تبذل حكومة المملكة العربية السعودية الغالي والنفيس في سبيل خدمة زوار ومعتمري وحجاج بيت الله الحرام. ولقد شمل ذلك تنفيذ توسعات عديدة للمسجد الحرام. وتهدف رؤية المملكة 2030 أيضاً إلى إتاحة الفرصة للمزيد من المسلمين من أصقاع الأرض لأداء شعيرتي الحج والعمرة بيسر وأمان.
وفي حين توفر توسعات المسجد الحرام مساحات أكبر للمصلين، تبقى مساحة صحن الطواف محدودة أمام الأعداد المتزايدة للطائفين، لأسباب هندسية بحتة. ذلك أن بناء المزيد من المنشآت حول صحن الطواف الحالي لتوسعة المطاف يؤدي إلى ضغط إضافي على الحركة ضمن منطقتي الطواف والسعي وما حولهما، وذلك خلال فترة بناء هذه المنشآت وما بعدها. هذا، ناهيك عما قد ينتج عن بناء منشآت ضخمة من تشويه بصري لمنطقة الطواف.
من هنا تظهر أهمية التعامل مع محدودية «البعد المكاني» للطواف من منظور أوسع. وفي ذلك نشير إلى إمكانية استخدام المركبات الطائرة «ذاتية القيادة» للطواف حول الكعبة، ضمن الحدود الشرعية لمدينة مكة المكرمة، وبارتفاعات مدروسة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك أعداداً من قاصدي بيت الله الحرام يطوفون (ويسعون) حالياً في أدوار أعلى من مستوى الكعبة المشرفة. ويماثل تنفيذ هذا المشروع فكرة بناء أدوار إضافية (أعلى وأوسع) للطواف حول الكعبة، دون الحاجة إلى تنفيذ توسعة للمطاف إنشائياً، ومن ثم تفادي إحداث ضغط إضافي على الحركة ضمن منطقتي الطواف والسعي، وما إلى ذلك.
ويوفر هذا المشروع مساحة لمزيد من الطائفين، بما في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة، بيسر، ودون مزاحمة للمصلين أو الطائفين بالمسجد الحرام أو المنطقة المحيطة به. ويمكن تحقيق ذلك من خلال توفير «محطات تفويج» لانطلاق وعودة مركبات الطائفين الطائرة في مداخل مدينة مكة وفي أرجائها، بما في ذلك أسطح المشاريع السكنية والفندقية الكبرى، دون إضافة أي عبء على منطقتي الطواف والسعي وما حولهما. كما يمكن تطبيق هذا المقترح أيضاً لتوسعة الطاقة الاستيعابية لمنطقة المسعى، ولدعم وتيسير الحركة بين المشاعر.
وبطبيعة الحال هناك الكثير مما يمكن التطرق إليه من حيث ما يتطلبه هذا المشروع من دراسات لإنجاحه. وتأتي الدراسة الشرعية للمشروع على رأس قائمة هذه الدراسات.
أخيراً، وفي حين قد تبدو هذه الفكرة خارجة عن المألوف على عدة مستويات، فإننا نعيش حالياً في عصر الأفكار الريادية غير المألوفة. وتحقق المملكة العربية السعودية في ظل قيادتها الرشيدة تقدماً ملحوظاً في تنفيذ مشاريع جديدة بأفكار رائدة على مستوى العالم. من هنا تأتي أهمية الاستفادة من فرص التطوير الخلاقة للتيسير على المزيد من قاصدي بيت الله الحرام وتفادي دفع تكاليف إضافية نتيجة للتأخر في تبنيها.
* أستاذ سابق في العمارة والتخطيط
ماجستير التصميم العمراني والتخطيط، جامعة هارفارد
دكتوراه في التخطيط، جامعة كاليفورنيا بيركلي
إيميل: telmesani77@yahoo.com