عكست زيارة وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان إلى بكين التي اختتمها الأسبوع الماضي، المستوى المتميز الذي وصلت إليه العلاقات السعودية - الصينية، عقب إبرام «اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة» بين البلدين التي وقّعها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته إلى السعودية في ديسمبر 2022، وكانت باكورتها اتفاقيات ومذكرات تفاهم حكومية للتعاون في مجالات عدة من بينها الإسكان.
وحققت الزيارة نجاحات متميزة، تماشياً مع مستهدفات رؤية 2030 التي تتضمن ركائزها تنمية قطاع الإسكان، من خلال الإستراتيجيات والخطط التي وضعتها القيادة في سبيل رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن، حيث تضمنت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع عدد من كبرى شركات الإنشاءات الصينية، بهدف الاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تحظى بها المملكة في القطاع العقاري، وتعظيم الأثر الاقتصادي والتنموي للقطاع العقاري في المملكة وتنمية المشاريع السكنية ورفع جودتها، وتعزيز التحول الوطني في قطاع البناء والتشييد، بما يحقق مستهدفات رؤية 2030.
واستناداً للشراكة السعودية – الصينية وبرعاية وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، تم الإعلان عن توقيع اتفاقية بين الوطنية للإسكان وشركة سيتيك الصينية لإنشاء مدينة صناعية ومناطق لوجستية تضم 12 مصنعاً لسلاسل إمداد مواد البناء، تعد نقطة تحول في القطاع، ستسهم في توطين منتجات البناء والتشييد داخل المملكة، لتوفير الدعم اللازم للمشاريع السكنية، ما ينتج وحدات سكنية ذات جودة عالية وسعر مناسب للمواطنين وخلق فرص وظيفية داخل القطاع العقاري.
وحول ذلك، كشف المستشار والخبير الاقتصادي الدكتور علي الحازمي، أن هناك دوراً محورياً على مستوى وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان لتسريع عملية تملك المواطنين لمساكنهم وخلق شراكات داخلية وخارجية، من منطلق العلاقات الوطيدة ما بين المملكة والصين، ونتاجاً للقمم التي عقدت في ديسمبر 2022، وتم خلالها توقيع العديد من المذكرات.
وقال الحازمي لـ«عكاظ» إن قطاع الإسكان لم يكن مستثنى من المذكرات والاتفاقيات الموقعة، لترجمتها وتحولها إلى اتفاقيات على أرض الواقع، إذ إن التجربة الصينية في القطاع العقاري غنية وثرية، والصين من النماذج الاقتصادية التي يحتذى بها عالمياً.
وأكد الحازمي أن من النتائج المهمة للزيارة، ما تم الإعلان عنه بتوقيع «الوطنية للإسكان» اتفاقيات إنشاء مدينة صناعية ومناطق لوجستية تضم 12 مصنعاً لسلاسل إمداد مواد البناء، وهو أمر مهم؛ لأننا لا نستطيع أن نحقق المستهدفات دون أن تكون لدينا الممكّنات لتحقيقها، لذلك فإن هذه الخطوة ستعزز نمو قطاع الإسكان في المملكة بشكل مباشر، وسيكون لها أثر اقتصادي مهم؛ لأن من الملاحظ أن الكثير من الأزمات العالمية تأتي نتيجة اختناق سلاسل الإمداد، ووجود هذه المناطق الصناعية واللوجستية داخل السعودية سيحفز قطاع البناء بشكل كبير، وسيسرّع إنجاز المنتجات الإسكانية، والتملك بشكل مطّرد.
وأشار إلى أن وجود الشركات الصينية داخل السعودية، أو حتى في الصين وتوجيهها لدعم قطاع الإسكان في المملكة سيعطي الاستدامة للمشاريع السكنية ويضمن عدم تعثرها مستقبلا، مضيفاً «لذلك هذه الاتفاقيات ستخدم قطاع العقارات بشكل كبير، وما كان مستهدفاً في البعيد، سيصبح مستهدفاً في القريب العاجل».
ولفت إلى أهمية الاتفاقيات في التوطين، إذ إن السعودية لديها مستهدفات اقتصادية داخلية، من أهمها توطين القطاعات الاقتصادية عموماً، والقطاع العقاري ليس مستثنى من هذا التوطين، لذلك ما يحدث اليوم بين المملكة والصين يأتي من منطلق تحقيق المكاسب للجانبين.
من جهته، أكد لـ«عكاظ» خبير التطوير العقاري الدكتور مجدي حريري، أن تصنيع مواد البناء ركيزة مهمة في التنمية العقارية، وتتضاعف أهميتها في نقل الخبرة وتدريب أبناء الوطن وتوفير فرص العمل لهم، كما أن إنشاء المدينة الصناعية والمناطق اللوجستية لسلاسل إمداد مواد البناء سيسهم في عملية التوسع العقاري، واستقطاب أبناء الوطن، بما يسهم في جودة البناء وتسريعه وإنتاج المواد الإنشائية بأسعار منافسة.
وشدد حريري على أن النهضة التنموية التي يشهدها القطاع العقاري في المملكة متصاعدة بقوة، لذلك فإن سلاسل إمدادات البناء ستسهم في هذه التنمية من خلال توفير الدعم الكامل لها.