-A +A
عبدالله الغضوي (إسطنبول) GhadawiAbdullah@
لم تكتف إيران بإحكام السيطرة على دير الزور عبر المليشيات العسكرية والمراكز الثقافية التي أصبحت ذراعاً إستراتيجية لها في المنطقة. بل ذهبت الأمور إلى أبعد من ذلك!؟

وكشفت انتخابات مجلس الشعب الأخيرة عن نفوذ الملالي في المحافظة ورغبتهم في السيطرة على مجالات الحياة والمجتمع، فالشخصيات التي ستدخل البرلمان معظمها إن لم يكن كلها مقربة من طهران وتدين بالولاء لها، وهو مؤشر خطير على المنطقة الشرقية ذات الطابع السني.


أكثر ما يجب الانتباه إليه في هذه الانتخابات، هو العمل الممنهج على استبعاد قبيلة «العكيدات» من البرلمان بشكل كامل في كل المحافظات بدءاً من دير الزور إلى ارقة وحمص، وهذه المرة الأولى التي يتم فيها استبعاد هذه القبيلة التي تشكل 50% من المحافظة، في ملامح عقاب جماعي ضدها، لأن رؤوسها لم تكن تحت الوصاية الإيرانية.

مظاهر استبعاد العكيدات كانت فجة وصارخة ، ففي ما يسمى بقائمة الجبهة الوطنية التقدمية التابعة لحزب البعث تمكن نجل أحد أكبر شيوخ العكيدات من مشيخة الدندل من الفوز بالمرتبة الثالثة، وهو نجاح يقوده بشكل تلقائي إلى البرلمان، إلا أن النفوذ الإيراني حال دون ذلك، ولم يتوقف الأمر على القائمة الحزبية، بل بلغ حدود التدخل إلى قائمة الشخصيات المستقلة، وهي قائمة غير مرتبطة بالأحزاب، وفي تكرار للاستبعاد حاز أحد شبان مشيخة الدندل على 16 ألف صوت في القائمة المستقلة، لتبدأ عمليات التزوير ومنح الآخرين أصواتاً بالآلاف حتى لا يتسنى لمرشح (الدندل) الحصول على مقعده، وهو ما حدث.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى آل الجراح والنجرس، أحد أبرز ممثلي قبيلة العكيدات، والذين كانوا أعضاء تقليديين في البرلمان، إلا أن هذه الدورة الانتخابية خلت من كل هذه العشائر.

في المقابل، حصلت الشخصيات المدعومة من طهران على أصوات كبيرة، جزء منها تحت التزوير، ونجحت شخصيات مثل مهنا الفياض ومدلول العزيز، وهما من أكثر الشخصيات التابعة لإيران في دير الزور، ويسوقان لنفسيهما بأنهما من آل البيت، وهي طريقة متداولة للتقرب من إيران وخدمة أجندتها.

وأكدت مصادر قبلية لـ «عكاظ»، أن ما جرى عملية إيرانية هدفها إبعاد العكيدات من الوصول إلى البرلمان، ولم يكن هذا على مستوى دير الزور فقط، فقد غابت في حمص وغيرها.

وبحسب مصادر في حمص، فإن شخصيات البرلمان الجديد، معظمها مغمورة وغير معروفة للأوساط التقليدية، بل إن شكلاً طائفياً بدا واضحاً على هذه الانتخابات من خلال استبعاد شخصيات سنية وازنة وتقدم شخصيات علوية وأخرى مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنظام.

إن ترتيب البرلمان بهذه الطريقة وتشكيله على مزاج النظام وإيران، يوحي بالتحضير لعملية تشريعية وتوليفه على مزاج السلطة دون أدنى وجود لأصوات قد تكون غير متطابقة مع مخططات النظام.. فماذا يحضر النظام بعد مجلس متجانس على طريقة الأسد؟.