يرى المفكر المغربي صابر بن داوود أن الأسرة ارتبطت في دلالاتها اللغوية مع الأشكال المتعارف عليها منذ عقود، سواء من حيث مكونات الأسرة وشكل الروابط القائمة بين أفرادها (الدم، الدين، القانون...) أو من حيث الوظيفة الاجتماعية والبيولوجية الرامية لتحقيق الاندماج الاجتماعي والحفاظ على القيم واستمرار النسل البشري، مؤكداً أن الدلالات اللغوية اختزنت أهم المحددات والمعايير والتفضيلات الاجتماعية التي سادت المجتمعات لفترة زمنية طويلة، وجاءت متوافقة مع ثلاث خصائص أساسية نصادفها على مستوى التمثل العام والمباشر، إذ يوجد أصلها في الزواج باعتباره خاصية أولى، والثانية أنها تتكون من أكثر من فرد، أما الخاصية الثالثة، فهي الروابط التي تتخذ صبغة قانونية أو دموية قرابية أو قدسية دينية عبر شبكة من القوانين والتحريمات، وأحياناً أخرى تتمظهر في شكل رباط عاطفي أو اقتصادي، وهذه الروابط تجتمع كلها في تحديد وتشكيل جملة من الإلزاميات والالتزامات، ونجدها حاضرة - بأشكال مختلفة ومتفاوتة - في جميع المجتمعات، على الرغم من التباينات الثقافية القائمة بينها، ليبقى السؤال الأساسي بعد استيفاء عملية التحليل الأولي للدلات والتمثلات حول مفهوم الأسرة.
ويتساءل ابن داوود: ما مدى مطابقة النتائج للواقع المعاصر؟ ألم تسهم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في تغير تلك الدلالات؟ وهل من سبيل للحفاظ على القيم الأسرية في أزمنة التدفق القيمي السريع؟
ويذهب إلى أن الحالات التي نصادف فيها تطابقاً شبه تام بين مفهوم ما، وبين مختلف الحمولات الثقافية والقيمية التي يحيل عليها في الواقع الاجتماعي (قليلة)، ويعد مفهوم الأسرة واحداً من بين المفاهيم التي تندرج ضمن مثل هذه الحالات القليلة والدالة، إذ يتماهى الجذر اللغوي «أسر» مع مختلف الدلالات الاجتماعية التي تحملها مؤسسة الأسرة، مشيراً إلى أنه يمكن الجزم بوجود تداخلات أخرى كثيرة بين أصل الكلمة وبين حقلها الدلالي والرمزي، إلى درجة يرتبط فيها أيضاً بمجموعة من العادات والطقوس والرموز والقيم المرتبطة في مجملها بالزواج وبتأسيس الأسرة وإنجاب الأبناء وصلة الأرحام.
وأوضح أن تعريف الأسرة يرتكز بالأساس على الروابط، وتأتي الأسرة في المعجم الوسيط بمعنى: «الدرع الحصينة وأهل الرجل وعشيرته والجماعة التي يربطها أمر مشترك»، وهذا المعنى القائم على الرباط هو الشائع والمتعارف عليه في عدد من الثقافات واللغات المختلفة، بل ويتماهى حتى مع التعريف القانوني للأسرة أو للعائلة عموماً، فهي مؤسسة أولية تتكون من أفراد تجمعهم رابطة قانونية موثقة (عقد الزواج، سجل الحالة المدنية...) وتترتب عن هذه الرابطة مجموعة من الحقوق والواجبات.
مرجحاً تجاوز الروابط الأسرية مستويات القرابة الدموية والقانونية لتعبر عن نوع آخر من الصلات الناجمة عن وجود انتماءات أو حتى اهتمامات مشتركة (مثل المهنة: مثلاً أسرة التعليم أو العدل أو الفن...)، وتحيل على فصيلة ذات أصل واحد، يكون أباً أو أماً أو جداً مشتركاً (فخذ/ عظم)، وأحياناً أخرى تمتد لتصل إلى مستوى جماعة أو قبيلة تتمثل نفسها عرقياً، وكل هذه الدلالات تتقاطع مع ما تفترضه هذه الفئات من اعتبار مكوناتها ملاذاً وسنداً لبعضها البعض (الدرع والحصن)، وبالتالي ضرورة وجود تآزر ولحمة ومودة بين الجميع. ولفت إلى أن مقارنة هذه التحديدات الأولية لمفهوم الأسرة مع ما يرد في بعض المعاجم الأجنبية، يحيلنا إلى نفس الدلالات تقريباً (العيش تحت السقف نفسه، القرابة، الدم، الألفة أو التعايش، الارتباط والتحالف، الزواج وإنجاب الأبناء، الأصل، الاهتمامات المشتركة، تحمل المسؤولية)، مستعيداً اشتقاقها اللغوي، وتلازمه ومجموعة من القيم الثقافية المرتبطة بالأسرة، خصوصاً في اللغة العربية، إذ نجد مثلاً أن الجذر «أسر» يأتي بما يفيد معاني البوح بالسر أو كتمانه، مثل قوله تعالى: «وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً»، فأسرة هنا تعني الإفشاء، كما أنها تعني الكتمان، مثل قوله تعالى: «فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم»، وهذه الدلالة نجدها حاضرة في ثقافاتنا المختلفة التي تعتبر أن (البيوت أسرار)، ونجدها في عدد من تمثلاتنا حول بعض الصفات الحميدة الواجب توفرها في الزوجين، (عدم البوح بخصوصياتهما وبمشكلاتهما للآخرين حتى لو كانوا من أقرب المقربين، خصوصاً المشكلات المرتبطة بالأوضاع المادية للأسرة أو بالأوضاع الحميمية للعلاقة الزوجية)، و«أُسُرُ» تعني قوائم السرير، مع كل ما تختزنه الكلمة من دلالات مرتبطة بالمعاشرة والإنجاب، و كلمة «أَسَرِيَّةُ» خزانة صغيرة لها جانبان من زجاج، وواجهة تضع فيها المرأة أدوات التجميل والمصوغات الخاصة بها، وأيضاً مثل كلمة «أَسْرُ» التي تأتي بمعان متنوعة مثل الخلق والتكوين، كما في قوله تعالى: «نحن خلقناهم وشددنا أسرهم»، وفرس شديد الأسر بمعنى أنه متقن وشديد الخلق، وتأتي كلمة الأسر أيضا بما يفيد القوة، فهي مشتقة من الإسار (بكسر الهمزة)، وهو الحبل الذي تشد به الأحمال فيقال: أسر فلان الحمل أسراً أي أحكمه، (ومن هنا الحديث عن متانة الروابط الأسرية وعن ضرورة تمام عقدة النكاح قبل البناء وعن عدم قطع الأرحام...)، كما تأتي بمعنى القيد «إِسَارُ الأسِيرِ» أو ما يشد ويكبل به، فيقال: «استأسره» أي أخذه أسيراً، كما يقال: «وقع في إساره» بمعنى كان منقاداً له بطواعية، وهنا نتحدث أيضاً عن الزواج وتكوين الأسرة كنوع من الأسر (عقد، التزام، تحمل المسؤولية...) الذي قد يتخذ صبغة اختيارية أو اضطرارية. مضيفاً أن الزواج عند البعض دخول للقفص الذهبي بتعبير البعض (الوقوع في الإسار)، مقترناً بالقدرة على تحمل المسؤولية والامتثال لمعايير المجتمع ونظرته حول ما ينبغي أن تتسم به سلوكيات الرجل المتزوج الملتزم، خصوصاً مسألة احترام أوقات الدخول والخروج من البيت، والأماكن التي يجب أو لا يجب ارتيادها، والصحبة التي يجب مرافقتها أو البعد عنها.
ويتساءل ابن داوود: ما مدى مطابقة النتائج للواقع المعاصر؟ ألم تسهم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في تغير تلك الدلالات؟ وهل من سبيل للحفاظ على القيم الأسرية في أزمنة التدفق القيمي السريع؟
ويذهب إلى أن الحالات التي نصادف فيها تطابقاً شبه تام بين مفهوم ما، وبين مختلف الحمولات الثقافية والقيمية التي يحيل عليها في الواقع الاجتماعي (قليلة)، ويعد مفهوم الأسرة واحداً من بين المفاهيم التي تندرج ضمن مثل هذه الحالات القليلة والدالة، إذ يتماهى الجذر اللغوي «أسر» مع مختلف الدلالات الاجتماعية التي تحملها مؤسسة الأسرة، مشيراً إلى أنه يمكن الجزم بوجود تداخلات أخرى كثيرة بين أصل الكلمة وبين حقلها الدلالي والرمزي، إلى درجة يرتبط فيها أيضاً بمجموعة من العادات والطقوس والرموز والقيم المرتبطة في مجملها بالزواج وبتأسيس الأسرة وإنجاب الأبناء وصلة الأرحام.
وأوضح أن تعريف الأسرة يرتكز بالأساس على الروابط، وتأتي الأسرة في المعجم الوسيط بمعنى: «الدرع الحصينة وأهل الرجل وعشيرته والجماعة التي يربطها أمر مشترك»، وهذا المعنى القائم على الرباط هو الشائع والمتعارف عليه في عدد من الثقافات واللغات المختلفة، بل ويتماهى حتى مع التعريف القانوني للأسرة أو للعائلة عموماً، فهي مؤسسة أولية تتكون من أفراد تجمعهم رابطة قانونية موثقة (عقد الزواج، سجل الحالة المدنية...) وتترتب عن هذه الرابطة مجموعة من الحقوق والواجبات.
مرجحاً تجاوز الروابط الأسرية مستويات القرابة الدموية والقانونية لتعبر عن نوع آخر من الصلات الناجمة عن وجود انتماءات أو حتى اهتمامات مشتركة (مثل المهنة: مثلاً أسرة التعليم أو العدل أو الفن...)، وتحيل على فصيلة ذات أصل واحد، يكون أباً أو أماً أو جداً مشتركاً (فخذ/ عظم)، وأحياناً أخرى تمتد لتصل إلى مستوى جماعة أو قبيلة تتمثل نفسها عرقياً، وكل هذه الدلالات تتقاطع مع ما تفترضه هذه الفئات من اعتبار مكوناتها ملاذاً وسنداً لبعضها البعض (الدرع والحصن)، وبالتالي ضرورة وجود تآزر ولحمة ومودة بين الجميع. ولفت إلى أن مقارنة هذه التحديدات الأولية لمفهوم الأسرة مع ما يرد في بعض المعاجم الأجنبية، يحيلنا إلى نفس الدلالات تقريباً (العيش تحت السقف نفسه، القرابة، الدم، الألفة أو التعايش، الارتباط والتحالف، الزواج وإنجاب الأبناء، الأصل، الاهتمامات المشتركة، تحمل المسؤولية)، مستعيداً اشتقاقها اللغوي، وتلازمه ومجموعة من القيم الثقافية المرتبطة بالأسرة، خصوصاً في اللغة العربية، إذ نجد مثلاً أن الجذر «أسر» يأتي بما يفيد معاني البوح بالسر أو كتمانه، مثل قوله تعالى: «وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً»، فأسرة هنا تعني الإفشاء، كما أنها تعني الكتمان، مثل قوله تعالى: «فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم»، وهذه الدلالة نجدها حاضرة في ثقافاتنا المختلفة التي تعتبر أن (البيوت أسرار)، ونجدها في عدد من تمثلاتنا حول بعض الصفات الحميدة الواجب توفرها في الزوجين، (عدم البوح بخصوصياتهما وبمشكلاتهما للآخرين حتى لو كانوا من أقرب المقربين، خصوصاً المشكلات المرتبطة بالأوضاع المادية للأسرة أو بالأوضاع الحميمية للعلاقة الزوجية)، و«أُسُرُ» تعني قوائم السرير، مع كل ما تختزنه الكلمة من دلالات مرتبطة بالمعاشرة والإنجاب، و كلمة «أَسَرِيَّةُ» خزانة صغيرة لها جانبان من زجاج، وواجهة تضع فيها المرأة أدوات التجميل والمصوغات الخاصة بها، وأيضاً مثل كلمة «أَسْرُ» التي تأتي بمعان متنوعة مثل الخلق والتكوين، كما في قوله تعالى: «نحن خلقناهم وشددنا أسرهم»، وفرس شديد الأسر بمعنى أنه متقن وشديد الخلق، وتأتي كلمة الأسر أيضا بما يفيد القوة، فهي مشتقة من الإسار (بكسر الهمزة)، وهو الحبل الذي تشد به الأحمال فيقال: أسر فلان الحمل أسراً أي أحكمه، (ومن هنا الحديث عن متانة الروابط الأسرية وعن ضرورة تمام عقدة النكاح قبل البناء وعن عدم قطع الأرحام...)، كما تأتي بمعنى القيد «إِسَارُ الأسِيرِ» أو ما يشد ويكبل به، فيقال: «استأسره» أي أخذه أسيراً، كما يقال: «وقع في إساره» بمعنى كان منقاداً له بطواعية، وهنا نتحدث أيضاً عن الزواج وتكوين الأسرة كنوع من الأسر (عقد، التزام، تحمل المسؤولية...) الذي قد يتخذ صبغة اختيارية أو اضطرارية. مضيفاً أن الزواج عند البعض دخول للقفص الذهبي بتعبير البعض (الوقوع في الإسار)، مقترناً بالقدرة على تحمل المسؤولية والامتثال لمعايير المجتمع ونظرته حول ما ينبغي أن تتسم به سلوكيات الرجل المتزوج الملتزم، خصوصاً مسألة احترام أوقات الدخول والخروج من البيت، والأماكن التي يجب أو لا يجب ارتيادها، والصحبة التي يجب مرافقتها أو البعد عنها.