كشفت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد أن عدد البلاغات الواردة للهيئة 43182 بلاغاً في عام 2022، منها 23046 بلاغاً مشمولة باختصاصات الهيئة تشكل %53 يباشرها 26 فرعا. وأكد المتحدث باسم الهيئة أحمد الحسين لـ«عكاظ» أن زيادة أعداد البلاغات تأتي امتداداً للثقة في الجهود التي تبذلها الهيئة لحماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد. وعزا زيادة نسبة البلاغات إلى ارتفاع مستوى معرفة المبلغين باختصاصات الهيئة.
وأكد أن تعاون الجهات الحكومية والمواطنين مع الهيئة يتم بشكل فاعل بما يكفل تحقيقها لأهدافها في مكافحة الفساد .
وأضاف المتحدث لـ«عكاظ» بأن المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، تولي بالغ الاهتمام بالجهود المبذولة في مجال مكافحة الفساد محلياً ودولياً، وتقدم كامل الدعم للهيئة في جهودها الرامية إلى مكافحة الفساد المالي والإداري؛ كون حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد من مرتكزات رؤية 2030، حفاظاً على المال العام ومقدرات الوطن ومصالح المواطنين وبيّن المتحدث في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد أن الإعلان عن الإحصائيات يأتي انطلاقاً من التأكيد على مبدأ الشفافية. وقال إن الهيئة تقدر تعاون المواطنين والمقيمين معها، وتدعوهم لاستمرار التعاون في الإبلاغ عن أي شبهة فساد، من خلال القنوات التي وفرتها الهيئة لاستقبال البلاغات، وهي:
الهاتف المجاني 980، أو عبر الفاكس 0114420057، أو عبر «خدمة البلاغات» في الموقع الإلكتروني للهيئة، أو عبر البرقية، أو الإرسال على العنوان البريدي للهيئة، أو بالحضور الشخصي لمقر الهيئة الرئيسي في مدينة الرياض أو فروعها في مناطق المملكة، كما يمكن تلقي الاستفسارات عبر هاتف الهيئة (19991). وطبقاً لرصد «عكاظ» ووفق تصنيف البلاغات المشمولة باختصاصات الهيئة عن جرائم الوظيفة العامة أو المال العام شكلت الرشوة نسبة 63.2%، استغلال النفوذ الوظيفي 12.6%، التزوير 3.9%، تبديد في المال العام 1.3%، وشكلت جريمة الإثراء غير المشروع 6.4%، وجريمة التفريط في المال العام 0.9% في حين شكل استغلال العقود 3.7%، وشكل الاختلاس 2.4%، واستعمال النفوذ 3.1%، وغسل الأموال 1.7%، واحتلت جريمة إساءة المعاملة أو الإكراه باسم الوظيفة النسبة الأقل بـ0.8%.
كيُّ عروق الفساد والمفسدين
تترجم هيئة الرقابة ومكافحة الفساد من حين لآخر جهودها في مكافحة الفساد على أرض الواقع وتضرب بيد من حديد لحماية النزاهة وحماية المال العام. وأجمع قانونيون لـ«عكاظ» أن مكافحة الفساد باتت سمة بارزة وهدفاً تعمل الجهات المختصة على تطبيقه وتنفيذه بكل قوة. وقالوا إن حملات التحقيق والمتابعة والتحري ستظل تلاحق المفسدين والخارجين عن القانون في أي قطاع بلا استثناء. وقال رئيس النيابة العامة في جدة سابقاً الشيخ عبدالله محمد القرني: إن جهود الدولة في مكافحة الفساد محل الترحيب والتقدير من قطاعات المجتمع كافة، وبيّن أن العقوبة الصادرة من المحاكم تعد أسرع أداة للتصدي للفساد، وطالب بتعزيز الدور الإعلامي في الرقابة على أداء المؤسسات وحصر جملة من الجرائم الجنائية المصاحبة والمرتبطة والمتداخلة مع جرائم الفساد الوظيفي، وأثنى على جهود هيئة الرقابة ومكافحة الفساد والأجهزة الرقابية والنيابية والعدلية التي تتناغم لحماية المال العام من الجناية وحماية مدخرات الوطن.
من جانبه، أوضح المحامي صالح مسفر الغامدي أن دوائر جرائم الوظيفة العامة في النيابة تباشر وتحقق في 29 نوعاً من الجرائم؛ سواء كان الموظف على رأس العمل أو تقاعد أو فصل أو استقال، إذ لا تسقط الجنايات بالتقادم. ومن أبرز الأوصاف الجرمية الخاصة بجرائم الوظيفة المدونة في النيابة التزوير، الرشوة، التزييف، الاختلاس، تبديد المال العام أو التفريط به، الإخلال بواجبات الوظيفة نتيجة رجاء أو توصية أو وساطة، التصرف بغير وجه شرعي في أموال الدولة، استغلال نفوذ الوظيفة العامة، سوء الاستعمال الإداري، استغلال العقود وإساءة استعمال السلطة، ولكل جريمة نظام يتم الحكم من خلاله على المتهم.
أما أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة بجامعة الملك عبدالعزيز، الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور حسن محمد سفر، فقال: إن الكشف عن لصوص المال العام ومحاكمة الفاسدين خطوة نحو اجتثاث الفساد الذي يعطل تنمية المجتمع الذي يستطيع بهذا التطهير أن ينمو نماءً ناصعاً ونظيفاً ولا مكان فيه للفساد والمحاباة والإثراء الفاحش، لافتاً إلى أهمية كي عروق الفساد والمفسدين.
وأوضح المحامي سعد مسفر المالكي أن حماية المال العام ومكافحة الفساد جهد وطني متكامل يشارك فيه الجميع انطلاقاً من أن الفساد خطر عام تتعين مواجهته، مشدداً على أن الشفافية التي تتعامل بها هيئة مكافحة الفساد تسهم في رفع الأداء والجودة. وكشف أن العقوبات التي تطال الفاسدين تختلف من متهم إلى آخر؛ حسب الوقائع التي ارتكبها والوصف الجرمي وجسامة الجريمة ودور كل متهم فيها وظروفها المحيطة، وهو ما تقرره المحكمة المختصة وتكون بين السجن والغرامة وإعادة الأموال.
العين الراصدة في المواجهة
دعت المستشارة القانونية أنفال سعد الباحوث، المجتمع إلى التفاعل الإيجابي مع الهيئة ليكون كل فرد عيناً راصدة تجاه أي مخالفات أو شبهات فساد قد تقع، وقالت إن الخطوات المتتالية في محاربة الفساد تعد صمام أمان للاقتصاد الوطني. وأثنت المحامية شهد الغامدي والمحامية روان عسيري على جهود مكافحة الفساد بالتحرّي والبحث عن أوجه الفساد في العقود المتعلقة بالشأن العام لاتخاذ الإجراءات النظامية في شأن أي عقد يتبين أنه ينطوي على فساد.
وأوضحت المحامية منال الحارثي، أن إعلانات الهيئة من حين لآخر بالقبض على متورطين في قضايا فساد، تعكس الجهود المتواصلة للدولة في المكافحة. وقالت المحامية خلود ماجد الأحمدي: إن للهيئة جهوداً بارزة في ضبط القضايا والتحقيق وتقديم المتهمين للقضاء، وهناك أحكام كثيرة صدرت في قضايا فساد.
بحسب الموقع الرسمي للهيئة في سبيل تحقيق الشفافية، فإنها تهدف إلى متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين، والتحري عن أوجه الفساد في عقود الأشغال العامة وعقود التشغيل والصيانة وغيرهما من العقود المتعلقة بالشأن العام، واتخاذ الإجراءات النظامية في شأن أي عقد يتبين أنه ينطوي على فساد أو أنه أبرم أو يجري تنفيذه بالمخالفة لأحكام الأنظمة، وإحالة التجاوزات عند اكتشافها إلى الجهات المعنية، وللهيئة الاطلاع على مجريات التحقيق ولها أن تطلب اتخاذ التدابير الاحترازية أو التحفظية في شأن من توافرت أدلة أو قرائن على ارتكابه أفعالاً تدخل في مفهوم الفساد وإذا رأت الهيئة أن المخالفات تمثل بعداً مؤسسياً عليها رفع الأمر إلى الملك لاتخاذ ما يراه.
وتهدف (نزاهة) إلى العمل على تحقيق الأهداف الواردة في الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة، ورصد نتائجها وتقويمها ومراجعتها وتشجيع جهود تبني خطط وبرامج لحماية النزاهة، ومتابعة استرداد الأموال والعائدات الناتجة من جرائم الفساد، ومراجعة أساليب العمل؛ بهدف تحديد نقاط الضعف التي يمكن أن تؤدي إلى الفساد، والعمل على معالجتها واقتراح الأنظمة لمنع الفساد وإجراء مراجعة دورية للأنظمة والعمل على تطويرها. وإعداد الضوابط اللازمة للإدلاء بإقرارات الذمة المالية، وأداء القسم الوظيفي لبعض فئات العاملين في الدولة، ومتابعة مدى قيام الأجهزة بما يجب عليها إزاء تطبيق الأنظمة المجرمة للفساد، وتعزيز مبدأ المساءلة لكل شخص مهما كان موقعه، ومتابعة تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاقيات الدولية. كما تهدف الهيئة الى توفير قنوات اتصال مباشرة مع الجمهور لتلقي بلاغاتهم والتحقق من صحتها، والعمل مع مؤسسات المجتمع المدني على تنمية الشعور بالمواطنة وبأهمية حماية المال العام، وتلقي التقارير والإحصاءات الدورية ودراستها وإعداد البيانات التحليلية، ودعم إجراءات البحوث والدراسات، وحث الجهات المعنية، وإجراء الدراسات المتعلقة بتأثير الفساد على التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وتحليلها، ونشر الوعي بمفهوم الفساد وبيان أخطاره وتعزيز الرقابة الذاتية وثقافة عدم التسامح مع الفساد، وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام على التعاون والإسهام في هذا الشأن، وتمثيل المملكة في المؤتمرات والمحافل الدولية المتعلقة بالشفافية وحماية النزاهة ومكافحة الفساد، فضلاً عن تنظيم المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية حول الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد.