أثار مشهد رمي الأموال في «صناديق اليانصيب» من جانب «جهة تجارية» كوسيلة للتسويق، الجدل بين السعوديين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين متسائل عن مشروعية هذه الطريقة، ومشكك بصدقيتها، وآخرين يرون أنها «حيلة» تخفي وراءها الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات من الجهات المختصة.
هذه الحادثة استدعت التدخل الفوري من جانب وزارة التجارة التي أصدرت بياناً قالت فيه إن جوائز «اليانصيب» التي تقوم على اشتراط شراء السلع والمنتجات مقابل الحصول على جوائز نقدية أو الدخول في سحوبات الجوائز، أو توزيع الأموال داخل المنتجات المعروضة للبيع على المستهلكين؛ تُعدّ من الأنشطة المحظورة في المملكة. واستدعت الوزارة منشآت تجارية وأفراداً معلنين نظموا جوائز على سلع تجارية تقوم على اشتراط الشراء للحصول على جوائز نقدية، مؤكدة العمل على استكمال تطبيق الإجراءات النظامية لإحالة المخالفين إلى النيابة العامة.
ووفقاً لأحكام نظام مكافحة الغش التجاري ولائحته التنفيذية؛ يُحظر اشتراط الشراء في المُسابقات التجارية كشرطٍ للاشتراك، كما نص النظام على عدم جواز تضمين المسابقات ما يخل بمبادئ الشريعة والأعراف المرعيّة في المملكّة.
وشددت الوزارة في بيانها على مراقبة التزام المنشآت التجارية والمعلنين المرخص لهم من الهيئة العامة لتنظيم الإعلام بضوابط تنظيم المسابقات التجارية وفقاً لنظام مكافحة الغش التجاري ولائحته التنفيذية، وعدم إجراء المسابقات التجارية أو الإعلان عنها دون الحصول على ترخيص.
من جهته أكد المحامي خالد المحمادي لـ«عكاظ» أن هذه الطريقة تعتبر مخالفة لنص نظامي. وقال «المفترض أن تكون هناك توعية قبل شهر رمضان، لأن مثل هذه الأساليب التسويقية تكثر في شهر رمضان، سواء من أفراد أو مؤسسات تجارية».
وأشار المحمادي إلى أنه بحسب النظام؛ لا يجوز إجراء تخفيضات في أسعار المنتجات، أو إجراء مسابقات تجارية بأي وسيلة من الوسائل، دون الحصول على ترخيص. وأكد أن المادة 17 من نظام الغش التجاري حددت العقوبة بغرامة لا تزيد على 50 ألف ريال، أو السجن مدة لا تزيد على ستّة أشهر، أو بهما معاً، إضافة إلى أن بيع المنتجات بطريقة «اليانصيب» محرم شرعاً ومخالف للنظام في المملكة.
من جانبه، أوضح المحامي عبدالله محمد الكاسب لـ«عكاظ» أن الواقعة المضبوطة من جانب وزارة التجارة بشأن المقطع المنتشر في جوائز «اليانصيب» محرمة شرعاً ومخالفة نظاماً، فقد جاء في المادة الثالثة من نظام مكافحة الغش التجاري: يكون الخداع في المنتج بوصفه أو عرضه أو تسويقه بمعلومات كاذبة أو مضللة أو خادعة بأي وسيلة بما يخالف حقيقته، كما يعتبر أي من الأعمال التحضيرية للخداع من صور الشروع في الخداع.
وقال الكاسب: «اليانصيب» هي مسابقة يساهم فيها عدد من الناس، بأن يدفع كل منهم مبلغاً صغيراً، ابتغاء كسب مبلغ مالي كبير، أو أي شيء آخر يوضع تحت السحب. ونصّ قرار اللجنة الدائمة في السعودية على أنه محرّم ويدخل تحت الميسر والقمار. وبين الكاسب أن جهة الضبط أو فرعها المختص تتولى إحالة المخالفة ومرتكبيها بعد استكمال الإجراءات النظامية إلى النيابة العامة للتحقيق معهم، وفي حال ثبوت المخالفة تُحال الدعوى إلى المحكمة الجزائية للحكم فيها بعقوبة تعزيرية.
وانتشرت في الآونة الأخيرة حالات مشابهة في شكلها التسويقي من جانب «مشاهير السوشل ميديا»، من خلال الجوائز التي تضع علامات استفهام على ما تخفيه في حقيقتها، ابتداء بتوزيع السيارات الفاخرة، والشقق السكنية، مروراً بصناديق «اليانصيب»، وانتهاء بمقطع متداول عن جوائز للمشتركين عبارة عن «طائرات»! وتشترك هذه الجوائز في آليتها، إذ تتم عبر منصات بث منزلية خصوصاً لدى بعض «مشاهير السوشل ميديا» أو من داخل مستودعات البضائع، ورمى الكرة في ملعب الجهات المختصة، لطمأنة المستهلكين عن صدقية هذه المسابقات والجوائز وموثوقيتها وامتثالها للأنظمة، حفظاً لحقوق جميع الأطراف، وحمايتهم من الغش والخداع.