شهد مجلس التعاون لدول الخليج العربية في السنوات الأخيرة تحولاً مهماً في مجال الاستدامة، حيث سعت الدول جميعها إلى ترسيخ رؤاها المستقبلية والتزاماتها بتحقيق مكاسب بيئية. ويبدو جلياً أن الوعي المناخي مرتفع، إذ إن الخطوة التالية المطلوبة هي تحويل هذا الوعي إلى تصرف اعتيادي، الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الجهود المشتركة للمعنيين في المجتمع كافةً.
تقود حكومات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هذه المسيرة من خلال رؤية مستقبلية تعتبر الاستدامة ركيزة أساسية، ولعل خير مثال على ذلك استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) ما يسهم في تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزته منطقة الخليج العربي في مسار ترجمة حوار المناخ إلى إجراءات حازمة.
كما يؤدي المستهلكون أيضاً دوراً مهماً في هذا الأمر. فقد أظهر بحث أجرته شركة فيليب موريس للخدمات الإدارية (الشرق الأوسط) المحدودة، إحدى الشركات التابعة لشركة فيليب موريس إنترناشونال، في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت في عام 2022، أن 68% من المشاركين على استعداد لدفع المزيد مقابل منتج ما إذا أثبتت الشركة التي تبيعه انها تطبق نهج الاستدامة. وفي الوقت ذاته، توافق الغالبية (76%) على أن جهود الاستدامة لشركة ما ستؤثر بشكل إيجابي على قرارها بشراء منتجاتها.
وتؤكد النتائج المشار اليها أعلاه أن الاستدامة لم تعد رفاهية أو طموحاً، بل أصبحت ضرورة تنافسية إذا أرادت الشركات أن تستقطب المستهلك المعاصر. علاوة على ذلك، تؤثر المؤسسات الخاصة، كونها المزود الرئيسي للمنتجات والخدمات، بشكل كبير على مدى استدامة المجتمع. لكن ما تصنعه الشركة لا يقل أهمية عن كيفية تصنيعه، فمثلما يتوجب على الشركات دراسة الآثار الإيجابية والسلبية لمنتجاتها على المستهلكين وعلى المجتمع، ينبغي عليهم أيضاً مراعاة تأثير إنتاج هذه المنتجات على بيئتنا.
من الواضح أن هناك العديد من الأمور الدقيقة التي يجب مراعاتها، ولهذا السبب لا يمكن أن تكون الاستدامة هدفاً نهائياً، إنما استراتيجية مترافقة مع سلسلة من الإجراءات دائمة التحرك.
لا أعتقد أنه يمكن لأي شركة ان تضع معياراً ملموساً واحداً لـلاستدامة بشكل واقعي، لأن ما يمكن إنجازه يتغير دائماً بناءً على متطلبات المجتمع والتقدم في الأساليب والتكنولوجيا التي تفرض معايير جديدة. وبالتالي يشكل هذا الأمر تحدياً بالمعنى الإيجابي لأي شركة لأن التطور هو السبيل الوحيد للاستمرار.
دعونا نفكر للحظة في تطور صناعة السيارات. لدى مصنعي السيارات التزام ورغبة في الابتعاد عن محركات الاحتراق والتوجه نحو السيارات الهجينة والكهربائية. وقد حدد العديد منهم بالفعل مواعيد نهائية لتحقيق أهداف الاستدامة الخاصة بهم. إلا ان تلك الالتزامات لا تحقق الغاية، إذ ينبغي أن تترافق مع مجموعة من الإجراءات مثل تعزيز تبني المركبات الصديقة للبيئة، وإنشاء البنية التحتية، وربما مع مرور الوقت عبر الأجيال القادمة قد تتحول الأقلية اليوم إلى الأغلبية.
ينطبق الشيء عينه على شركة فيليب موريس إنترناشونال، فنحن نواصل مسار التحول في أعمالنا نحو مستقبل خالٍ من الدخان. وعلى الرغم من أن السجائر تمثل نواة أعمالنا، إلا أننا نعمل على استبدالها بمنتجات خالية من الدخان مثبتة علمياً لصالح المدخنين البالغين الذين سيستمرون في التدخين وأولئك الذين يهتمون بهم ومن أجل الصحة العامة.
الاستدامة وأداء الأعمال مترابطان تماماً ويعزز كل منهما الآخر. أفعالنا - التي ترتكز على البيانات والعلوم والحقائق - تتحدث بصوت أعلى من الكلمات. تلتزم شركة فيليب موريس إنترناشونال بالمثابرة بالدفع على التغيير ومناصرة القيم الإيجابية. ونعي تماماً أن على صناعتنا توفير بدائل فعالة خالية من الدخان للبالغين الذين لا يقلعون عن التدخين.
هل هذا يعني اننا شركة مستدامة؟ بالطبع أكثر من الأمس، ولكن ليس بالكامل. وهذا هو بيت القصيد، هناك دائماً المزيد لنفعله كشركة وصناعة ومجتمع. أهم ما في الأمر أن التقدم لا يتوقف أبداً بل يتطلب اتخاذ خطوات من الجميع، ويسعدنا رؤية المجتمع في منطقة الخليج بشكل عام يتقدم على نفس المسار نحو الاستدامة، وعلينا جميعا أن نواصل السير معاً.
الآراء الواردة في هذا المقال تمثل آراء الكاتب فقط.
https://www.uae-embassy.org/discover-uae/climate-energy/cop28
* مديرة التواصل، شركة فيليب موريس للخدمات الإدارية (الشرق الأوسط) المحدودة.