«اللقاح».. البشرى التي ينتظرها مليارات البشر في أرجاء المعمورة، على أمل أن يضع ذلك حداً لنازلة كورونا التي تكاد لا تتوقف قط. وعلى رغم تزايد عدد الشركات التي تعلن عن تقدم كبير قطعته لقاحات ابتكرتها، إلا أن الحقيقة تبقى، وهي أن الدول الغنية هي المبشرة شعوبها باللقاح حال ظهوره. في حين سيكون على الدول الفقيرة الانتظار حتى يقضي الله أمراً كان مقدوراً. فقد قامت الدول الغنية أخيراً بشراء أكثر من مليار جرعة من اللقاحات المرتقبة؛ خصوصاً أمريكا، وبريطانيا، واليابان، والاتحاد الأوروبي. وأثار ذلك مخاوف على أن الدول الفقيرة ستكون على الجانب الآخر من الرصيف، بانتظار ما سيتبقى من الكميات المنتجة من اللقاحات، وسط دلائل على أن ما سيتم إنتاجه لن يكفي سكان العالم البالغ عددهم 7.8 مليار نسمة. وبلغت جملة ما حجزته بريطانيا، وأمريكا، واليابان، والاتحاد الأوروبي من اللقاحات حتى أمس 1.3 مليار جرعة. وإذا وُضع في الاعتبار تضمن عقود الشراء خيارات تسمح للدول المشترية بطلب كميات إضافية، فإن تلك الكميات قد تصل إلى 1.5 مليار جرعة. ويعني ذلك ببساطة أنه مهما تقدم العلم في هذا الشأن، فلن تكون هناك كميات كافية من اللقاحات لجميع شعوب الكوكب الأرضي. وتذهب التوقعات إلى أنه حتى في حال تجاوز اللقاحات المرشحة للنجاح كل العقبات البيروقراطية المتصلة بترخيصها، فإن إمدادات اللقاح عالمياً لن تتجاوز مليار جرعة خلال الربع الأول من 2021. كما أن من مشكلات الحصول على اللقاح، أن هناك احتمالاً بأن يفشل اللقاح الذي يتم التعاقد على شرائه، ما سيضطر الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل إلى إبرام عقود أخرى بمبالغ طائلة لتوفير لقاح بديل مضمون النتيجة. وفي روسيا، أعلنت السلطات أنها ستبدأ برنامجاً مكثفاً لتطعيم السكان اعتباراً من أكتوبر القادم، بدءاً بالكوادر الصحية والمعلمين، باللقاح الذي ابتكره معهد جماليا بتمويل من صندوق الاستثمارات المباشرة (السيادي) الروسي. وقال وزير الصحة الروسي ميخائيل موراشكو أمس إن اللقاح الروسي يجري تسجيله حالياً من قبل السلطات المعنية بإقرار الأدوية والأمصال للاستخدام العمومي. وتوقع أن يتم تسجيله بشكل مؤقت خلال أغسطس الجاري. ويعني ذلك أنه لا بد للجهة الصانعة للقاح من استكمال تجاربها السريرية عليه، وذكرت نائبة رئيس الوزراء الروسي تاتانيا غوليكوفا أمس الأول أن إنتاج اللقاح سيبدأ في سبتمبر. وأثار استعجال موسكو إنتاج هذا اللقاح قلقاً في المجتمع العلمي، باعتبار أن مأمونية ونجاعة أي تطعيم تتطلب وقتاً كافياً من التجارب، والنتائج.