-A +A
«عكاظ» (خاص) okaz_policy@
يعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر الشخصيات المنغمسة بالشأن العربي، وزاد ذلك الانغماس بعد موجة ما يسمى بالربيع العربي وانهيار الكثير من الدول العربية وسيطرة الفوضى بدلا من الاستقرار، الأمر الذي دفع تركيا إلى محاولة ملء الفراغ في الكثير من الدول العربية.

ولعل الوضع في ليبيا منذ البداية كان تحت المجهر التركي، إذ كانت تركيا من أوائل الداعمين لإزاحة معمر القذافي ولم تخف دعمها للفصائل المسلحة آنذاك، ومنذ 17 فبراير العام 2011 بدأت العلاقة التركية مع الجناح الإسلامي في ليبيا.


ومع تفاقم الوضع في ليبيا وتطور المواجهات والصراع بين حكومة السراج والجيش الوطني الليبي عادت تركيا إلى الواجهة من جديد، لكن وبحكم طبيعة الجغرافيا لم يكن لدى أنقرة القدرة على التحرك باتجاه ليبيا واتجهت للمجال البحري وإبرام اتفاقية اعتبرها طيف واسع من الليبيين مجحفة بحق السيادة الليبية وغير شرعية. وهنا اتجهت تركيا إلى تونس في محاولة لجلب حليف جديد يساعد في تنفيذ الأجندة التركية. وكانت الزيارة إلى تونس محاولة لتموضع تركي جديد في المنطقة العربية، إلا أن ذلك لم ينجح بسبب معارضة تونسية وطنية واسعة أن تكون تونس أداة خارجية في ليبيا.

اليوم الجزائر هي الوجهة الثانية لتركيا في محاولة لحشد موقف مجاور من ليبيا ينسجم مع الأجندة التركية، إلا أن ذلك في كل الحالات لن يتحقق لتركيا بسبب المواقف العربية حيال الوضع في ليبيا، التي كانت هذه المرة أكثر حسما من قبل، فيما قوات الجيش الوطني تحقق على الأرض تقدما عسكريا يضع حكومة السراج على المحك.

الجزائر المعروفة بأهميتها التاريخية والجغرافية في شمال شرق أفريقيا وجناح العالم العربي في موقف حرج اليوم؛ ذلك أنها في موازنة بين المصلحة العربية الإقليمية والمصلحة التركية، وبالتالي ثمة محددات للموقف الجزائري يجب أن ترتكز على مفاهيم الأمن العربي والإقليمي.