لم يعد الأمر يحتاج لتأكيد أو توضيح؛ أن النظام الإيراني يمثل تهديداً لدول الجوار والمنطقة والعالم بسبب إرهابه الطائفي ودعمه للمليشيات الإرهابية في العراق وسورية ولبنان واليمن، ويجب وضع حد لعربدته وكسر عنجهيته وإنقاذ البشرية من عبثيته وتدميره عبر أذرعته الإرهابية.. والعراق العربي الأصيل كان رهينة لهذا الإرهاب الإيراني الذي أهلك الحرث والنسل العراقي؛ حيث حولها الهالك سليماني ومن بعده قاآني، ومسجدي إلى ولاية عراقية طائفية، وأفسدوا فيها وقتلوا الآلاف من السنًة وشردوا الملايين.. وجاء إلى العراق أخيراً رجل رشيد وهو رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي تمكّن من تشخيص حقيقي للوضع في العراق وحدد مكامن الخلل التي كانت سائدة في تعامل الحكومات السابقة الطائفية بشأن علاقات العراق مع أشقائه العرب حيث وقعت تلك القيادات الطائفية تحت تأثير ملالي قم وفيلق القدس الإرهابي والحشد الشعبي المليشياتي حتى لم يعد للعراق العربي من اسمه نصيب. الكاظمي القادم من معاقل السياسة ودهاليز الاستخبارات أصر على معالجة الخلل الاستراتيجي داخل مفاصل الدولة العراقية بشقه السياسي والأمني بهدوء وبشكل تدريجي، وبما يخدم مصالح العراق، والعراقيين أولاً وأخيراً، بعيداً عن التدخلات الطائفية. وللأسف الشديد وقع حكام العراق، ورؤساء الحكومات العراقية السابقون، رهينة للحكم الإيراني البغيض وهذا أدى حتماً للابتعاد عن شركائها في الدول العربية، ما أدى إلى هجران الحضن العربي، الذي تسبب بخسارة ليس فقط اقتصادية فحسب للكثير من الفرص المهمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تسبب فيها تغلغل النظام الإيراني في مفاصله وقيام دول أخرى بشغل مساحات الفراغ العربي في الساحة العراقية، ولا سيما النظام التركي. لقد نجحت دبلوماسية الكاظمي، رغم كونها في خطواته الأولى، من الانطلاق مجدداً نحو الحضن العربي، عندما توجه وجه المملكة، لتعزيز العلاقات الثنائية، وتبادل الآراء بخصوص بعض الملفات المشتركة بين البلدين، في ظل الظروف الحرجة التي تشهدها المنطقة جراء التوترات الأمنية فيها، وكذلك بسبب تفشي جائحة «كورونا» والعودة إلى الأصل والعمق السعودي؛ حيث تمخضت زيارته بالتوقيع على 5 اتفاقيات في عدة مجالات خلال أول زيارة يقوم بها إلى المملكة منذ توليه مهامه في مايو من العام الماضي. كما ترأس مصطفى الكاظمي مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اجتماعاً عراقياً سعودياً موسعاً في الرياض، حيث عكست مخرجات الزيارة واللقاءات المكثفة التي عقدت بين الجانبين حرص المملكة على وحدة الشعب العراقي الشقيق، وعلى التعاون مع الحكومة العراقية، لتحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين بما يحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، خصوصاً أن زيارة رئيس الوزراء العراقي ولقاءه مع سمو ولي العهد، بما حمله من معانٍ ودلالات سياسية، تعكس إيمان الحكومة العراقية بأهمية العمق العربي والإسلامي والثقل الكبير الذي تمثله المملكة.فالكاظمي يعرف جيداً المكانة الكبيرة التي تحتلها السعودية في المنطقة، ومن خلال معرفته تلك أراد إرسال رسائل تطمين إليها وإلى كل الدول العربية مفادها أن نهج حكومته سيكون مختلفاً جذرياً عن نهج الطائفية الذي سارت عليه الحكومات السابقة وأعتقد جازماً أن القادة العرب وصلتهم رسالة الكاظمي وعليهم أن يردوا عليها بأحسن حتى يتم انتشال العراق، وتخطي أزماته التراكمية الخطيرة جداً والتي كانت انعكاساتها سلبية جداً على معظم الدول العربية، وكون عودته إلى حضنه العربي، فإن هذه العودة ستكون عاملاً لإبعاد العراق عن الحكم الطائفي الإرهابي كون بقاء العراق مرتهناً لنظام الملالي سيؤدي إلى إنهاء الرمق العربي في بلاد الرافدين العربية الأصيلة وهذا الضعف سيؤثر في قوة الجسد العربي، وسيصيبه بمقتل، إن لم يكن أصابه فعلاً.. والمملكة كانت ولا تزال حريصة على دعم جهود العراق في التصدي للتطرف ومكافحة الإرهاب، وتؤكد على الدوام على ضرورة احترام سيادته ووحدة أراضيه ووقف التدخلات الخارجية.