بضربة واحدة، أطاحت الولايات المتحدة بذراع الشر الإيراني قاسم سليماني، قاتل الأبرياء في العراق وسورية ولبنان واليمن.
هلك سفاك الدماء ورجل الحرس الثوري الذي ينشر الإرهاب حيثما أراد سادته في طهران، اقتنصت واشنطن فجر (الجمعة) «الصيد الثمين» الذي كان يتنقل مثل شبح خفي في كل مكان. لكن يبقى السؤال: هل يتوقف إرهاب النظام الإيراني بقطع أحد أذرعته؟.
كل الأشخاص المهمين وغير المهمين في العراق يذهبون لرؤيته فهو «من أهم صناع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية» فنفوذه في بلاد الرافدين كبير «إلى حد أن البغداديين يعتقدون أنه هو الذي يحكم العراق سرا».
قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري قتل في مطار بغداد وهو يزور العراق سرا لإعداد خطة استهداف المصالح الأمريكية، رجل غامض لا يظهر كثيرا في وسائل الإعلام، صدامي كان يدير حوار المصالح مع واشنطن، عندما يعتقد أن ذلك مفيد، ومن ثم يقطع قنوات الاتصال عندما لا يكون بحاجة لها، وضمن هذا السياق كانت تأتي براغماتيته في صالحه إلى أن ارتكب حماقة الهجوم على سفارة واشنطن في بغداد فكانت «القشة» التي قصمت ظهر سليماني، فدفع حياته ثمنا لحماقته ودمويته.
وعلى الرغم من أنه لم يكن يتمتع بتدريبات عسكرية ولا بخبرة قتالية، لكنه كان على ما يبدو بارزا بين أقرانه بحيث تمت ترقيته بعد وقت قصير من تلقيه تدريباته الأساسية الخاصة إلى رتبة مدرب، وأرسل في مهمات خاصة داخل إيران.
ومَثَّل قمع تمرد الأكراد المسلح في مدينة مهاباد بين عامي 1979 و1980 خطوة مفصلية في حياة سليماني الوظيفية، إذ شارك في تخطيط وإدارة العمليات العسكريّة لفوج «9 بدر» في ما عرف بـ«الانتفاضة الشيعيّة» ضد حكومة صدام حسين بعد حرب الخليج الأولى.
وأرسل بعدها إلى الحدود الأفغانية لمحاربة عصابات المخدرات التي كانت تسيطر على مناطق شاسعة من الصحارى في محافظات كرمان وسيستان وبلوشستان وخراسان. وأصبح منذ عام 1998 قائد فرقة القدس (نيروي قدس)، خلفاً لأحمد وحيدي، وهي فرقة تابعة لـ«حرس الثورة»، وتتولى تنفيذ العمليات الخاصة خارج البلاد.
وفي العراق، يندر أن تشارك جهة سياسية في الحكومة من دون وجود تفاهمات وعلاقات بينها وبين سليماني بشكل مباشر أو غير مباشر.
وبعد الغزو الأمريكي، بات من الواضح أن طهران أصبحت تنظر إلى العراق على أنَّه ساحة خلفية لها، ساحة إستراتيجية، حتى أن سليماني نفسه هو الذي ساهم مباشرة في تعيين نوري المالكي سابقاً رئيسا للوزراء، وربما لعب دورا أيضا في استبداله بحيدر العبادي، وامتدت يداه الملطختان بالدماء من العراق إلى سورية، فنقل عشرات الآلاف من المليشيات من إيران والعراق ولبنان وبلدان أخرى إليها ليهلك الحرث والنسل.
وفي الملف الفلسطيني، كان سليماني حاضرا بقوة ولعب دورا محوريا في علاقات بلاده مع فصائل المقاومة في غزة منذ عام 2006.
سليماني حاضر في مناطق شاسعة من الجغرافية المحيطة وغير المحيطة بإيران، ويبدو أن الإيرانيين يراهنون على إبقاء المنافسين أو المهاجمين المحتملين في حالة ضعف.
تهديدات سليماني لم تستثن بلدا عربيا، وأثبتت حرب اليمن أن إيران لا يمكن أن تسمح بمقتل عسكري إيراني من أجل «سواد عيون» أي عربي، فهي تلعب بالدم العربي وفي الجغرفيا العربية طالما أنها ترسخ قواعد «الإمبراطورية الفارسية الجديدة».