادة المشعة المستخدمة، إذ قد تكشف أجهزة الأمن في المطارات وجود إشعاع متبقٍّ في جسد المريض.
العملية.. 30 دقيقة
أخصائية الطب النوويّ ومسؤولة حماية الإشعاع بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض أريج الشهري، ترى أنه نظراً للتقدم المستمر في تقنيات التشخيص والعلاج يُعتبر تخصص الطب النووي مطلوباً في العديد من المراكز الطبية والمستشفيات، خصوصاً تلك التي تقدم خدمات متقدمة في تشخيص وعلاج الأورام، وبينت أن مدة فحوصات الطب النووي تختلف بناءً على نوع الفحص، والمنطقة المستهدفة. عموماً، فقد تستغرق العملية من 30 دقيقة إلى ساعات عدة، بما يشمل وقت التحضير الكافي للمادة الصيدلانيّة المشعة والتأكد من تحضير المريض بشكلٍ جيد، ومدى أخذ المادة المشعة للعضو المستهدف في جسم المريض، وتصويره لمدة كافية وكفيلة بإعطاء نتائج دقيقة.
وتوضح مسؤولة حماية الإشعاع بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، الشهري: أن معظم الحالات لا تتطلب تنويم المريض عند حاجته للمواد الصيدلانيّة المشعة، لأغراض تشخيصية. في حين، عندما يكون الغرض علاجيّاً، فعادة يتمّ عزل المريض في جناح التنويم أو المنزل لمدة من الوقت، وتعتمد المدة على كمية النشاط الإشعاعيّ المحسوب، ومعدل التعرض الإشعاعيّ، ونوع الإجراء الذي تم تحديده للمريض.