متظاهرون لبنانيون أمام البرلمان يرفعون لافتة ترفض حكومة حسان دياب أمس. (عكاظ)
متظاهرون لبنانيون أمام البرلمان يرفعون لافتة ترفض حكومة حسان دياب أمس. (عكاظ)
-A +A
راوية حشمي (بيروت) hechmoirawia@
بعد تأليف «حكومة اللون الواحد» برئاسة حسان دياب، صارت السلطة امام ثلاثة تحديات؛ التحدي الأول هو كيفية امتصاص غضب الشارعين السني الناقم على إقصاء سعد الحريري من الحكم، والشارع اللبناني المنتفض منذ 17 أكتوبر الماضي. التحدي الثاني هو كيفية إنقاذ لبنان من الانهيار. أما التحدي الثالث فهو إعادة ترتيب العلاقات مع المجتمعين العربي والدولي ومحاولة كسب ثقتهم.

أما التحدي الأبرز الذي يواجه كل لبنان في ظل حكومة دياب، الذي وصفه دبلوماسي غربي في بيروت أنه «تحد قديم جديد» فيتمثل بالرسائل الأمريكية التي أُعيد إرسالها مؤخراً للقاصي والداني في لبنان بأن واشنطن لم تعد مقتنعة «بالتعايش» مع حزب الله. ووفقاً للمصدر الدبلوماسي فإن واشنطن لم تعد راغبة بسماع وجهة النظر التي تنادي بالتعايش مع الحزب وأن من يريد أن يتحالف مع الحزب ويستمر بالتعاون السياسي معه فهذا شأنه، لكن على هذه القوى أن تتحمل مسؤوليتها في الموقف الذي تتخذه. وفي ضوء كل هذه التحديات، هل حكومة حساب دياب قادرة على المواجهة والصمود؟


حكومة إيرانية لن تستمر

عضو كتلة القوات اللبنانية العميد وهبي قاطيشة اعتبر في تصريح لـ«عكاظ» أن التحدي الأبرز الذي يواجه لبنان على المدى القصير هو «الانهيار» الذي تتجاهله السلطة الحاكمة بأمر البلاد والتي لن تعمل على إنقاذ لبنان، بل إن جلّ همها سيكون في كيفية الحفاظ على مصالحها ومغانمها، وهذا سبب تمسّكها ببعض الوزارات حتى لا تنكشف فضائح الهدر والسرقة التي تمارس داخل الوزارات.

أما على المدى البعيد قال قاطيشة: «إن التحدي الذي يواجهنا هو «التحدي الوجودي»، فلبنان خاضع للهيمنة السورية الإيرانية سياسياً وأمنياً. وأصبح اليوم خاضعاً بشكل علني لهذه الهيمنة، وحكومة حسان دياب هي حكومة سورية إيرانية لا تمثل الشعب ومطالبه وهذا سيضعها ليس في مواجهة مع الشارع وحسب إنما سيضعها في مزيد من العزلة العربية والدولية وهو ما سيقطع الطريق على آخر أمل بالحصول على المساعدات الدولية والعربية».

وأضاف قاطيشة: «السلطة الحاكمة بأمر البلاد تحدت المجتمعين العربي والدولي وشكلت حكومة محورية مفلسة من لون واحد، وهذه الحكومة لن تستطيع إنقاذ لبنان كما يدّعي القائمون على تشكيلها وفق مصالحهم الخاصة، لأن الشروط الدولية واضحة وهم عاجزون عن تنفيذها.

لقد وضعتنا هذه الحكومة في مواجهة على كافة الصعد، أولاً لأنها عاجزة عن إجراء الإصلاحات المطلوبة، وثانياً لأن الانغماس بالمحور الإيراني العلني سيزيد لبنان غرقاً وربما سيؤدي إلى عزلته عربياً ودولياً والأمور ستذهب إلى الأخطر داخلياً لأن السلطة لن تستجيب إلى مطالب الناس».

وختم قاطيشة: «إن هذه الحكومة غير قادرة على الاستمرار ولن يتعدى عمرها الشهر أو الشهرين بعد نيلها الثقة؛ لأن المجتمع العربي والمجتمع الدولي والشعب اللبناني فاقدو الثقة بها. إن مصير لبنان بفضل هذه الحكومة أن يسقط بيد البنك الدولي الذي قد يتسلم إدارة الدولة ليرسم سياساتها المالية والإصلاحية، وهذه الخطوة ليست بالبعيدة عندما يتعذر على حكومة السلطة تسديد ديون الأسرة الدولية».

متجهون إلى تدهور أسرع

من جهته، اعتبر الوزير السابق معين المرعبي في تصريحات إلى «عكاظ» أن التحديات التي تواجه لبنان وجودية وكيانية؛ كونه يدور بفلك إيران وهيمنتها وسيطرتها، وهذا تحد كبير لكل مواطن لبناني ومعني به والمشكلة أنه لم يعد بإمكاننا الاستمرار في دفن الرؤوس في الرمال.

وأوضح المرعبي أن الهيمنة الإيرانية بدأت بالدرجة الأولى من التسوية التي أدت إلى وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، وصولاً إلى «الطامة الكبرى» وهي القانون الانتخابي «المسخ» الذي أعطى ثلثي المجلس النيابي للمحور الإيراني، وهنا بدأ الانحدار السريع من خلال حكومة «استعادة الثقة» ومن خلال حكومة «كلنا للعمل» حيث صار الانحدار إلى الهاوية أسرع حتى وصلنا إلى القعر من خلال السيطرة الكاملة لحزب الله على مجلس الوزراء وكل مفاصل الدولة من خلال حكومة حسان دياب.

لقد اكتمل المشروع الإيراني في لبنان من خلال تشكيل حكومة حسان دياب، وبات بإمكان خامنئي أن يعلن أنه مسيطر على لبنان بأكمله وبإمكانه أيضاً إعلان انضمام لبنان كولاية إيرانية. إن هذه الحكومة هي حكومة محاصصة موصوفة وحكومة الأخصائيين بغير مكانهم المناسب والواضح أن أيا من هؤلاء الوزراء غير قادر على طرح مشروع واحد أو مشروع متكامل، وكل ما سيقومون به فقط هو تنفيذ إملاءات زعماء الطوائف المتحكمين بلبنان.

إن دور الحكومة الحالية هو فقط الحفاظ على مصالح ومكتسبات المتحكمين بأمر لبنان وحماية «عملية نهب المصارف»، فلا إصلاحات ولا حل ولا حتى بإمكاننا البقاء على الحالة الحالية بل نحن متجهون إلى تدهور أسرع مما كنا عليه. إن الهيمنة الإيرانية على لبنان، والنظام السياسي القائم في البلد الذي يغطي سلاح حزب الله سيمنح الحكومة شرعية البقاء وقتاً أطول حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

نرفض هذه السلطة

(بلال. ج) وهو طالب ثانوي شرح لـ«عكاظ» سبب مشاركته ومشاركة طلاب لبنان في ثورة 17 تشرين فقال: «100 يوم مرّت على بداية هذه الثورة، ونحن كطلاب نمثل جزءا من وجع المجتمع اللبناني، ولأننا لم نرضَ رؤية معاناة آبائنا وأمهاتنا تحت وطأة ظلم هذا النظام ومعاناتهم من مآسي الوضع الاقتصادي بسبب سياسات المحاصصة القائمة منذ 30 عاماً وبسبب فقدان جيلنا الذي يعتبر جيل المستقبل لأي فرصة عمل في وطنه بسبب توزيع الوظائف وفقاً للمحسوبيات والاستزلام للأحزاب والطوائف، قررنا أن نثور على هذا الواقع المؤلم. إن نضالنا طويل، وهو حق لنا ودفاعنا مشروع عن حقنا وحلمنا أمام من يسلبنا إيّاها، نحن نحلم بوطن يشبهنا ويشبه طموحاتنا، وهذا الحلم لن يتحقق بوجود هذه السلطة الجائرة. ويضيف بلال لـ«عكاظ»: بعد 100 يوم من بداية الثورة قررنا إطلاق العد العكسي كطلاب إلى جانب الثوار من أجل إسقاط هذا النظام الطائفي الاستغلالي الذي يحكمنا بالقوّة. مستمرون في نضالنا لأننا على حق، «نحن نعتبر بعد 17 تشرين أن مرحلة جديدة قد بدأت من النضال وعلينا الاستمرار وتشكيل اللجان الطلابيّة، وتكثيف اللقاءات والنقاشات حول مستقبلنا، لا وجود لهذه السلطة في المستقبل الذي نسعى له».