يثير الانسحاب الأمريكي من أفغانستان العديد من التساؤلات حول المستقبل المنتظر للدولة التي كانت ولا تزال ملاذاً لجماعات العنف والإرهاب، ومرتعاً لبيع السلاح والمخدرات، رغم كل محاولات الإدارات الأمريكية والحكومات الأفغانية المتعاقبة لإصلاح الوضع في أفغانستان وفتح الحوار مع الأطراف المعنية، إلا أن المحصلة النهائية هي ما تشهده أفغانستان اليوم.. لكن التساؤل الأبرز في ضوء المعطيات الراهنة هو: من سيملأ الفراغ الأمريكي؟ في وقت تتهيأ قوى عدة الفرصة للانقضاض على أفغانستان؛ وأبرزها النظام الإيراني والقوى الرمادية الخفية وصناع القرار في الدول العميقة وأجهزة الاستخبارات العالمية وكارتيلات السلاح ومافيا المخدرات.لكن الأمر المثير للدهشة أنه مع انطلاق الحديث عن انسحاب واشنطن، سارعت حركة طالبان دون انتظار لنهاية الانسحاب إلى السيطرة على الولايات والمقاطعات الأفغانية، وسط توقعات استخباراتية بعدم مقدرة حكومة الرئيس أشرف غني أكثر من بضعة أشهر قبل أن يحكم الطالبان قبضتهم على كبرى المدن والولايات؛ وأبرزها العاصمة كابول.. وتساؤل المراقبون في مكانه؛ كون مع مغادرة آخر جندي أمريكي يهمّ من قاعدة باغرام الجوية (شمالي كابل)، كانت مناطق كثيرة في شمالي وشمال شرقي أفغانستان تشهد انسحاباً دراماتيكياً للحكومة الأفغانية من مراكز المديريات، لتخلو الساحة لمقاتلي حركة طالبان في السيطرة على تلك المناطق. هذا الانهيار السريع لقوات الحكومة الأفغانية، أثار دهشة واستغراب المراقبين، ودفعهم إلى التساؤل حول حقيقة المليارات التي صرفت لتدريب وتسليح الجيش الأفغاني لمواجهة مثل هكذا موقف بدا من خلاله أنه غير قادر على الصمود في مواجهة مقاتلي طالبان. إن انسحاب القوات الحكومية من القواعد العسكرية ومراكز المديريات، حتى تلك البعيدة عن تهديد طالبان شمالي أفغانستان، أثار تكهنات بشأن أسباب وأهداف هذا الانهيار المتسارع، وفي بعض الحالات غير المتوقع. وبحسب المصادر الأفغانية فإن الباسيج ومليشيات (فاطميون) و(زينبيون) الطائفية التابعة لفليق القدس تتحرك ميدانياً لتأجيج الفتنة الطائفية داخل أفغانستان والاستفادة من حالة الفوضى العارمة التي تحدث حالياً لتعزيز نفوذها في المناطق الأفغانية ذات الأغلبية الشيعية والتغلغل في المناطق السنية للسيطرة عليها..
وتضع التطورات الأخيرة الكرة في ملعب زعماء طالبان ليثبتوا أنهم دعاة سلام، وهم يعرفون جيداً أن العزلة السياسية لأفغانستان لن تفيدهم، وأن خططهم لحكم أفغانستان وحدهم أو بشراكتهم الفعالة، تتطلب اعترافاً دولياً وتعاوناً إقليمياً واسعاً.. والانخراط في العمل السياسي والحوار مع الحكومة والنأي عن الإرهاب وتسليم السلاح. وباتت الحركة تسيطر على أكثر من نصف المديريات الأفغانية البالغ عددها 421، لكن لا تحكّم لها في أي مركز ولاية من الولايات الأفغانية الـ34، التي تسيطر عليها حكومة الرئيس أشرف غني. وهذه الأعداد قابلة للتغير، نظراً لإصرار طالبان على التمدد، ولو ببطء، لتضييق الخناق على المدن الكبرى بما فيها العاصمة كابل. وكذلك محاولة القوات الحكومية استرداد بعض المديريات القريبة من المدن والعاصمة، وتلك الواقعة على الطرق الإستراتيجية.
وتضع التطورات الأخيرة الكرة في ملعب زعماء طالبان ليثبتوا أنهم دعاة سلام، وهم يعرفون جيداً أن العزلة السياسية لأفغانستان لن تفيدهم، وأن خططهم لحكم أفغانستان وحدهم أو بشراكتهم الفعالة، تتطلب اعترافاً دولياً وتعاوناً إقليمياً واسعاً.. والانخراط في العمل السياسي والحوار مع الحكومة والنأي عن الإرهاب وتسليم السلاح. وباتت الحركة تسيطر على أكثر من نصف المديريات الأفغانية البالغ عددها 421، لكن لا تحكّم لها في أي مركز ولاية من الولايات الأفغانية الـ34، التي تسيطر عليها حكومة الرئيس أشرف غني. وهذه الأعداد قابلة للتغير، نظراً لإصرار طالبان على التمدد، ولو ببطء، لتضييق الخناق على المدن الكبرى بما فيها العاصمة كابل. وكذلك محاولة القوات الحكومية استرداد بعض المديريات القريبة من المدن والعاصمة، وتلك الواقعة على الطرق الإستراتيجية.