مسلحون من مليشيا الحوثي الإنقلابية.( أرشيفية)
مسلحون من مليشيا الحوثي الإنقلابية.( أرشيفية)
-A +A
أحمد الشميري (جدة)ashmeri@
للحوثي سجل أسود من الخيانات والغدر بالحلفاء طوال عقود من الزمن، ولا يعول اليمنيون ولا المجتمع الدولي كثيراً على جماعة إرهابية انقلابية عرفت على مر تاريخها بنقض العهود والمواثيق سواء مع القبائل أوالدولة اليمنية، وقد بدأها مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي وشقيقه يحيى بخيانة قبائلهم التي منحتهما أصواتها في الانتخابات البرلمانية، فكان رد الجميل فرض الإتاوات والتنكيل بهم، تبع ذلك خيانة اليمن عبر التواصل مع سفير نظام الملالي وزيارة طهران وعقد تحالفات معها.

ورغم هذا التاريخ الحافل بكل أنواع الخيانة، فإن الرئيس الراحل علي صالح، لم يستفد من خبرته وتجربته، إذ إنه أعفى عن عبد الملك الحوثي ووالده في «حرب صعدة الأولى» بعد مصرع مؤسس المليشيا حسين بدر الدين واعتقال المئات ومصادرة أسلحتهم، لتندلع بعدها حروب خمس أخرى بين الطرفين، تنتهي بالتحالف معهم ثم الغدر به وتصفيته وعدم تسليم جثته لأهله حتى الآن.


وخلال ست حروب ممتدة من 2004 وحتى 2010، وقعت خمس معاهدات بادر بها الجيش اليمني لإعلان السلم ووقف القتال، لكن الجماعة التي رضعت الغدر، لا تلبث إلا أن تنقض كل تهدئة بإطلاق الرصاص عليها واستهداف المدنيين، كما هو حالها الآن، فرغم إعلان وقف إطلاق النار من التحالف والشرعية، فإنها مستمرة في حربها على المدنيين.

وفي الحروب الخمس تحالف الحوثي مع «الإخوان» الذين وقفوا معه ضد الدولة ومؤسساتها خصوصاً في الحربين الخامسة والسادسة، ورغم تمرد المليشيا على الدولة، زعم «الإخوان» أن الحوثيين مظلومون.

وفي عام 2011 أدخل «الإخوان» عناصر الحوثي بشكل سلمي إلى صنعاء وشيدوا لهم المخيمات في ساحة التغيير أطلقوا عليها «مخيمات الصمود» والتي حولتها المليشيا إلى نافذة للتواصل مع علي صالح ومكونات أخرى في محاولة لترغيبهم في الحركة الإرهابية.

بعدها ضغط الإخوان وحلفاؤهم لإشراك الحوثي في اتفاقية المبادرة الخليجية وحكومة الوفاق الوطني ومنحهم حقيبة وزارية رغم رفض علي صالح، لكن ذلك مثّل نافذة حوثية للتواصل مع صالح وقياداته وبناء تحالف جديد على أنقاض التحالف مع «الإخوان» وحلفائهم من الأحزاب السياسية، ثم إطلاق شرارة الحرب ضد الدولة في وقت كانت القوى السياسية تتفاوض على مخرجات الحوار الوطني.

وفي سبتمبر 2014، أطلق الحوثيون حربهم السابعة ضد الدولة، واحتلوا صنعاء عبر الشراكة مع علي صالح الذين خاضوا ضده ست حروب، وأعلنوا الانقلاب على الشرعية وحينها اعترف الرئيس السابق بالتحالف المشؤوم، وحصل الحوثيون على دعم القبائل المؤيدة لحزبه طوال الفترة الماضية.

ورغم كل هذه التسهيلات والتحالفات التي قدمها صالح وحزبه لهم، فقد عادوا سيرتهم الأولى وانقلبوا عليه، وفرضوا على حليفهم وعائلته الإقامة الجبرية في العاصمة، ودخلوا معه في خلاف كبير، وبعد وساطات تمكنوا في مايو 2016 من تشكيل حكومة انقلاب بالمناصفة بين الطرفين (صالح والحوثي) أطلق عليها «حكومة الإنقاذ»، وكانت الثمن تسليم صالح مفاتيح مخازن الدولة العسكرية والأمنية والاستخباراتية والمخابئ السرية للأسلحة والصواريخ للحوثيين، وهي الخطوة التي دقت المسار الأخير في نعش التحالف المشؤوم ومثلت بداية النهاية لسلطة صالح وأنصاره.

ولم يمكث هذا الاتفاق أكثر من عام حتى بدأت الخلافات من جديد، إذ حاول الحوثيون تصفية (صلاح) نجل الرئيس السابق وقتل أحد مرافقيه وتمكن من الفرار، ثم تهديد صالح ومحاولة منعه من إقامة حفل لحزبه في أغسطس 2017 واقتحامهم لمسجد الصالح.

وتصاعدت الخلافات والتهديدات وتحولت صنعاء إلى ميدان للتصفية الداخلية، غير أن الحوثيين بعد أن فشلوا في تحديد موقع علي صالح تضطروا لإرسال عدد من الوسطاء من زعماء القبائل الموالية له ومن حزبه للتفاوض معه، ما مكنهم من تحديد موقعه وقصف منزله بالمدفعية وقتله.

ويستخدم الحوثي نفس الطرق في التفاوض مع القبائل وتحديد الثغرات عبر الوسطاء واقتحامها كما حدث مع قبائل حجور، وما يجري حاليا مع قبائل ردمان في البيضاء والتي يقودها الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر ياسر العواضي الذي دعا إلى انتفاضة ضد الحوثي.

وحذر ناشطون يمنيون من خطورة الخيانة الحوثية عبر الوسطاء في قتل العواضي كما حدث مع صالح، مؤكدين أن المليشيا تعتمد على الخيانات في تحقيق أهدافها واستغلال الفرصة للتحشيد وتصفية الخصوم.