زارت الرئيس التنفيذي للشراكة العالمية للتعليم لورا فريجنتي، المملكة ضمن جولة شرق أوسطية تجري بالتزامن مع استمرار الأزمة التي يمر فيها قطاع التعليم في الدول منخفضة الدخل. وهدفت زيارة السيدة لورا الى إجراء محادثات رفيعة المستوى والاحتفاء باتفاقيات تمويل تعليم تاريخية مع مجموعة من القادة في ثلاث دول رئيسية.
وفي لقاء تم معها على هامش مشاركتها في اجتماع البنك الإسلامي للتنمية السنوي في جدة، علقت فيه على قيام الشراكة العالمية للتعليم والبنك الإسلامي للتنمية، بتخصيص أول دفعة تمويل تقدر بـ 280 مليون دولار أمريكي في التمويل المبتكر للتعليم، وذلك ضمن مبادرة تمويل التعليم الذكي لمجموعة التنسيق العربي، تذهب لصالح دول الكاميرون وجمهورية قيرغيزستان وأوزبكستان. وستكون هذه الدول أول من يحصل على التمويل في إطار مبادرة للنهوض بقطاع التعليم ودعم البرامج الفعالة والمستدامة التي ستمكن ملايين الفتيان والفتيات في تلك الدول من الالتحاق بالمدارس وبدء رحلتهم التعليمية.
ونوهت السيدة لورا خلال اللقاء إلى أن مبادرة التعليم الذكي طورت من قبل الشراكة العالمية للتعليم ومجموعة التنسيق العربية، التي تضم العديد من مؤسسات التنمية المالية العربية. وقد حققت المبادرة 500 مليون دولار أمريكي لدعم التعليم في البلدان منخفضة الدخل، تقدم مجموعة التنسيق العربية منها 400 مليون دولار أمريكي، إلى جانب 100 مليون دولار أمريكي مقدمة من نافذة التمويل المضاعف الخاصة بالشراكة العالمية للتعليم GPE Multiplier، التي هي آلية تمويل مبتكرة تجذب استثمارات من مانحين آخرين. وفي إطار هذه المبادرة فإنه بإمكان 37 دولة الوصول إلى هذه الأموال، وهي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم مجتمعة نحو 28 مليون طفل غير ملتحقين في المدارس.
ومن خلال هذه المبادرة، يظهر البنك الإسلامي للتنمية والشراكة العالمية للتعليم وشركاؤهم العرب في التنمية، الالتزام المتواصل بتوسيع التمويل المتاح لأجل التعليم باعتباره حجر الأساس في التنمية الإقليمية والعالمية.
وعند سؤالها عن كيفية تخصيص المال للبلدان الأولى التي تحصل على التمويل، أوضحت السيدة لورا أنه سيخصص لتدريب المعلمين وتعزيز الالتحاق بالتعليم قبل الابتدائي ودعم طباعة المواد التعليمية وتحسين المباني والمرافق المدرسية. ومن خلال حشد التمويل الإضافي للتعليم، فإن الآليات المبتكرة مثل مبادرة التعليم الذكي تساعد في تعزيز الاستجابات لأزمة التعلم في البلدان منخفضة الدخل، مما يضمن إمكانية وصول الحكومات إلى التمويل بشروط أكثر ملاءمة لبرامج التعليم.
وعن أهمية بناء قوى عاملة أفضل تعليماً وضرورة الاستثمار في خلق مهارات أفضل عبر هذه البلدان، جاء رد السيدة لورا ليؤكد قيام العديد من دول المنطقة بالاستثمار بشكل كبير في التعليم، مدركةً أن وجود قوى عاملة جيدة التعليم ذات مهارات مناسبة هو أمر حيوي، لأنه بهذا الحال تنوّع تلك الدول قاعدتها الاقتصادية وتسعى إلى بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة، وأن الاستثمار في التعليم يساعد الدول على تسريع تنميتها وتجنب الأزمات المستقبلية، أو يمكنها من التعامل معها بشكل أفضل، بما في ذلك المخاطر المتعلقة بالمناخ والبيئة ومخاطر الكوارث. ولفتت إلى أن الجيل من الشباب الأفضل تعليماً سيتفهم أهمية تعليم الفتيات، والفوائد المتناقلة عبر الأجيال التي تعمل على تحسين صحة الأم والطفل.
وعن مدى سوء أزمة التعليم بشكل عام، قالت إن الدول منخفضة الدخل على وجه الخصوص، تواجه أزمة تعليمية حادة تفاقمت بسبب فايروس كوفيد 19. فقبل الوباء كان هناك ما يقرب من نصف الأطفال في العالم في سن العاشرة يكافحون بالفعل لقراءة قصة أساسية وفهمها. أما اليوم فتشير التقديرات إلى أن هذا المستوى أصبح أقرب إلى 70 %. وعلى الرغم من إحراز تقدم في تسجيل الأطفال على مستوى العالم، فغالباً ما يتواجد الأطفال في المدرسة ولكنهم لا يتعلمون شيئاً. ونوهت إلى أن الفجوة بين المهارات التي يحتاجها الأطفال للازدهار وما يطورونه بالفعل في المدرسة تخاطر الآن بالاتساع بشكل كبير، مع عواقب وخيمة على النمو الاقتصادي العالمي وتنمية رأس المال البشري والاستقرار الاجتماعي والسياسي.
وبينما تدرك الحكومات خطورة هذه الأزمة وترغب في زيادة إنفاقها على التعليم، لكنها تواجه ضغوطاً متزايدة لتخصيص موارد إضافية لتحديات مثل انعدام الأمن الغذائي أو التكيف مع تغير المناخ. فقد ارتفعت نسبة تقلص نصيب التعليم من المساعدة الإنمائية الخارجية في العقد الماضي من 11.7٪ في عام 2010 إلى 9.7٪ في عام 2020. وتدعو الشراكة العالمية للتعليم الدول المانحة إلى زيادة نصيبها من مساعدات التنمية الموجهة نحو التعليم، حيث إن التعليم هو مفتاح الاستقرار والأمن.
وعن سبب زيارتها الرياض، ذكرت السيدة لورا أن هذه هي أول زيارة رسمية لها بصفتها الرئيس التنفيذي للشراكة العالمية للتعليم، حيث كان لها شرف العمل في مناسبات عديدة في وقت سابق من حياتها المهنية. وأكدت سعادتها بالعودة إلى هذا المركز الإقليمي الملهم والمبتكر، لمواصلة بناء العلاقات مع أحد أهم الشركاء المانحين الجدد. وأوضحت أن المملكة انضمت إلى الشراكة العالمية للتعليم كمانح في عام 2021، حيث تعهدت بتقديم 38 مليون دولار وهذا مثال قوي آخر على الأولوية التي يوليها القادة في المملكة للتعليم والقيادة الحكيمة التي نراها في منطقة الخليج.
وختمت حديثها بالثناء على جهود المملكة العربية السعودية المتواصلة وسعيها الدؤوب نحو إعطاء الأولوية للاستثمارات في التعليم وتوسيع نطاقها، انطلاقا من إيمانها بأن القوى العاملة المتعلمة والماهرة أمر حيوي وأساسي لتنويع الاقتصادات وتعزيز المجتمعات المسالمة والمزدهرة.